محكمة دولية تنظر أول قضية تعقيم قسرى فى بيرو بعد وفاة امرأة عام 1977

نظرت المحكمة الدولية  لحقوق الإنسان ، مقرها فى كوستاريكا،  فى أول قضية تعقيم قسري في بيرو - والثانية التي تصل إلى هذه المحكمة - بعد وفاة امرأة عام 1997 من منطقة ريفية فقيرة خضعت للإجراء كجزء من برنامج من قبل حكومة الراحل ألبرتو فوجيموري.

وفي جلسة الاستماع العامة التي عقدت كجزء من الدورة 176 للمحكمة، أصدرت المحكمة حكمها بشأن مسؤولية الدولة البيروفية عن الأحداث، وأدلت  عائلة الضحية وخبراء من الجانبين، بشهادتهم،  ومن الممكن أن يصدر قرارها خلال ثمانية أشهر.

وفى تسعينيات القرن العشرين، تعرضت أكثر من 300 ألف امرأة بيروفية فقيرة للتعقيم القسري، وكان الهدف هو منع هؤلاء النساء من الإنجاب كي لا تتكاثر سلالتهن، واليوم يطالبن بإحقاق العدالة وتقديم تعويضات لهن.

وكانت هذه أكبر حالة تعقيم قسري تم توثيقها على الإطلاق في أمريكا اللاتينية،  وفي ذلك الوقت، استخدمت الدولة هياكل الصحة العامة لتهديد هؤلاء النساء أو خداعهن وتعقيمهن دون علمهن، وفقا لتقرير بصحيفة لوباريزيان الفرنسية.

وتتناول القضية المعروضة على لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان الشكوى التي تزعم عدم وجود عدالة في بيرو في وفاة سيليا راموس دوراند، وهي امرأة تم تعقيمها في عام 1997 في سن 34 وتوفيت في 22 يوليو من ذلك العام بعد معاناة لمدة 19 يومًا في أعقاب سكتة قلبية أثناء خضوعها لعملية جراحية.
وتعتبر قضية راموس هي الأولى في البيرو التي تصل إلى لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان. لكن المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان نظرت بالفعل في قضية أولى تتعلق بالتعقيم القسري، عندما أدانت الدولة البوليفية في عام 2016 لتعقيم امرأة كانت لا تزال تحت التخدير بعد عملية قيصرية.
وكانت الضحية البيروفية جزءًا من برنامج وطني للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة تم تنفيذه خلال إدارة الرئيس السابق الراحل ألبرتو فوجيموري (1990-2000).
وفي بيرو، هناك تحقيق مفتوح في المزيد من حالات التعقيم القسري، بما في ذلك حالة سيليا راموس، وبدأ هذا التحقيق في عام 2002، وبعد مرور ما يقرب من عقدين من الزمن، في عام 2021، قدم مكتب المدعي العام شكوى ضد فوجيموري وثلاثة وزراء صحة سابقين في إدارته بتهمة المسؤولية غير المباشرة عن الإصابات الخطيرة والوفيات اللاحقة لخمس نساء. ومع ذلك، في عام 2024، أمرت السلطة القضائية النيابة العامة بإعداد شكوى جديدة لتكييف القضية مع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.

وتُعد قضية التعقيم القسري واحدة من القضايا الأكثر رمزية في بيرو ، وفي نهاية القرن العشرين، سعت السلطات السياسية إلى الحد من معدل المواليد بين الفقراء والسكان الأصليين، متجاهلة حقوقهم، كاستراتيجية للحد من الفقر في البلاد، بحسب النيابة العامة.

وقالت عالمة الأنثروبولوجيا كيمبرلي ثيدون، الخبيرة التي أدلت بشهادتها في جلسة الاستماع، أنها بعد 25 عاماً من العمل في المناطق الريفية في بيرو، تمكنت من الاستنتاج في دراساتها أن التعقيم القسري حدث وقت وفاة راموس دوراند كجزء من "سياسة الدولة التي تستهدف النساء الفقيرات والأصليات والريفيات والأميات، وهو ما يشكل شكلاً من أشكال التمييز والوصم".

وأضافت أن هذا البرنامج تم تنفيذه خلال نزاع مسلح في بيرو (1980-2000) وكان يستهدف النساء لمحاربة الفقر والتخريب: "لأن الفقراء هم الذين لديهم أكبر عدد من الأطفال، الأطفال الذين يمكن أن يكونوا جزءًا من التخريب، كان ذلك شكلاً من أشكال الحرب الإنجابية".

وتذكر ثيدون أن العسكرة كانت حاضرة لأن العاملين في مجال الصحة خرجوا إلى المجتمعات المحلية للترويج للبرنامج، برفقة الجنود، وأن المعارض المحلية أقيمت حيث تم تقديم "ربط قناة فالوب" في مقابل الطعام، وهو ما يمكن اعتباره إكراهًا على قبول الإجراءات الطبية.

وأشار ثيدون إلى أن الدولة تشترط أيضًا تحديد حصص لعدد المرضى بالنسبة للأطباء. وقال "كان هناك بعض الأطباء الذين احتجوا لأن ذلك كان غير إنساني،  حيث اضطروا إلى تعقيم ما يصل إلى 300 امرأة في ثلاثة أيام".

وتزعم عائلة راموس دوراند أن المرأة أُجبرت، من خلال الإكراه والمضايقة والضغط، على التوقيع على نموذج موافقة لإجراء عملية التعقيم.