أحمد فؤاد نجم شاعر عمل بائعا متجولا وترزى.. ما كتبه صلاح عيسى

يصف الكاتب الراحل صلاح عيسى سيرة أحمد فؤاد نجم الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده بأنها سيرة غير عادية فى كتابه "شاعر تكدير الأمن العام، الملفات القضائية للشاعر أحمد فؤاد نجم"، حيث يقول: "ولد فى عزبة نجم إحدى القرى التابعة لمركز العباسية، بمحافظة الشرقية، وكان والده محمد عزت نجم، لا يزال يعمل ضابطا للشرطة، حين تزوج ابنة عمه هانم مرسى نجم، وحملها معه إلى القاهرة التى كان آنذاك يعمل بشرطتها، لتنتقل معه بعد ذلك إلى الإسكندرية وطنطا والسويس، وأخيرا بنها، وفى أواخر سنوات عمره، ترك العمل بالشرطة، وعثر على وظيفة مدنية بوزارة المالية، وعين رئيسا لخزينة محكمة الزقازيق، فعاد إلى عزبة نجم التى لا تبعد عنها سوى 24 كيلو مترا، وبنى لأسرته منزلا، بينما أقام هو بالقرب من عمله بالزقازيق".
يضيف عيسى: "كان أحمد فؤاد الذى أطلق عليه أبوه هذا الاسم تيمنا باسم الملك أحمد فؤاد، فى السادسة من عمره، حين مات أبوه فى عام 1935، تاركا غيره بنتين هما مديحة وصفية، وثلاثة أبناء من الذكور هم عبد العزيز ومحمد ونجم، فضلا عن شقيقه الأكبر الذى اختفى فى زحمة السفر والتنقل بين البلاد".
حين مات الأب لم يترك وراءه ثروة تحمى أسرته من غوائل الزمن فارتبكت حياة الأسرة، يذكر عيسى: "ترك أحمد فؤاد الكُتاب، وبدلا من أن يواصل التعليم به ليلتحق بعد ذلك بالأزهر الشريف، التحق بالعمل فى الحقول، وبعد عام وفى عام 1936 ألحقته الأسرة بملجأ الزقازيق الخيرى، ضمن مائة وخمسين طفلا من الأيتام والفقراء، وكان الملجأ يوفر لهم إقامة كاملة، فضلا عن التعليم العام والتدريب المهنى، وخلال السنوات التسع التى قضاها فى الملجأ، تعلم مهنة تفصيل الملابس".
غادر الملجأ عام 1945 ليتنقل من عمل إلى آخر، من الحقول إلى صبى تزرى فى القاهرة، حيث نقله معه أخوه الذى التحق بالعمل فى مطبعة مصر ثم بائعا متجولا بين عربات الترام، ثم عاملا فى مصنع للغزل، وفى عام 1948 عمل "ترزى" لثلاث سنوات بمعسكرات القاعدة البريطانية بمنطقة قناة السويس، وخلالها تفتح وعيه السياسى من خلال الاحتكاك المباشر بقوات الاحتلال، وبزملائه العمال، وبعناصر الحركة الوطنية المصرية التى كانت تهتم اهتماما خاصا بكل ما يجرى داخل القاعدة.
فى عام 1959 قُبض عليه بتهمة الاشتراك مع زميل له فى تزوير استمارات حكومية، ليحصلا بمقتضاها على بضائع يبيعانها ويحصلان على ثمنها وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات ليخرج بعدها إنسانا آخر.. يتذكرها فى سيرته: "ثلاث سنين قضيتهم فى سجن أرميدان بتهمة التزوير غيروا خط سيرى، وقلبوا حياتى، وخلقوا منى كائن جديد.. كائن إيجابى بقت له اهتمامات عامة تأثر بها وأثر فيها فى حدود إمكانياته".
يذكر عيسى أنه أحمد فؤاد نجم تعرف على ثلاثة من الكتاب الشيوعيين هم الروائى "عبدالحكيم قاسم، والناقد سامى خشبة، والصحفى حسين شعلان، واستمع منهم ما يحفظونه من شعر فؤاد حداد، الذى كان معتقلا هو الآخر آنذاك بمعتقل الواحات".
صدر ديوانه الأول «من الحياة والسجن» بعد الإفراج عنه فى 11 مايو 1962، ووفقا لـ«عيسى»: «كان صدور ديوانه الأول هو المناسبة التى تعرف فيها على الشيخ إمام عيسى، وخلال السنوات الخمس التالية التفت حولهما مجموعة من الشعراء والفنانين والمثقفين، وجدوا فيما يقدمانه فنا جيدا يستلهم الموروث الشعبى فى الشعر والموسيقى، وخلالها كتب نجم، عددا من القصائد لحنها إمام، كان من بينها على حسب واد قلبى، وعصفور وصياد، وأبوك السقا مات، والحمام الإمرى، فضلا عن قصائد أخرى كتبها الشاعر فؤاد قاعود".
Trending Plus