أسواق البيانات.. من مورد رقمى إلى وقود استراتيجى فى عصر الذكاء الاصطناعى

في ظل التقدم المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، يشهد العالم تحوّلًا نوعيًا في قيمة البيانات وطرق تداولها، لم تعد البيانات مجرد مواد خام رقمية، بل أصبحت موردًا استراتيجيًا تتنافس عليه شركات التقنية الكبرى،مما أفرز أسواقًا جديدة مخصصة لتزويد نماذج الذكاء الاصطناعي بالوقود الذي تحتاجه: البيانات.

وأصبح من الواضح أن النماذج الحديثة للذكاء الاصطناعي، مثل النماذج اللغوية الكبيرة، تحتاج إلى كميات هائلة من المعلومات لتتمكن من التعلم والتطور.

وبعد أن استُهلكت أغلب مصادر البيانات المتاحة للعموم، تحوّلت الأنظار نحو مجموعات البيانات المملوكة، مثل أرشيفات المحتوى التعليمي أو قواعد بيانات الشركات، والتي ارتفعت قيمتها بشكل ملحوظ.

وفي السياق نفسه، بدأت شركات تمتلك بيانات عالية الجودة، مثل دور النشر التعليمية ومنصات المحتوى الرقمي، في ترخيص أو بيع تلك البيانات، مستفيدة من الطلب المتزايد عليها، وهذا الاتجاه أوجد بيئة خصبة لظهور "أسواق بيانات الذكاء الاصطناعي" كقطاع مستقل داخل الاقتصاد الرقمي.

لكن القصة لا تقف عند البيانات الحقيقية فقط؛ إذ تشهد البيانات الاصطناعية أيضًا، والتي تُنتج بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي، ازدهارًا كبيرًا.

وتُستخدم هذه البيانات في تطبيقات مثل التدريب على القيادة الذاتية وتطوير أنظمة المحاكاة، وتعدّ بديلاً مبتكرًا عند نقص البيانات الواقعية أو عند الحاجة إلى تنويعها.

في المقابل، يسلط الخبراء الضوء على دور البيانات غير التقليدية، مثل الفيديوهات والخرائط والبيانات العلمية، التي بدأت تدخل بقوة إلى ساحة تدريب النماذج و هذه الأنواع من البيانات، التي كانت في السابق معقدة التحليل أو يصعب الوصول إليها، أصبحت الآن أكثر قابلية للاستخدام بفضل القدرات المتزايدة للذكاء الاصطناعي.

ويطرح التوسع السريع في هذا المجال  تحديات تتعلق بخصوصية البيانات وحقوق ملكيتها، فالدول والهيئات التنظيمية تراقب هذه الأسواق عن كثب، وتعمل على وضع أطر قانونية تنظم استخدام البيانات، بما يضمن حماية المستخدمين ويحدد مسؤوليات الجهات المطوّرة.

وتتفق معظم التقديرات على أن الشركات التي تتبنى استراتيجيات مرنة لإدارة بياناتها سواء من خلال فتح بياناتها للترخيص، أو تحديث بنيتها التحتية الرقمية، أو التكيّف مع المتغيرات القانونية ستكون الأوفر حظًا في اقتناص الفرص التي يوفرها هذا الاقتصاد الناشئ.