غزة تختبر صبر لندن والتجارة أول الضحايا.. ستارمر يجهز عقوبات ضد بن غفير وسموتريتش بعد "عرابة الاستيطان".. بدء إجراءات الاعتراف بدولة فلسطين.. بيع الأسلحة لإسرائيل تحت مجهر البرلمان..وجارديان تكشف سر تغير اللهجة

تصاعد الغضب البريطانى بسبب حصار إسرائيل للمساعدات فى غزة ببطء حتى أطلق وزير الخارجية ديفيد لامى أشد انتقاداته لإسرائيل منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة أكتوبر 2023، وخلال الأيام القليلة الماضية اتخذت لندن إجراءات ضد تل أبيب فى محاولة لدفعها لفك الحصار أكثر من تلك التى اتخذتها منذ بدء الصراع.
قال دبلوماسى بريطانى سابق كان يعمل فى الشرق الأوسط: "لقد اختيرت اللغة بعناية، وكانت ببساطة غير مسبوقة. إنها تمثل نقطة تحول"، ووفقا لصحيفة الجارديان، تحولت لغة الخارجية البريطانية بشكل حاد، فحتى لو لم يكن خطاب ديفيد لامي وأفعاله متطابقين، إلا أنها هامة فى الدبلوماسية وقد تركت كلمات ممثل "متطرف وبغيض" لوصف حليف قديم أثرا على المشهد الإعلامى العالمي.
تفسير تعليق لامى لمحادثات التجارة الحرة بديهى فتراكم صور الأطفال الهزيلين، وتهديدات بعض الوزراء الإسرائيليين بـ"تطهير" غزة، وعجز الأمريكيين الواضح عن إقناع إسرائيل بقبول أن وقف إطلاق النار الدائم ثمن مشروع لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، كلها أمور تجاوزت كل الاحتمال.
لكن الإحباط تصاعد منذ أن التقى جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلى، بلامى فى زيارة كان من المفترض أن تكون غير معلنة فى 16 أبريل وركز الموضوع الرئيسى للاجتماع، الذى وصفته وزارة الخارجية بأنه خاص، بشكل كامل على شؤون الدولة، وتحديدًا الحصار الإسرائيلى على المساعدات الإنسانية فى غزة، والذى بدأ فى 2 مارس، أى قبل أكثر من ستة أسابيع.
لتبدأ بعدها سلسلة من التغييرات على الساحة السياسية فى بريطانيا، أدان لامى الحصار منذ البداية، وفى 17 مارس، وصفه فى مجلس العموم بأنه انتهاك للقانون الإنسانى، وهو قرار اضطر للتراجع عنه لأن سياسة الحكومة تقضى بأن المحاكم الدولية فقط، وليس حكومة المملكة المتحدة، هى التى تُصدر أحكامًا بشأن انتهاكات القانون الدولى، وبغض النظر عن الوضع القانونى الدقيق للحصار الإسرائيلى، وصفه لامى بأنه "غير مقبول ومثير للقلق الشديد".
لكن الاجتماع مع ساعر لم يكن على ما يرام وعندما سألته صحيفة التلجراف عن نبرته، قال ساعر: "دائمًا ما تكسب شيئًا ما بتوضيح حججك ونواياك" وأصر على أن منع المساعدات ليس شكلًا من أشكال العقاب الجماعى أو غير قانوني.
تزايد قلق المملكة المتحدة بشأن الخطط الغامضة لمؤسسة غزة الإنسانية، التى كان من المقرر أن تبدأ عملياتها الإغاثية فى نهاية مايو. وكان من المقرر أن يشرف على المؤسسة جيك وود، وهو عسكرى أمريكى سابق أدار فريق روبيكون، وهى منظمة تُوزع المساعدات الإنسانية أثناء الكوارث الطبيعية.
وفى الوقت نفسه، كان وزير الخارجية الهولندى، كاسبار فيلدكامب، أبلغ المملكة المتحدة خلال زيارته لندن فى 6 مايو بأن الاتحاد الأوروبى سيراجع علاقاته التجارية مع إسرائيل، ما يعكس تغيرًا فى المزاج العام داخل حكومته، وربما فى أوروبا أيضًا.
فى بداية الأسبوع، أثمرت الجهود الدبلوماسية. فقد أفضت جولة تفاوضية دبّرتها بريطانيا يوم الاثنين إلى بيان مشترك من 27 جهة مانحة، معظمها دول غربية، تُؤيد قلق فليتشر بشأن مؤسسة غزة الإنسانية.
وقالت الجهات الـ27: "لا ينبغى تسييس المساعدات الإنسانية أبدًا، ويجب عدم تقليص مساحة الأراضى الفلسطينية أو إخضاعها لأى تغيير ديموغرافي". ورغم استئناف المساعدات بشكل محدود كما أعلن بنيامين نتنياهو، إلا أن الجهات المانحة لا تزال تُحذّر: "الفلسطينيون يواجهون المجاعة".
بعد ساعات، تدخل رئيس الوزراء الكندى، مارك كارنى، ورئيس الوزراء البريطانى، كير ستارمر، والرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، مجددًا مستخدمين لغةً غير مسبوقة، وجاء فى بيان مشترك: "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكرى المتجدد وترفع قيودها على المساعدات الإنسانية، فسنتخذ إجراءات ملموسة أخرى ردًا على ذلك".
من ضمن الإجراءات، أعلنت الحكومة البريطانية، تعليق مفاوضات اتفاقية تجارية مع إسرائيل وأضافت أنها استدعت سفيرة إسرائيل تسيبى حوتوفلى على خلفية توسيع العمليات العسكرية فى قطاع غزة وقال لامى، إن حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل عن أصدقائها وشركائها وتقوض مصالح الشعب الإسرائيلي.
كما استجوب البرلمان البريطانى ثلاثة وزراء مسؤولين عن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل لشرح الثغرات المحتملة فى القوانين والإجابة عن أسئلة بشأن مخاوف من إرسال أسلحة لاستخدامها فى قطاع غزة، واستدعى ليام بيرن، رئيس لجنة الأعمال المختارة فى البرلمان وزير التجارة، دوجلاس ألكسندر، والوزراء المعنيين من وزارتى الخارجية والدفاع بتقديم تفسيرات عاجلة.
واستهدفت الحكومة البريطانية أفراد بارزين بين الإسرائيليين، حيث أعلنت الحكومة البريطانية فرض عقوبات على دانييلا فايس، المستوطنة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة والمعروفة بـ"عرابة حركة الاستيطان"، حيث صرح لامى بأن هذه الخطوة تظهر تصميم لندن على محاسبة المستوطنين المتطرفين فى ظل ما تعانيه المجتمعات الفلسطينية من عنف وترهيب، ودانييلا فايس، البالغة من العمر 79 عامًا، هى زعيمة منظمة استيطانية متطرفة تدعى "ناشالا" (أو الوطن)، والتى فرضت عليها عقوبات أيضًا، ولعقود لعبت فايس دور بارز فى تأسيس المستوطنات اليهودية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية اللتين تحتلهما إسرائيل.
وفى خطوة قد تعتبر الأكبر حتى الان، قالت صحيفة الاندبندنت البريطانى، إن رئيس الوزراء كير ستارمر يقترب من فرض عقوبات على كبار أعضاء حكومة بنيامين نتنياهو وسط دعوات من أعضاء البرلمان لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل فى مقدمتهم وزير الأمن القومى الإسرائيلى ايتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بالإضافة إلى آخرين، كما كشفت صحيفة الجارديان أن المحادثات الرسمية حول إمكانية الاعتراف بدولة فلسطين من قبل حكومة لندن ستبدأ يوم الجمعة.
Trending Plus