معادلات داعش والقاعدة فى تحولات الكم والكيف بخرائط الإقليم

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم أكرم القصاص

التحولات فى السياسة الإقليمية والدولية، لا تحدث فجأة، تراكم للتغييرات الكمية الصغيرة ينتج تحولا كيفيا، يبدو مفاجئا لكنه أقرب لتأثير نقاط ماء دقيقة تنساب ببطء على صخرة تنهار فجأة، والغليان ينتج من تراكم الحرارة بالتسخين، وحدث قبل سنوات تظهر نتائجه الآن.


طبيعة السياسة، أن تتغير العلاقات والمواقف تبعا للمصالح، وانقلابات تحول العداء والصراع إلى تحالف، هناك دائما سيناريوهات لإعادة تقسيم أو إخلاء أراض لمد خطوط الغاز، أو استقبال لاجئين من هنا أو هناك، للالتفاف على رفض مخططات التهجير، السيناريو يشارك فيه الرئيس السورى الذى رصدت الولايات المتحدة قبل 10 سنوات مكافأة 10 ملايين دولار للقبض على أبومحمد الجولانى وهو قائد تنظيم النصرة.


«الشرع» صعد للرئاسة بعد تغيير معادلة، والإطاحة بالأسد الذى عجز عن قراءة الواقع، فسقط بالتراكم الكمى، لتبدأ سوريا جزءا من إعادة رسم خرائط المنطقة، ويستقبل الاقتصاد الأمريكى آلاف المليارات، ويبرم اتفاقات مع الصين تغلق حرب الرسوم، فى هدنة مؤقتة، وفى انتظار تدخل الرئيس الأمريكى ليرد جزءا من مقابل ما حصل عليه الاقتصاد الأمريكى.


المشهد بالمنطقة نتاج سنوات من التفاعل، بدت فيه بعض التيارات والتنظيمات ضمن سياق التغيير، بينما كانت أطرافا فى حروب بالوكالة، وتمهيد لما يجرى الآن على المسرح، تغييرات فى مصائر التنظيمات والجماعات التى نشأت على ضفاف الفوضى، منذ ما بعد الغزو الأمريكى للعراق فى عام 2003.


كانت بذرة داعش بعد سقوط بغداد، وقرار الحاكم الأمريكى للعراق بول بريمر بحل الجيش العراقى، التقى عسكريون محترفون مع تنظيم القاعدة، صعد أبومصعب الزرقاوى، الأردنى القادم من أفغانستان، حتى قتل عام 2006، لتبدأ مرحلة إعادة بناء تنظيم داعش، بقيادة أبوبكر البغدادى، وهو ضابط عراقى سابق دخل سجون الاحتلال الأمريكى وهرب فى عملية مرتبة مع ضباط سابقين، لتبدأ مرحلة إعادة بناء ما أطلق عليه الصحفى الألمانى كريستوفر رويتر «أكبر تنظيم استخباراتى فى العصر الحديث»، وفى كتابه «السلطة السوداء» اعتمد على وثائق نشرتها ديرشبيجل الألمانية عثر عليها فى منزل سمير عبد محمد الخليفاوى وشهرته «حجى بكر» ضابط عراقى سابق ينسب له التخطيط لإنشاء داعش، سافر من العراق إلى شمال سوريا فى حماية حلف الناتو، وبعد مقتله بمنزله عام 2014، عثر على وثائق خطط داعش وهدف انتزاع جزء من العراق وسوريا لإعلان دولة منفصلة، وهو ما تم 2012، حتى إعلان قيام الدولة الإسلامية، بقيادة أبوبكر البغدادى الذى ظهر يخطب فى جامع النورى الكبير بمدينة الموصل وأعلنها عاصمة للخلافة، وبايعته تنظيمات صغيرة، وكانت هذه أول وآخر مرة يظهر فيها.


ظهرت علاقات داعش بشركات ومؤسسات مالية أوروبية وأمريكية، الأمر الذى مثل تطورا جديدا فى موقف التنظيمات التى لم تكن بعيدة عن المؤسسات والأنظمة الإقليمية، بعد حملة دعائية حول التغيير فى سوريا، كانت نقطة انطلاق لحرب أهلية بدأت بما سمى «الجيش السورى الحر»، الذى اختفى ليفسح المجال لداعش والقاعدة، التى حصلت على ممرات وتمويلات من دول إقليمية، وجندت مقاتلين من دول عربية وأوروبية، وصعد حتى 2017، حيث بدأت تلاحقه الهزائم، بل إن الجولانى دخل فى صراع مع البغدادى، ما بعد إعلان داعش.


وبدأ داعش فى التقلص، لتبدأ عملية «إعادة تدوير الإرهاب فى المنطقة وإخفاء الأدلة»، مع عودة الحديث عن حل سياسى، فى وجود الأسد، وسارعت تنظيمات مثل النصرة بتغيير اسمها الى «أحرار الشام» ومعها تنظيمات غيرت الأسماء وظهرت علنا، بهدف الدخول ضمن أى تسويات سياسية، ترامنا مع إعادة توزيع وتسكين أعضاء داعش غير المعروفين وتصفية واختفاء للقيادات البارزة والمعروفة، ونقل بعضهم إلى ليبيا أو إلى دول أفريقية.


من أبريل 2003، لم تتوقف التفاعلات التى تظهر فى مشاهد لقاءات وتحالفات، فى الشكل والمضمون، هى فى الواقع التعبير الكيفى عن تراكمات وتفاعلات كمية على مدى عقود أوصلته إلى نقطة الغليان، وتفتيت الصخرة تحت إلحاح قطرات الماء.


بالطبع فإن الاعتراف بالسلطة فى سوريا، والشرع، وإسقاط العقوبات وتحرير الأرصدة، كلها جزء من اتفاقات، قد تصل إلى خطوط مخططات التهجير، أو الاستيعاب، لكن هذا أيضا يعتمد على نتيجة تفاعلات قد تسير فى خطوط مستقيمة أو متعرجة، حيث يصبح الماضى الغامض قابلا لإعادة الإخراج والمونتاج، فى مشهد جديد، وهو ما يمكن توقعه مع كل عمل أو حدث، مثل 7 أكتوبر2023، أو 2 أغسطس 1990، والتى تتفاعل لتنتج صورا ومشاهد وصفقات، بعيدا عن نقاط الانطلاق.

 


مقال أكرم القصاص

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمود سعد: وصول النجمة أنغام لمصر وصوتها جميل ومتألق كالعادة

رئيس شركة المحلة للغزل لـ"اليوم السابع": المصانع الجديدة تعيد نهضة شركات الغزل والنسيج المصرية.. أحمد بدر: 1.6مليار جنيه إيرادات في عام واحد وصادرات بـ20 مليون دولار لـ12دولة.. واهتمام حكومي على أعلى مستوى

ترامب يعلن تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب خلال الأسبوع المقبل

ريبيرو يدفع بـ كوكا بدلا من عمر كمال فى بداية الشوط الثاني أمام المحلة

رحيل المذيع عاطف كامل بعد مسيرة حافلة فى ماسبيرو


أخبار مصر.. انخفاض فى درجات الحرارة غدا والعظمى بالقاهرة 34 درجة

تحذير للمصطافين.. "ملتم أغسطس" يصل شواطئ شرق الإسكندرية.. تيارات ودوامات وارتفاع الأمواج 3 أمتار.. رفع الراية الحمراء على كل شواطئ العجمى و6 شواطئ شرقا.. "السياحة" تناشد الرواد اتباع تعليمات منقذ الشاطئ.. صور

الداخلية تضبط المتهمين بالتعدى بالضرب على المواطنين بدراجة نارية

حبس نور تفاحة عامين لاتهامها بنشر الفسق والفجور وبث محتوى خادش للحياء

الطقس غدا.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 34 درجة


الزمالك يستند لفيديوهات وصور لإثبات صحة موقفه من سحب أرض أكتوبر

إمام عاشور "عريس" المواجهة الأخيرة بين الأهلي وغزل المحلة قبل مباراة اليوم

الأهلي فى مواجهة قوية أمام غزل المحلة فى الدوري اليوم.. 98 مباراة جمعت الفريقين.. الصخرة ودروجبا بطلا العميل المزدوج.. إمام عاشور نجم المواجهة الأخيرة.. والشناوى وزيزو وبن شرقى وشريف فى التشكيل المتوقع للأحمر

وزير الخارجية فى رسالة تحذيرية: لن نسمح بإقامة وهم "إسرائيل الكبرى"

موعد مباراة نيوكاسل ضد ليفربول فى الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة

غزل المحلة ضد الأهلي .. موعد المباراة والقناة الناقلة والصفقات الجديدة

استشهاد الصحفية مريم أبو دقة في قصف إسرائيلي على مجمع ناصر الطبي بغزة

أكثر اللاعبين تحقيقا للانتصارات فى عالم كرة القدم.. رونالدو يهزم ميسي

الصين تُصدر إنذارا باللون الأصفر لمواجهة الإعصار "كاجيكي"

تنسيق المرحلة الثالثة.. كيفية التعامل مع موقع التنسيق وتسجيل الرغبات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى