سِككٌ إلى السَكينة.. قطار المشاعر يخدم آلاف الحجاج يوميا

في قلب المشاعر المقدسة، حيث تهفو الأرواح وتتهادى الخطى إلى منى وعرفات ومزدلفة، يشق قطار المشاعر طريقه صامتًا لكنه صاخب بالأثر لا يرفع صوته، لكنه يختصر آلاف الخطى وملايين القصص.
منذ أن انطلق للمرة الأولى، بات القطار واحدًا من أبرز التحولات في البنية التحتية لخدمة الحجاج، ومساهمًا في تخفيف الضغط الهائل الذي تفرضه أيام الذروة.
ما بين عربة وأخرى، تمتد حكايات مختلفة، لكنها تتوحد في سعيها إلى الرضا.
وجوه قادمة من شتى البقاع، تتشارك الدهشة من دقة التنظيم وسلاسة التنقل، لم يعد الانتقال من عرفات إلى مزدلفة مغامرة زمنية كما في السابق، بل تحول إلى دقائق معدودة تُروى لاحقًا بدهشة وامتنان.
القطار، الذي يمتد على مسار يبلغ طوله 18 كيلومترًا، يعمل بكفاءة عالية ضمن منظومة دقيقة.
يُدار القطار بتحكم مركزي، وتخضع كل عربة لصيانة دقيقة قبل موسم الحج، في مشهد يتقاطع فيه الإيمان بالتقنية.
ورغم الطابع الآلي، فإن لقطار المشاعر روحًا لا تخطئها العين، روح تتجلى في دموع الحجاج المسنين وهم يلمسون بساطة الانتقال، في نظرات الشباب وهم يوثقون اللحظة بهواتفهم، في تسبيحات عابرة تُسمع بين الركاب، وفي ذلك الصمت المهيب الذي يخيم أحيانًا، كأن القطار نفسه يشارك الركاب خشوعهم.
في زمن تتسابق فيه المدن إلى المستقبل، يبدو أن مكة سبقتها بخطى واثقة، فهنا لا تصطدم التقنية بالإيمان، بل تسير معه جنبًا إلى جنب، على سكة واحدة، نحو مقصد واحد.
قطار المشاعر ليس مجرد وسيلة نقل، بل شاهد جديد على تطور خدمة الحج، ورسالة واضحة أن التيسير بات ركنًا رابعًا من أركان التنظيم الحديث للحج.
Trending Plus