إيلي كوهين جاسوس إسرائيلي اقترب من منصب رئيس وزراء سوريا.. قناة "كان": شارك في خلية تستهدف تخريب مصر بالستينيات.. إيكونوميك تايمز: أرشيفه تضمن مفاتيح شقته في دمشق ورسائل من أرملته تطالب بالإفراج عنه

في الذكرى الستين لإعدام الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين في دمشق عام 1965، أعلنت إسرائيل عن استعادتها أرشيفًا سوريًا رسميًا يتعلق بكوهين، عبر عملية سرية نفذها جهاز "الموساد" بالتعاون مع جهاز استخبارات أجنبى وصفته بالـ"حليف" .
ووفقًا لوكالة "أسوشيتد برس"، فإن الأرشيف المستعاد يضم حوالي 2500 وثيقة، تشمل رسائل شخصية بخط يد كوهين، صورًا، جوازات سفر مزورة، ومقتنيات شخصية تم جمعها من قبل المخابرات السورية بعد اعتقاله، وقد تم تسليم بعض هذه المواد إلى أرملته، ناديا كوهين، خلال مراسم أقيمت في القدس.
صحيفة "تايمز أوف إنديا" أشارت إلى أن هذه الوثائق توفر نظرة نادرة على أنشطة كوهين التجسسية في سوريا، حيث تمكن من التسلل إلى أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية السورية في الستينيات، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية قبل حرب عام 1967.
من جانبها، ذكرت صحيفة "إيكونوميك تايمز" أن الأرشيف يحتوي على وثائق استخباراتية، صور، رسائل مكتوبة بخط اليد، جوازات سفر مزورة، ومفاتيح شقته في دمشق، بالإضافة إلى رسائل من أرملته ناديا إلى زعماء العالم تطالب فيها بالإفراج عنه.
غزة
تفاصيل العملية السرية من الموساد
أوضح بيان مشترك صدر الأحد عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، أن الأرشيف المستعاد يحتوي على نحو 2500 وثيقة أصلية، تشمل صورًا ومقتنيات شخصية ورسائل ووثائق حساسة، من بينها وصية كوهين التي كتبها قبل ساعات من إعدامه عام 1965.
وسلم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومدير الموساد ديفيد برنياع، الوثائق والمقتنيات الأصلية إلى أرملة كوهين، ناديا، من بينها نسخته الأصلية من الوصية التي لم تكن العائلة تملك منها سوى صورة.
مساعدة من استخبارات أجنبية حليفة
وبحسب البيان الرسمي، تمت العملية بالتعاون مع جهاز استخبارات أجنبي وصف بالحليف، دون الكشف عن تفاصيل إضافية، وكشفت الوثائق أن الأرشيف السوري كان محفوظًا في أقسام متفرقة لدى أجهزة الأمن السورية، وظل بعيدًا عن متناول أي جهة طوال عقود.
الأرشيف يضم كذلك تسجيلات من التحقيقات التي أجريت مع كوهين، ورسائل أرسلها لعائلته في إسرائيل، إلى جانب صور توثق أنشطته التجسسية في سوريا، ومفاتيح شقته، وجوازات سفر مزورة، ووثائق استخدمت لتزوير هويته، إضافة إلى صور تجمعه مع مسؤولين سوريين بارزين.
ويعتبر إيلي كوهين من أخطر الجواسيس في تاريخ المنطقة، إذ تمكن خلال أوائل الستينيات من التسلل إلى قلب السلطة في سوريا، تحت اسم مستعار هو "كامل أمين ثابت"، حيث انتحل صفة رجل أعمال سوري قادم من المغرب، ونجح كوهين في بناء شبكة علاقات قوية مع قادة سياسيين وعسكريين، حتى إن تقارير إسرائيلية أشارت إلى أنه كان على وشك تولي منصب رئاسة الوزراء في سوريا لولا تدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بن غوريون، الذي رفض الفكرة.
تم القبض عليه في يناير 1965، بعد أن رصدت أجهزة الأمن السورية إشارات لاسلكية من شقته، وأُعدم شنقًا في ساحة المرجة بدمشق في 18 مايو من العام ذاته، دون أن تُعاد جثته إلى إسرائيل حتى اليوم.
محتويات الأرشيف.. من وصية مؤثرة إلى وثائق تجسس
من أبرز ما تضمنه الأرشيف، الوصية التي كتبها كوهين لزوجته ناديا، والتي قال فيها: "أرجوكِ يا ناديا سامحيني واعتني بنفسك وبأولادنا... لك الحرية في الزواج من غيري، فقط لا تضيعي وقتك في الماضي بل فكّري في المستقبل دائمًا، حيث جاء نص الوصية: "أكتب لكم هذه الكلمات الأخيرة وأوصيكم بان تكونوا على صلة دائمة مع بعضكم، وأرجوكي يا ناديا أن تسامحيني وأن تهتمي بنفسك وبالأولاد وتحافظي عليهم وتثقفيهم تثقيفًا كاملًا، وألا تحرمي نفسك أو تحرميهم من شيء، وكوني على صلة دائمة مع أهلي، ويمكنك الزواج من غيري لكي لا يحرم الأولاد من أب، ولك الحرية الكاملة في ذلك، وأرجوك ألا تمضي وقتك في البقاء على شيء مضى بل فكري في المستقبل دائمًا، وهذه آخر قبلات لي أوجهها إليك وإلى صوفي وإيريس وشاؤول – وإلى جميع العائلة، خاصة الوالدة وأوديت وعائلتها، وموريس وعائلته، وعزرا وعائلته، وسارة وعائلتها، وألفريد وعائلته، ولا تنسي جميع عائلتك العزيزة، ابعثي إليهم آخر سلامي وأشواقي، ولا تنسوا الصلاة على روح والدي وعلى روحي" .وإليكم جميعا آخر القبلات الأخيرة والسلام.
كما شمل الأرشيف وثائق استخباراتية تتعلق بالمهام التي كلف بها، من بينها عمليات مراقبة لقواعد عسكرية سورية في القنيطرة، وطلب مراقبة أهداف حساسة.
وكانت المخابرات السورية قد جمعت هذه المواد عقب اعتقال كوهين، واحتفظت بها ضمن ملف شامل، شمل أيضًا مراسلات زوجته مع قادة العالم لإنقاذه، إلى جانب ملف خاص عنها لدى أجهزة الأمن السورية.
عمليات متواصلة لاستعادة الرفات والممتلكات
استعادة الأرشيف تأتي ضمن سلسلة من العمليات التي تنفذها إسرائيل منذ سنوات في محاولة لاسترجاع ما تصفه بـ"الملفات المفقودة"، فقد سبق للموساد أن استعاد ساعة يد كوهين في 2018 خلال عملية خاصة ، في حين كشفت تقارير عن وساطات بين إسرائيل وروسيا لاسترجاع رفات كوهين.
ومع سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، كثفت تل أبيب تحركاتها لاستعادة رفات جنودها المفقودين في سوريا، حيث أعلنت مؤخرًا عن استرجاع رفات الجندي تسفي فيلدمان الذي فُقد في معركة السلطان يعقوب عام 1982 خلال حرب لبنان الأولى.
من هو إيلي كوهين؟
وُلد إيلي كوهين في مدينة الإسكندرية عام 1924 لعائلة يهودية سورية الأصل، وهاجر إلى إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي، وجند في جهاز "الموساد"، وأُرسل إلى الأرجنتين ومنها إلى سوريا، وبحسب الرواية الإسرائيلية، فقد تدرج في النفوذ حتى أصبح مقربًا من رؤوس السلطة في دمشق، بما في ذلك الرئيس أمين الحافظ، ورئيس الوزراء صلاح البيطار، ومؤسس حزب البعث ميشيل عفلق.
وتشير تقارير إلى أن وزارة سورية عرضت عليه تولي رئاسة الحكومة، ما يعكس مدى اختراقه للنخبة السياسية، وقد كشفت قناة "كان" الإسرائيلية أن كوهين سبق أن شارك في خلية تخريبية في مصر خلال الخمسينيات، قامت بعمليات تفجير تهدف لإثارة الفوضى.
دور المخابرات المصرية
وفي رواية مختلفة، أكد الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل أن المخابرات المصرية هي من كشفت هوية كوهين، بعد أن تعرف عليه أحد الضباط في صور التقطت له إلى جانب الرئيس السوري خلال جولة تفقدية. تم تمرير المعلومة للمخابرات السورية، التي راقبته لفترة قبل أن تعتقله وتقدمه للمحاكمة.
Trending Plus