ملامح تطور الأزياء المصرية من العصور القبطية إلى الحقبة الإسلامية

زي في المتحف الإسلامي
زي في المتحف الإسلامي
محمد عبد الرحمن

مع انتهاء عصر الفراعنة، ودخول الإغريق إلى مصر، شهدت الأزياء المصرية تأثيرًا واضحًا من الطراز الإغريقي، حيث أصبح الناس في تلك الفترة يرتدون ملابس مشابهة تمامًا للأزياء اليونانية، فقد ظهرت النساء بفساتين طويلة ومزخرفة، بينما تميزت أزياء الرجال باستخدام الأحزمة الذهبية التي كانت تضيف طابعًا من الأناقة والفخامة على مظهرهم.

ومع مرور الزمن، تأثرت الأزياء المصرية بالحضارتين الرومانية والبيزنطية، فظهرت الملابس الواسعة ذات الأكمام الطويلة، والتي تميزت بتنوعها الكبير، وتم استخدام الأقمشة المزخرفة والألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأقمشة الثقيلة مثل الصوف، الحرير، والقطيفة.

الأزياء في العصور القبطية

أما في العصر القبطي، فقد ارتدى الأقباط عباءات كانت شائعة الاستخدام في الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية. وتنوعت تلك العباءات بين السادة والمزخرفة، وارتُديَت داخل المنازل وخارجها، وكان منها ما يوضع أحيانًا فوق الرأس، وقد تكون مستطيلة أو مستديرة الشكل، وتُثبت غالبًا على الكتف الأيمن باستخدام مشبك. وكانت تُصنع غالبًا من الصوف وتُستخدم بأشكال متعددة.

كما ظهرت "الملفحة" أو "الكوفية" وهي قطعة من القماش الفضفاض، شبيهة بالشال، تُغطى بها الرأس وإحدى الكتفين، ثم تُلف ببقية أجزاء الجسم، وقد استُخدمت بشكل أوسع بين النساء، لكنها كانت أيضًا تُعد عباءة للخروج للرجال والنساء، وهي عبارة عن قطعة مستطيلة من الصوف أو الكتان تُعلّق على أحد الكتفين.

من الأزياء البارزة أيضًا في هذا العصر كانت "الباليوم"، وهي عباءة تنسدل من الكتف الأيسر إلى الأمام، وتُعاد من الخلف من أسفل الذراع الأيمن، وتُثبت على الكتف الأيمن ثم تُرمى فوق الذراع الأيسر. أصبحت هذه العباءة زيًّا دينيًا هامًا، إذ استخدمها البطاركة في الكنيسة، بينما كانت تُقابلها عباءة مشابهة تُعرف باسم "البالا" لدى النساء.

ومن الملاحظ أن التونيك والعباءة غالبًا ما كانا يُنفّذان بنفس اللون، مما يرجح أنهما كانا يُصنعان في نفس الورشة وفي ذات الوقت، بينما في بعض الأمثلة الأخرى ظهرت العباءات بألوان متناسقة مع التونيك، إما أغمق أو أفتح، مما يعكس مستوى التطور في ورش العمل والنسيج في تلك الحقبة.

لم تقتصر الأناقة في العصر القبطي على الأزياء فقط، بل كانت مكملات الملابس جزءًا لا يتجزأ من الهيئة العامة للزي. فقد اعتُبرت الأقراط والدلايات من الإكسسوارات الأساسية، وظهر اهتمام المرأة القبطية بشكل كبير بالأناقة، حيث استخدمت أنواعًا عديدة من الحُلي كالخواتم المرصعة بالجواهر، الصلبان، المشابك، الأحزمة المزينة، دبابيس الشعر، والأساور. وقد تأثر هذا الثراء في الزينة بانتشار صناعة الحلي التي أضفت طابعًا من الفخامة على المظهر العام.
وغالبًا ما كانت تُصوَّر النساء في تلك الفترة وهن يرتدين الأقراط والعقود، وحرصت سيدات الطبقة الأرستقراطية على اقتناء الحلي الثمينة التي كانت دليلاً على الثراء والمكانة الاجتماعية. وقد عُثر بالفعل على مجموعة من الحلي الذهبية العائدة لإحدى نساء الطبقة الراقية في الواحات البحرية، وتضمنت أقراطًا، عقودًا، أساور، ومكاحل مصنوعة من العظم أو الخشب أو العاج.

الأزياء في العصور الإسلامية

ومع دخول الإسلام إلى مصر، طرأ على الأزياء تغير واضح تأثرًا بالمبادئ الإسلامية التي ركزت على الاحتشام والتواضع، فارتدى الرجال الجلابيب الطويلة والعمائم، بينما ارتدت النساء الحجاب والعباءات الطويلة، وتميزت أزياء تلك الفترة بالأقمشة الفاخرة كالقطن والكتان، وتزيّنت بالألوان الزاهية والتطريزات الفخمة.
تفنن الأمويون في ارتداء الأقمشة المنقوشة والمطرزة، وكانوا يميلون إلى الملابس التي تعكس الرقي والذوق الرفيع، حتى وإن ارتدوا ملابس مستوحاة من الطراز الروماني، فقد حافظوا على العمائم والسيوف كرموز للهوية. كما أن حكام تلك الفترة ارتدوا ملابس حملت تطريزات ملونة بخط عربي في أطرافها.

وكانت الملابس في العصور الإسلامية تعكس مكانة الشخص الاجتماعية والسياسية، فكان بعض رجال الدولة يختارون أن تُفصل ملابسهم في نفس الأماكن التي تُفصل فيها ملابس الخلفاء، وهذا يعكس مدى أهمية الزي في تلك الحقبة. كما كان الخلفاء يصادرون ملابس رجال الدولة عند حدوث خلافات، تمامًا كما كانوا يخلعون عليهم الملابس الفاخرة في حال الرضا.
وكانت لأغطية الرأس، مثل العمائم، أهمية كبيرة، خاصة لدى القضاة الذين ارتدوا أكبر أنواع العمائم تعبيرًا عن مكانتهم، وكانت تُخلع عليهم عند توليهم مناصبهم القضائية. وكان إرخاء طرف العمامة من علامات الرفعة، ولم يكن يُسمح بارتدائها في المواكب الرسمية إلا للخليفة أو الوزير.
وفي العصر الفاطمي، تطور الزي تطورًا ملحوظًا في مصر. فقد اهتم الفاطميون بأن تُعبر ملابسهم عن مذهبهم الشيعي، وكذلك عن الثراء الكبير الذي كان يميز عصرهم. ونظرًا لاهتمامهم بالأعياد والاحتفالات، فقد خصص الحكام ملابس فاخرة ومميزة لكل مناسبة، ما عكس الطابع الاحتفالي والتفاخر في الأزياء.

وبالنظر إلى تطورات الزي الإسلامي خلال العصور الوسطى وحتى القرن السادس عشر، نلاحظ تغيرات جذرية. فبعد مرحلة البساطة في صدر الإسلام، تسلل الترف تدريجيًا إلى الأزياء نتيجة الفتوحات، واختلاط الثقافات، وتدفق الأموال، وتطور صناعة النسيج. وبدأ الناس يرتدون الأقمشة الفاخرة كالحرير والستان، وكل ما توفر من خامات ترفيهية.

وفي العصر المملوكي، كانت الأزياء تعكس الفخامة والثراء بشكل واضح. فقد ارتدى المماليك ملابس معقدة التصميم ومزخرفة، واستُخدمت فيها الأقمشة الفاخرة كالحرير والمخمل، وتم تزيينها بخيوط الذهب والفضة، وكان الزي يعكس مكانة الشخص وهيبته داخل المجتمع.

أما في العصر العثماني، فقد تأثرت الأزياء المصرية بالطراز العثماني، فارتدى الرجال القفاطين، العمائم، السراويل الواسعة، والسترات الطويلة. بينما ارتدت النساء البراقع والفساتين الطويلة ذات الأكمام، وتزيّنت ملابسهم بالتطريزات الغنية المعقدة، والألوان الزاهية، مع استخدام الأقمشة الفاخرة مثل الحرير والساتان.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة التربية والتعليم: تسليم الكتب للطلاب دون قيود أو شروط

شوبير يكشف تفاصيل الأزمة الصحية لـ حسن حمدى رئيس الأهلى الأسبق

بعد 3 مباريات خارج التشكيل.. عواد يترقب الظهور الأول مع الزمالك

انفجارات تهز العاصمة اليمنية صنعاء جراء غارات إسرائيلية مكثفة

تنسيق المرحلة الثالثة.. 50% حد أدنى للتقدم لطلاب النظامين الحديث والقديم


تنسيق المرحلة الثالثة .. إتاحة تسجيل الرغبات الثلاثاء 26 أغسطس

إخماد حريق محدود فى فيلا الفنان محمد صبحى بمدينة 6 أكتوبر

والد طالبة تعديل الرغبات يتنازل عن المحضر ضد المتسببة.. ويؤكد: كان يهمنى مستقبل بنتى

نظام مستوحى من تكساس.. العمال يتجه لإلغاء معظم أحكام السجن القصيرة ببريطانيا

نيوكاسل ضد ليفربول.. التاريخ ينحاز للريدز قبل موقعة الدوري الإنجليزي


إصابة 9 اشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بمدينة 6 أكتوبر

العثور على جثة طافية جديدة ليرتفع عدد ضحايا غرق شاطئ أبو تلات لـ7 وفيات

واشنطن بوست: البنتاجون يدرس نشر قوات فى شيكاغو لملاحقة الجريمة والمهاجرين

كاتي هولمز وجوشوا جاكسون يشعلان شائعات بعودة الرومانسية بعد أكثر من 20 عاما

كريم معمر.. سوء التغذية يتسبب في تضخم بالكبد ولا أدوية بمستشفيات غزة

السقا وأحمد نادر جلال يجتمعان مجددا فى فيلم هيروشما بعد نجاح أحمد وأحمد

بسبب الشقة.. زوجان أمام محكمة الأسرة بعد طلبها الطلاق للضرر بأكتوبر

مانشستر يونايتد يبحث عن الفوز الأول أمام فولهام لتعويض كبوة أرسنال

منتخب الناشئين يخوض الودية الثانية أمام السعودية اليوم استعدادا لكأس الخليج

مساعدات استثنائية للأسر الفقيرة بقانون الضمان الاجتماعى تصرف فى 7 حالات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى