خالد دومة يكتب: العبث المقدس (5)

خالد دومة
خالد دومة

في خطواتنا الأولى نحو الحياة يملأنا الحب, يفيض بكئوسه المترعة, يتخلل جوارحنا يجعلنا أشبه بطائر يسبح في ملكوت السموات, يقطع الأرض ذهاباُ وإياباً في نشوة غامرة, لايحس تعباً ولا إرهاقاً, بل المزيد يريد بلا فتور, استقبلت الحياة حين وعيت على الدنيا, فاتحة ذراعي لها بالحب, كنت أظُن أن الحياة تستقبلني كل صباح ناشرة جناحيها لي وحدي, كنت أظن أن الشمس حين تُشرق على الدنيا, إنما تشرق لي وحدي, كنت أظن أنها تحابيني وتُؤسرني, كأنما أنا طفلتها المدللة, وعشيقتها المجنونة بعشقها, نعم كنت فتاة كمئات الفتيات من حولي, لكنها حبتني بالجمال, عينان واسعتان خضراوان, ووجه مشرق مضيء جذاب, أنف صغير مصقول كحد السيف, وفم دقيق ولسان فصيح يتخلله صوت ناعم رقيق تقطر الحلاوة من شفتيه, وإبتسامة رائقة صافية, وذكاء متوقد, كنت صافية القلب والروح, خفيفة الحركة, أكاد من فرط رشاقتي أطير في السماء, كنحلة تتنقل بين الأزهار, ترتشف رحيق الحب, لتصنع من عسلها شرابا صائغاً للشاربين, كنت أؤسر كل قلب أصادفه في طريقي, في العام 1978 كنت قد بلغت السادسة عشر من عمري, أملك من مقومات الحياة ما تنتفض به كل جارحة من جوارحي, كان لي جمالاً يبهر الجميع, وذكاء تظهر مخايله في نظرات عيني, وملامح وجهي, كنت ودودة محبة للحياة وللناس, كنت أفهم الآخرين من لمحة عين, أتغلغل في أعماقهم, فأراهم كتباً مقرؤة, أخترقت قلوبهم وعقولهم ونفوسهم بمحبتي.

بعد الشهادة الإعدادية, كثيراً ما كنت أجلس في حجرتي, أراجع ما أنتوي عمله في الثلاث سنوات القادمة, أعيد ترتيب أوراقي, وأضع خططي, ثلاث سنوات تفصلني عن الجامعة, عن الخروج من ربقة الأسر, فقد كنت أعلم لماذا أعيش, وماذا أريد, كل شيء منظم عندي, أحترم الوقت والزمن,  أقسمه, فوقت للرياضة, وقت للعمل , ووقت للمتعة, وإن كانت وسائلها محدودة, ولا أترُك شيء للمصادفة والعشوائية, التي يعيشها أغلب الناس أو قل جميعهم, كنت لا أريد أن تمر لحظة من حياتي دون أن أحياها, كنت أشعر بأن الحياة أفضل ما منحنا الله, فلا ينبغي أن نضيع منها لحظة سدى, دون أن يكون لنا أثر فيها ولها أثر فينا, فقللت ساعات نومي؛ لأحظى بقدر أكبر من الحياة, كنت شغوفة بتلك الأنفاس التي تتردد في صدري, علامة أني أحيا وأعيش, أخلصت للحياة إخلاصاً شديداً, فلم أبخل بجهدي وتعبي من أجل تحقيق أملاً راودني, وعزمت للوصول إليه, ولكنها صفعتني على وجهي صفعات كثيرة, ولم تكف, حتى هوت بي إلى حيث لم أتوقع أو يخطر بذهني يوما.

موضوعات متعلقة

خالد دومة يكتب: العبث المقدس (2)

خالد دومة يكتب: العبث المقدس (2) الإثنين، 05 مايو 2025 01:38 ص

خالد دومة يكتب: العبث المقدس (1)

خالد دومة يكتب: العبث المقدس (1) الخميس، 24 أبريل 2025 03:12 م

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ملخص وأهداف مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية

عيد ميلاد أحمد الإبياري.. أحد رواد الكوميديا وأضحك المصريين لعقود

اتحاد الكرة يجتمع اليوم لمناقشة برامج إعداد المنتخبات لأمم أفريقيا وكأس العالم

إنريكى: لا مجال للخطأ أمام إنتر ميامى.. وميسى الأفضل فى التاريخ

غارة جديدة وسط مدينة خان يونس


منتخب شباب اليد يواجه ألمانيا اليوم لحسم المركز الخامس فى بطولة العالم

وزارة التعليم تواصل تصحيح امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025

باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى مواجهة نارية بمونديال الأندية

عرض أولى حلقات مسلسل مملكة الحرير لكريم محمود عبد العزيز.. اليوم

تشيلسى يتأهل لربع نهائى مونديال الأندية برباعية ضد بنفيكا فى 120 دقيقة مثيرة


المتهمان بالاتجار فى المخدرات: بنستخدم دراجة نارية في توزيع الأستروكس

زى النهارده.. جوزيه يقود الأهلى للتعادل مع الزمالك 2-2 فى آخر ظهور بالقمة

ماجدة الرومى تحيى حفلا كامل العدد فى مهرجان موازين بالمغرب.. صور

التحقيقات: المتهم بالنصب على المواطنين بالقاهرة أوهمهم بتسفيرهم للخارج

سيمون آشلي تتحدث عن حذف مشاهدها من فيلم F1 بطولة براد بيت قبل عرضه

شاهد صورة سائق النقل المتسبب فى حادث الطريق الإقليمى ومصرع 19 حالة

فاكسيرا: تصنيع لقاح الكلب محليا بنسبة 100% لأول مرة فى مصر

مفيدة شيحة تحتفل بزواج ابنتها منة الله عماد وسط حضور كثيف.. فيديو وصور

كوانساه على أعتاب ليفركوزن.. وبند إعادة الشراء يمنح ليفربول أولوية الاستعادة

عبير صبري تعلن انفصالها عن زوجها بعد 7 سنوات: ربنا يوفقنا وانفصلنا بكل هدوء

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى