أسيوط تخطو نحو الريادة وتنخرط فى المستقبل الرقمى.. المحافظ: التحول الرقمى ليس وسيلة لتحسين الخدمات الحكومية فقط ونستهدف به تمكينا حقيقيا للشباب.. ويؤكد: نسعى لتحويل المحافظة إلى منصة تكنولوجية

فى الوقت الذى تشهد فيه الدولة المصرية تحولات جذرية نحو الاقتصاد الرقمى، تطفو محافظة أسيوط إلى السطح كنموذج محتمل لريادة هذا التحول فى قلب صعيد مصر. المحافظة، التى لطالما اعتُبرت أحد معاقل الريف المصرى التقليدى، بدأت تخطو خطوات فعلية نحو الرقمنة، فى محاولة لتغيير صورتها النمطية والانخراط فى المستقبل الرقمى الذى ترسمه الدولة.
من الهامش إلى المركز الرقمي
أسيوط، بموقعها الجغرافى الحيوى وكثافتها السكانية المرتفعة، كانت لفترة طويلة تُصنّف ضمن المحافظات التى تعانى من ضعف البنية التحتية التكنولوجية، وهشاشة الخدمات الرقمية. ولكن السنوات الأخيرة حملت تحولًا نوعيًا فى النظرة إلى هذه المحافظة، خاصة مع إطلاق الدولة عددًا من المبادرات الوطنية التى تستهدف تمكين الشباب وبناء قدراتهم الرقمية.
المحافظة دخلت فعليًا فى خريطة التحول الرقمى من بوابة التعليم، والخدمات الحكومية، والمشروعات التنموية التى تستهدف المجتمعات المحلية. تصريحات اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، خلال إحدى الندوات التوعوية الأخيرة، تكشف عن طموح واضح: "نسعى لتحويل أسيوط إلى مركز إقليمى للتدريب الرقمى فى الصعيد، وتمكين شبابها من أدوات التكنولوجيا التى أصبحت لغة العصر".
التحول الرقمى كأداة للتمكين
التحول الرقمى فى أسيوط لا يُنظر إليه فقط كوسيلة لتحسين الخدمات الحكومية، بل كرافعة تمكين حقيقية للشباب. عبر بروتوكولات تعاون مثل الشراكة مع وزارة الاتصالات وبعض المؤسسات، يتم تدريب مئات الشباب من الجنسين على المهارات الرقمية، والعمل الحر، وصيانة الإلكترونيات، وهو ما يعكس انتقالًا فى فلسفة التنمية من الإعالة إلى الإنتاجية.
مشروع "طور وغير" يعد مثالاً حيًا على هذا التوجه؛ حيث استهدف تدريب وتأهيل 1000 شاب وفتاة من أبناء المحافظة، ليس فقط على المهارات التقنية، بل أيضًا على كيفية تحويل هذه المهارات إلى أدوات إنتاج داخل سوق العمل الحر والرقمى. ووفقًا للمهندس محمود ربيع، أحد مسؤولى وزارة الاتصالات، فإن هذه المبادرات "لا تنقل المعرفة فقط، بل تزرع نواة للتغيير داخل المجتمعات المحلية".
مكتبة مصر العامة.. من القراءة إلى التكنولوجيا
فى قلب مدينة أسيوط، تحولت مكتبة مصر العامة من مجرد مركز للقراءة إلى منصة تدريب رقمية، بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدنى ووزارة الشباب والرياضة. هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية فى استخدام البنية التحتية الثقافية لأهداف تنموية تكنولوجية، وهو ما يعزز من مفهوم "التنمية المستدامة المجتمعية".
وفى هذا السياق، يؤكد اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، أن التحول الرقمى لم يعد رفاهية بل ضرورة حتمية، موضحًا: "نضع الشباب فى قلب خطط التنمية، ونسعى لتحويل أسيوط إلى منصة تكنولوجية حقيقية تخدم الصعيد كله، وندعم كل مبادرة تهدف إلى تمكينهم وتدريبهم، لأننا نؤمن أن التكنولوجيا هى مفتاح المستقبل وفرص العمل القادمة."
وأضاف أن المحافظة تتبنى رؤية طموحة تهدف إلى تعميم الرقمنة فى كافة القطاعات، بدءًا من التعليم مرورًا بالخدمات الحكومية وحتى دعم رواد الأعمال الشباب.
الكوادر المحلية مفتاح الاستدامة
أحد أهم مكاسب التحول الرقمى فى أسيوط هو بناء كوادر تدريبية محلية. فقد تم اختيار وتأهيل 13 مدربًا من أبناء المحافظة، بعد اجتيازهم اختبارات دقيقة، ليكونوا نواة نقل المعرفة والتكنولوجيا داخل مجتمعاتهم
من هنا يبدأ الصعيد؟
قد تبدو أسيوط فى موقع الريادة الرقمى مقارنة بغيرها من محافظات الصعيد، ولكن الريادة الحقيقية تتطلب استمرارية وتوسيع دائرة المستفيدين. المبادرات التى تنطلق اليوم يجب أن تُحتضن مؤسسيًا، وتُترجم إلى سياسات طويلة المدى، تدعم الابتكار وريادة الأعمال الرقمية، وتربط التدريب الرقمى بسوق العمل المحلى والعالمى.
Trending Plus