أسرار قصر البارون.. تفاصيل فاخرة من العالم القديم

رغم فخامته، لم يكن قصر البارون كبيرا فى عدد طوابقه، فهو مكوّن من طابقين وبدروم، يضم الطابق الأول صالة كبيرة و3 حجرات، اثنتان للضيافة، والثالثة خصصها البارون للعب البلياردو، أما الطابق العلوى، فكان يحتوى على 4 غرف للنوم.
أما البرج الملحق بالقصر فكان تحفة قائمة بذاتها تشمل 4 طوابق يربطها سلم حلزونى مزين بالرخام والصفائح البرونزية المنقوشة، ويمتاز بزجاج بلجيكى بلورى يسمح للرؤية من الداخل للخارج دون العكس.
وكان الطابق الأخير من البرج، هو ركن التأمل الخاص بالبارون، حيث اعتاد أن يجلس فيه وقت الغروب لاحتساء الشاى وسط صمت الحديقة الغنّاء، التى كانت تملأ محيط القصر بزهور ونباتات نادرة من كل بقاع الأرض.
نفق إلى الأبدية.. أسرار القصر
من بين أسرار القصر أيضا، ذلك النفق السرى الذى يربطه بالكنيسة المجاورة كنيسة البازيليك، والتى لا تزال قائمة حتى اليوم، ودفن فيها البارون إمبان فى 22 يوليو 1929، تنفيذا لوصيته التى أراد فيها أن يظل قريبا من قصره حتى بعد الموت.
من بيت أسطورى إلى معرض يحكى تاريخ الحى
بعد أن مر القصر بسنوات من الإهمال والغموض، عاد ليُفتح أبوابه من جديد يوم 30 يونيو 2020، بعد انتهاء أول مشروع متكامل لإنقاذه وترميمه، إذ صار القصر اليوم معرضا يحكى تاريخ حى مصر الجديدة، ويعيد رواية الحلم الذى بدأه البارون على الرمال، فصار مدينة قائمة بذاتها، فهو قصر بناه رجل طموح، لكنه لم يترك مجرد جدران، بل ترك قصة، تختلط فيها الأسطورة بالهندسة، والحلم بالرخام، والشمس التى لا تغيب.
حين أضاءت فيلا شامية سماء القاهرة الملكية
وغير بعيد عن قصر البارون، وعلى بعد خطوات من كنيسة إنجيلية عريقة، يقع قصر آخر أكثر تواضعا فى حجمه، لكنه لا يقل فى فرادته وبهائه، إنه قصر الفريد بك شماس.
كان الفريد شماس تاجرا ذا أصول شامية، استقر فى مصر، وبنى فيلا صغيرة لكنها مبهرة، لدرجة أن الأهالى أطلقوا عليها اسم «قصر» تقديرا لفخامتها، ولا يزال هذا القصر قائما شامخا، يطل من جهة على شارع الثورة، ومن الأخرى على شارع كليوباترا، وتزين بوابته حرفا اسمه بالإنجليزية، كما تنتشر خلفه مساحة شاسعة من الحدائق المورقة.
لكن القصر لم يدخل التاريخ بسبب صاحبه وحده، بل بسبب عروس ملكية، ففى عام 1937، خطب الملك فاروق الشابة صافيناز ذو الفقار - التى ستُصبح لاحقا الملكة فريدة - وكانت عائلتها تقيم بالإسكندرية، فلم يكن لهم مقر إقامة فى القاهرة، اختار الملك هذا القصر، واستأجره من مالكه لتقيم فيه خطيبته مؤقتا طوال فترة الخطوبة التى استمرت قرابة ستة أشهر، وكان يتردد عليها فيه من حين لآخر.
وفى مساء 19 يناير 1938، ازدانت واجهات القصر بالأنوار والرايات، واحتشد المئات من سكان مصر الجديدة لمشاهدة العروس الملكية فى ملابس الزفاف، عزفت الفرق الموسيقية ألحان الفرح، ورقصت الخيول العربية على أنغامها، وزين الجيران قصورهم بالمصابيح والرايات، وتحولت مصر الجديدة إلى مدينة حالمة متلألئة.
وفى ظهيرة اليوم التالى، خرجت فريدة من هذا القصر، لتُزف إلى الملك فاروق فى قصر القبة، وتُصبح ملكة مصر، وبعد الزفاف، عاد القصر إلى مالكه، لكنه ظل شاهدا حيا على واحدة من أكثر اللحظات رومانسية وبهاء فى تاريخ القصور المصرية.
حي مصر الجديدة

Trending Plus