المصريون القدماء والفلك.. تميزوا بقوة الملاحظة وميلهم للأشياء العملية

تميز المصري القديم بمعرفته العامة في مجموعة كبيرة من المجالات الحياتية المختلفة، حيث برع المصريون القدماء في الطب والهندسة والعلوم وغيرهم، وذلك بالإضافة إلى اهتمامهم الكبير بعلم الفلك الذي تمكنوا من خلاله متابعة النجوم والكواكب وغيرها من الأجرام السماوية.
وحسب ما جاء في كتاب موسوعة مصر القديمة (الجزء الثاني) في فصل بعنوان "العلوم المصرية" إن معلومات المصريين العامة عن علم الفلك لا تختلف كثيرًا عن المعلومات الكلدية الأشورية فيما يختص بالأجرام السماوية، وتدل المصادر الوثيقة على أنه كان هناك علاقات متصلة بين القطرين منذ حوالي 2400 ق.م. وهو العهد الذي نزحت فيه أقوام كلدية وأشورية إلى أراضي الدلتا.
ولا بد أنه كانت توجد بين البلدين علاقات قبل هذا الوقت ولكنها كانت ضئيلة.
وتنحصر مميزات الفلك المصري على وجه خاص باختراع النتيجة المصرية، على أن بعض علماء الفلك عارض أخيرًا في البحوث التي قام بها العلماء في موضوع النتيجة المصرية قائلًا إنها لا ترتكز على أساس علمي.
رصد الشمس
والواقع أن المصري القديم كان يمتاز عن باقي أمم العالم بقوة ملاحظاته وميله إلى الأشياء العملية وبعده عن الفلسفة ونظرياتها كما نرى ذلك في بحوثه في علم الرياضة والطب والهندسة وغيرها.
ولا أدل على ذلك من أنه كان في (عين شمس) كاهن خاصّ لمراقبة سير الشمس يسمى الرائي العظيم، وكذلك كان في المعابد جماعات كهنة لمراقبة سير النجوم، على أن تقسيم السنة إلى أشهر قمرية كل منها ثلاثون يومًا، أكبر دليل على معرفة تامة بمنازل القمر.
أنواع الأجرام السماوية عند المصري
أما النجوم فتذكر لنا متون الأهرام من عهد الدولة القديمة أنها كانت تنقسم إلى نوعين: النجوم التي لا تفنى "إخموسك" أي التي تكون دائمًا ظاهرة في السماء. ثم النجوم التي لا تتعب وهي النجوم السيارة "إخموورز" وقد عرف المصري من الأخيرة الخمسة التي ترى بالعين العارية وهي المشتري، وزحل، وعطارد، والمريخ، والزهراء، وقد شوهدت منذ الدولة القديمة على الأقل. أما النوع الثاني فينحصر في 36 نجمًا قد خصصها المصريون لمعرفة الوقت، وكان كل منها في نظرهم يعتبر إلهًا لعشرة أيام من الثلاثمائة والستين يومًا التي تتألف منها السنة البسيطة ويخرج من ذلك أيام النسيء الخمسة. وأقدم قائمة بأسماء هذه الآلهة وجدت على غطاء تابوت من الدولة الوسطى في طيبة، وقد عثر على قوائم أخرى لهؤلاء الآلهة في مقابر الملوك «سيتي الأول ورعمسيس الرابع»، وكذلك وجدت مرسومة في سقف معبد الرمسيوم وفي معابد البطالسة. أما البروج الاثنا عشر فلم تظهر إلا في العصور المتأخرة جدًّا وقد استعيرت أسماؤها من أسماء البروج اليونانية التي نقلتها بدورها عن الكلدية فهي ليست مصرية، وهذه البروج هي: الحمل، والثور، والقوس، والعقرب، والسرطان، والأسد، والسنبلة والميزان، والدلو، والحوت، والجدي، والجوزاء.
أسماء الشهور ظهرت في العصر المتأخر
ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن أسماء الشهور التي تعزى إلى مصر قديمًا قد نشأت في العهد الإغريقي القبطي، غير أن أسماءها قد أخذت من أسماء أعياد قديمة كانت تقام للآلهة الذين سموا بها، وهي خمسة أيام: النسيء ثم توت وبابه وهاتور وكيهك، ويتألف منها فصل الفيضان. ثم طوبة وأمشير وبرمهات وبرمودة ويتألف منها فصل طلوع النبت. ثم بشنس وبئونة وأبيب ومسرى، ويتألف منها فصل الصيف. وكان اليوم في نظرهم ينقسم إلى اثنتي عشرة ساعة نهارًا واثتني عشرة ساعة ليلًا مهما كانت فصول السنة، وقد كانت تقاس أوقات اليوم بساعات على أنواع مختلفة منها الساعات الشمسية أو المزولة، وهي آلة تعرف ساعات النهار بوساطة الظل، ولا يزال الفلاح المصري يستعملها حتى الآن، وساعة مائية وهي إناء ذو حجم معين مقسم إلى أقسام كل منها يفرغ في زمن محدد وقد عثر على واحدة منها، أما خلال الليل فكانت كذلك تعرف الساعات بمراقبة النجوم ورصدها.
Trending Plus