توران شاه.. لماذا انقلب المماليك على آخر سلاطين الأيوبيين في مصر

تمر اليوم، ذكرى رحيل توران شاه ملك مصر والشام في الفترة من 1249 - 1250 وكذلك كان آخر سلاطين الأيوبيين الفعليين على مصر، إذ قتل فى 2 مايو من عام 1250، بعدما اتفق على مقتله قادة الجيش من المماليك البحرية، وكان أكثرهم ممن شرائه فى عهد والده، وتم ترقيتهم حتى صاروا قادة للجيوش، وكان يبغض توران تلك السياسة.
وبحسب ما ذكر فى المجلد السادس، من موسوعة "النجوم الزاهرة" لابن تغر بردى، يتضح أن توران شاه لم يكن رجل سياسى، فرغم أنه كان فى بدايته اشتبشر الناس به خيرًا، إلا أنه اظهر ما نفر منه الجميع، ويذكر المؤلف انه احتجب عن الناس أكثر من أبيه العادل، وكان إذا سكر يجمع الشموع ويضرب رؤسها بالسيف فيقطعها ويقول "هكذا أفعل بالبحرية" يقصد مماليك أبيه الذى جعلهم بقلعة البحر بجزيرة الروضة، ثم يسمى مماليك أبيه بأسمائهم، وإهانتهم.
كما كان يرسل لزوجه أبيه شجرة الدر، التى سافرت إلى القدس بعد وفاة والده، ويهددها ويطلب منها المال والجواهر، فخافت منه، ممن جعلها تكتب العديد من الشكاوى للمماليك، فاتفق الجميع على قتله، وفى يوم 27 محرم وهو جالس على السماط فضربه بعد المماليك بالسيوف التى أدت لقطع أصابع يبده، ثم دخل البرج الخشب وكان بفارسكور حينها، وصاح: "من جرحنا؟"، قالوا الحشيشية. فقال: "لا والله البحرية، والله لا أبقيت منهم بقية".
ولم يكن تورانشاه في عيون العسكر المماليك مثل والده الصالح أو جَده الكامل، فقد رأوا رعونته مبكرا، وعرفوا ما كان يضمره نحوهم، وكان من أول الدلائل التي رآها المماليك على تهور السلطان تقليله من قدر القائد ومدبر الدولة فخر الدين بن الشيخ الذي استُشهِد في معركة المنصورة.
ولهذا السبب خاف كبار الأمراء المماليك على أنفسهم وامتيازاتهم، ففي الوقت الذي كان والده الصالح أيوب يقرِّبهم ويعطيهم الإقطاعات التي تُدِر عليهم الأموال الوافرة، بدأ تورانشاه في إعفاء الأمراء المماليك من مناصبهم وتعيين بعض مَن جاؤوا معه من حصن كيفا بدلا منهم قبل حسم المعركة مع الصليبيين بصورة نهائية، وهو للحق إعفاء لم يكن له أي داعٍ في ظل هذه العملية العسكرية ضد الصليبيين، يقول المؤرخ ابن العميد: "شرع المعظّم يُبعِد غلمان والده وقرابته، ويُقرِّب غلمانه الذين وصلوا معه من الشرق، فجعل مسرور الخادم أستاذ داره، وصبيح أمير جانداره (المسؤول عن البريد السلطاني) وكان عبدا حبشيا فحلا، وأمر أن يُصاغ له عصا من ذهب، وأنعم عليه بالأموال والألطاف، وعزل غلمان والده (الأتراك) وأساء إليهم وإلى جماعة من مماليكه وتهدَّدهم، فاجتمع منهم جماعة واتفقوا على قتله".
Trending Plus