عصام عبد القادر يكتب عن حتمية الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية: توظيف التطور التقني التعليمي في بناء الإنسان.. تأهيل وإعداد أجيال لسوق العمل.. أهمية التوجيهات الرئاسية

عندما ننظر إلى الذكاء الاصطناعي، وما تمخض عنه من تطبيقات، وأدوات احترافية، تسهم في إنجاز مهام، يصعب حصرها؛ فإن واقع توظيفها قد بات الآن في كل مجال من المجالات العملية، والعلمية، والتعليمية، والحياتية، وهنا يمكننا أن نشير إلى تعدد، وانتشار المزيد من البرامج الاحترافية التقنية، التي أضحت تحاكي عقولنا البشرية بصورة مذهلة؛ حيث تقوم بمهام غاية في الدقة، بعد توفير المدخلات، التي تساعد في تحقيق المستهدف، وهذا دون مواربة، يساعدنا في تنظيم ما لدينا من أفكار؛ وعلى أثر ذلك يمكننا أن نتخذ من القرارات، التي تصب في مصلحة العمل، أو الأداءات المنشودة، والمخرجات التي نسعى إلى إنجازها.
الذكاء الاصطناعي يتميز بخاصية العمل على معالجة المعلومات بغض النظر عن حجمها، وطبيعتها بآلية تحقق المستهدف منها، وهذا ما يؤكد أن المحاكاة من التطبيقات الذكية للعقل البشري، يتمخض عنه مهارات ذكية توصف مستويات الأداء بها بالكفاءة؛ حيث تمر بمهارات أكثر نوعية منها، التحليل، والربط والاستنتاج، والاستنباط والإدراك، ناهيك عن صورة الاستفادة الوظيفية من الخبرات السابقة بشكل مبهر، وفي خضم ذلك يمكننا أن نحقق أقصى استفادة من الأجهزة الذكية، التي نحوزها في كافة المجالات، ومنها على وجه الخصوص مجالنا التعليمي.
المناهج التعليمية تمخضت معالجتها عن صور من الذكاء الاصطناعي، كما قامت فلسفة الذكاء الاصطناعي على فلسفتها؛ حيث إن الذكاء الاصطناعي يُعد أحد علوم الحاسب المستحدثة؛ إلا أنه قد تمخض عن تمازج ثورة النظم التقنية الحاسوبية مع مبادئ المنطق، والرياضيات، والنظريات النفسية؛ فقد استهدف في مكنونه الفهم العميق لطبيعة التفكير البشري؛ ليحاكي الذكاءات المتعددة لديه، بل، يتفوق عليها؛ كي يتمكن من حل مشكلات، ومواجهة تحديات بعينها؛ ومن ثم تصنع، وتتخذ القرارات في ضوء معلومات، وبيانات، وخبرات موثوق فيها.
فلسفة التربية تقوم على العقل الذي يبتكر الطرائق، التي من شأنها أن تحدث تعديلًا في سلوك الإنسان، بل، تبني فكره، وتمده بالخبرات المتنوعة؛ ومن ثم تعمل على غذاء وجدانه؛ كي يصبح مؤهلًا لخوض غمار تحمل مسئولياته في الحياة المفعمة بالتحديات، والنشاطات، وهنا نتحدث عن توظيف أنماط الذكاء الاصطناعي؛ حيث نمط ذو الذاكرة المحدودة كأنظمة القيادة الذاتية، وآخر قائم على ّ نظرية العقل؛ إذ تتفهم الآلة المشاعر الإنسانية، وتتفاعل، وتتواصل بصورة وظيفية؛ بالإضافة إلى نمط ثالث متقدم يستهدف الوعي الذاتي، وفيه يتم الاستغناء عن العنصر البشري شيئًا فشيئا؛ ليؤدي المهام التي تصعب على الإنسان القيام بها.
المناهج التعليمية التي تستهدف صقل خبرات توظيف الذكاء الاصطناعي في المجالات المتعددة، والمتنوعة؛ تجعل فلذات الأكباد قادرين على الإنتاجية، والعطاء المستدام، ولديهم طموحات، وتطلعات غير متناهية، دون شك تتمخض من رغبتهم المتقدة في الإعمار، ناهيك عن حب إضافتهم لحضارتهم، التي يستمدون منها إرثهم الثقافي بما فيه من قومية اللغة، ومسك القيم النبيلة، والخلق الفضيل القويم، والعادات الحسنة، التي يتبادلها جيل تلو الآخر.
أضحت التطبيقات الذكية شريك أصيل في بناء إنسان هذا العصر المفعم بالتقنية، متسارعة التطور على مدار الساعة، وهنا نود الإشارة إلى أن ساحتنا التعليمية تتوافر في أرجائها العديد من التطبيقات، والبرامج المرتبطة بالذكاء الاصطناعي؛ لتقدم من خلالها الخبرات التعليمية بصورة، وظيفية لفلذات أكبادنا؛ كي يتمكنوا من اكتساب مفرداتها في مجالاتها المعرفية، والمهارية، والوجدانية، في ضوء إرشادات واضحة، تساعدهم على أن ينغمسوا في أداء ما يوكل إليهم من مهام تعليمية؛ ليبدوا استجابات متنوعة، يتم تقييمها، وتقديم تغذية راجعة فورية، فاعلة حيالها من خلال التطبيقات الذكية، كما تقدم لهم مسارات تتسم بالإثرائية، تؤدي بصورة مقصودة إلى تعميق خبرات التعلم لديهم؛ ليصلوا إلى مرحلة الابتكار.
توظيف التطور التقني التعليمي في بناء الإنسان عبر التطبيقات الذكية، تخلق تفاعلًا بين كل من المعلم، والمتعلم في البيئة التعليمية، قائمًا على فلسفة تنظيمية إجرائية، يؤدي فيها كلاهما دوره بحرفية، وبقناعة تامة، بما يُسهم في تحقيق ما أقررناه من أهداف سلوكية، تجاه موضوع التعلم، الذي يمثل جزءً من المحتوى التعليمي المقرر، والذي بدوره يُعد أحد مكونات المنهج الدراسي، وهنا يتوجب علينا أن نهتم بأمر التخطيط، بما يتضمنه من اختيارات صحيحة للتطبيقات الذكية، التي تتناسب مع طبيعة مفردات الخبرات المراد اكتسابها.
حري بالذكر أن استخدام، وتوظيف أدوات، أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في بيئاتنا التعليمية ليس بالأمر العصي؛ فنتاج ذلك يتمخض عنه الحصول على الترجمة، صحيحة التراكيب، والمعني، والمقدرة على تنظيم لغة الحوار البناء، وترتيب، وترابط النصوص بهدف استخراج العلاقات الارتباطية، والتمكن من تلخيص محتوى معرفي ضخم، وإمكانية الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بموضوعات لها تجارب، أو خبرات سابقة، ومن ثم إمكانية صياغة أسئلة من محتوى ما؛ بالإضافة إلى أنظمة الدردشة التي تحدث تفاعلًا محمودًا، يستلهم منه طرفا العملية التعليمية المزيد من الأفكار المتجددة، ناهيك عن كتابة مقالات وفق متغيرات بعينها، والعمل على وضع الإرشادات التلقائية للبرمجيات، التي تستخدم في العملية التعليمية، وهنا نتحدث عن الوقت، والجهد اللذان يتم توفيرهما.
الذكاء الاصطناعي بات توظيفه أمرًا لا يقوم على الاختيار، بل، طفت على الساحة متغيرات، تجبرنا على ذلك، منها النوازل، التي مرت بنا، وهذا ما جعلنا نستعين بالمنصات التعليمية الرقمية، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكنها أن تتعرف على ما لدى المتعلم من قدرات مرتبطة بالسلوك، وآليات التفكير، التي يمتلكها، وطرائق تفاعله مع المهام، والوظائف المنوطة به، وتفضيلاته التعليمية، والثقافية، وميوله العلمية، ومن ثم يمكنها من رسم محددات الشخصية لهذا المتعلم بصورة تتسم بالدقة، وعلى مستوى تقويم الفرد، يمكن إجراء الاختبارات بتنوعاتها، ومجالاتها؛ لتشخص مستوى المتعلم، وتتعرف على مدى تقدمه العلمي بصورة دقيقة، ومعيارية.
اهتمام الرئيس بتضمين الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية يستهدف التمكين، والريادة لأجيال الحاضر، والمستقبل على السواء؛ فيصبح لدينا أصحاب التفرد المهاري، المطالعون للمعرفة في سياقها الصحيح، والمحدث، والذين يتشكل وجدانهم المهني، والعلمي بصورة سليمة، وفق التغيرات التقنية المتلاحقة في شتى ميادين سوق العمل؛ ومن ثم تصبح هنالك جاهزية لدى شبابنا الواعد في البقاء على مسار المنافسة في سوق العمل على المستويين المحلي، والدولي، وهذا في حد ذاته استثمار حقيقي في تعليمنا المصري، بما يحقق رؤية البلاد الطموحة بصورة وظيفية.
الذكاء الاصطناعي كما يسهم في بناء الفرد؛ فهو يعمل على تأهيله، وإعداده أجيال لسوق العمل، وهذا ما وجه إليه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ كي يصبح لدينا مقومات الاستثمار التقني، الذي يُعد أحد الروافد الرئيسة للدخل القومي؛ ومن ثم يدفع بعجلة الاقتصاد في هذا المجال الحيوي؛ لذا يمكننا أن نستكمل مسار نهضتنا المستحقة عبر شباب واعد، يمتلك القدرة، والكفاءة في شتى مجالاتها مواكبًا التطور في صورته الشمولية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
Trending Plus