قضاة "فيس بوك" والمرافعة فى سبيل "اللايك"!

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم أكرم القصاص

كل قضية تظهر تجد الكثير من الخبراء والمعلقين، الذين يعينون أنفسهم شهودا ومباحث ونيابة وقضاء، يصدرون أحكاما، ويبالغون فى إطلاق واستعمال المعلومات المضروبة والأخبار المفبركة، والنتيجة أن الشائعات تحل مكان المعلومات، ونرى خبراء فى كل شىء، وهو نتاج تفاعلات واتساع أدوات ومواقع التواصل، بجانب لجان مهمتها إطلاق وتشويش حول كل القضايا، لدرجة أن البعض ممن يعانون من الدونية، مستعدون لتصديق بعض منصات الكذب بل ومصادر العدو، أكثر من المعلومات، ثم إن هناك بعض الحملات والتريندات تنطلق اعتمادا على بعض أو طراطيش المعلومات.


قبل سنوات فى ظل اتساع وانتشار القنوات الفضائية، وبرامج التوك شو كانت هناك ظاهرة محامين وقضاة التوك شو، حيث كان هذا النوع من أنصاف المعروفين يلجأون إلى البرامج ليتحدثوا فى القضايا الموكلين فيها، ويفشلون فى كسبها وتنتقل المرافعات من المحاكم إلى شاشات الفضائيات، ويسعون للتأثير على الرأى العام وكسب التعاطف، بينما البرامج تريد نسب مشاهدة.


للأسف كان هذا فى الغالب على حساب القضاء، بل وأحيانا كان المحامى يعرف أنه خاسر للقضية فيسارع بعمل ضجة أمام الشاشات بحثا عن تعاطف، ومع ظهور فيس بوك وأدوات التواصل ويوتيوب اتسعت هذه الظاهرة، فلا يبذل هؤلاء نصف جهدهم فى الترافع أمام القضاء أو تقديم دفوع، احترف بعضهم هذه الطريقة، ونجحوا فى تحقيق شهرة مكنتهم من تصيد زبائن اكتشفوا أنهم ضحايا الفراغ.


نقول هذا بمناسبة ما أصبح عليه الحال فى كل قضايا الرأى العام، حيث يحتل بعض هؤلاء منصات التواصل، ليبدأوا التعليق على بوستات مزيفة أو معلومات ناقصة، ويتحول كل منهم إلى شارلوك هولمز، أو كونان المحقق، جاهزون لكل شىء، لدرجة أنهم يستبقون التحقيقات فى أى حادث، ليبدأوا فى رسم سيناريوهات غالبا ما تكون خاطئة.


والواقع أنه بعد 25 يناير اتسعت هذه الظاهرة، ورأينا خبراء فى كل شىء من الاقتصاد إلى استرداد الديون ومن السياسة والدساتير إلى المجارى المائية، وظهرت أعداد من المحامين خرجوا من تحت طقاطيق الأرض، وأعلنوا تطوعهم فى القضايا التى يعرفون أنها تحظى بتغطية صحفية وسوشيالية، وبعضهم أطلق على نفسه المحامى الوحش، والمحامى الدولى، والعابر للمحيطات والقافز بالزانة، وكانوا يتدافعون وأحيانا يدفعون من أجل الظهور، والحديث فى أى كلام، من دون أن يكون لدى أى منهم أى فكرة، ونفس الأمر فى قضايا الشهداء وغيرهم، وبعض هؤلاء كان مجهولا فحقق شهرة وأصبح ناشطا وخبيرا وسمسارا و«بتاع كله»، وصدق نفسه بعد أن ركب الموجات، وأصبح يفتى فى كل شىء ويتصدر الصور والمنصات واللعب والحاجات، وما زلنا نتذكر بعض هؤلاء عندما نشرت «الجارديان» تقريرا عن ثروات، وبدأت عملية تقسيمها على الشعب واتضح أنه تقرير مضروب.


ومع أن القضاء هو المكان الطبيعى لنظر القضايا فإن موضة المحامى الفضائى أو الافتراضى هى الجلوس مكان القضاة وإصدار أحكام فى كل شىء، وشغل الناس بتريندات ليست كلها حقيقية، والهدف كسب مشاهدين وليس تبرئة أبرياء.


ومع هؤلاء هناك زعماء دخلوا للصورة بحثا عن الكاميرات، والواقع أن برامج التوك شو ومواقع التواصل ساهمت فى تلميع هواة ومحترفى الأضواء، لدرجة أن قطاعا من الرأى العام صدق بعضهم ومشى وراءهم، ووصل بهم الحال أن يصدق بعضهم نفسه أنه هؤلاء ومشى وراءهم، قبل أن يكتشف أنهم غير متفرغين للثورة ولا للمرافعة، هدفهم فقط الكاميرات واللايكات، وكثير من هؤلاء كانوا يقولون آراء على صفحاتهم وحساباتهم، تختلف عن قناعاتهم، والشهرة تحتم عليهم تبنى آراء تعجب الريتويت، ويجيدون المزايدات والمجانيات، ظنا أنهم غسلوا أنفسهم من تراب السمسرة.


وهذا مثال من أمثلة كثيرة على ظواهر أفرزها عصر التوك شو والسوشيال ميديا، تجعل الصورة أهم من الأصل، والدعاية أهم من الحقيقة، والمرافعة أمام الكاميرات أو على فيس بوك أهم من الترافع أمام المنصات.

p.8
المقال بالعدد المطبوع
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الاتحاد السكندرى يواجه المصري بالسلوم اليوم في أولى ودياته

سامح عبد العزيز.. رحيل صادم وتاريخ مشرف فى السينما والدراما

سيناريوهات تنتظر السائق المتسبب فى وفاة 18 فتاة على الطريق الإقليمى بعد حكم المشدد

انتحار جندى إسرائيلى فى لواء غولانى بعد مثوله للتحقيق مع الشرطة العسكرية

الطريق إلى مجلس الشيوخ.. غلق باب الترشح للانتخابات اليوم.. ولجان قضائية لفحص المستندات والتحقق من صفات المرشحين.. وعرض القوائم وأسماء المترشحين فى اليوم التالى لغلق باب الترشح.. و3 أيام فقط للطعون


شريف إكرامى يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ42

وفاة المخرج سامح عبد العزيز بعد تعرضه لوعكة صحية والجنازة من مسجد الشرطة

شرم الشيخ تتحول لأولى الوجهات السياحية الخضراء فى مصر.. "اليوم السابع" يرصد إنجازات مشروع "جرين شرم".. الاعتماد على الطاقة الشمسية والتوسع فى وسائل المواصلات الكهربائية.. ووقف استخدام الزجاجات البلاستيكية.. صور

زى النهارده.. الأهلى يعلن التعاقد مع محمد الشناوى قادما من بتروجت

عمر مرموش يتفوق على محمد صلاح في سباق الأغلى بالدوري الإنجليزي


محمد شوقي يرفع الحمل البدني للاعبي زد للاستعداد بقوة للموسم الجديد

منتخب الناشئين يواصل تدريباته استعدادًا لكأس العالم

فيلم F1: The Movie لـ براد بيت يتخطى الـ300 مليون دولار عالميا

غدا.. آخر فرصة للتقديم على وظائف فى البوسنة برواتب تصل 52 ألف جنيه شهريا

موعد بداية استعدادات الأهلي للموسم الجديد وعودة ريبيرو من أسبانيا

محمد عواد يرحل بنفس سبب وفاة أحمد عامر.. أزمة قلبية مفاجئة

وداعًا للطوابير.. تعرف على خطوات الاستعلام عن مخالفات السيارات أونلاين

وفاة المطرب الشعبي محمد عواد.. وأمينة والعيسوي ينعيانه بكلمات مؤثرة

إنبى: حصل تضارب فى تصريحات عبد الناصر والشريعى

أرملة شهيد الواحات: مكالمة السيدة الأولى جبرت بخاطرى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى