أمهات الكتب .. "الجمهورية" عن فلسفة العدل لـ أفلاطون

هناك بعض الكتب التي يمكن أن نطلق عليها أمهات الكتب، وذلك باعتبارها كتب خالدة على مر العصور، فبرغم مرور عشرات أو مئات السنين على إصدارها، إلا أنها ما زالت حديث العالم إلى يومنا هذا، ومن بين تلك الكتب "الجمهورية" أو "جمهورية أفلاطون" من تأليف الفيلسوف اليوناني أفلاطون.
"يتَّضح لنا أن قدرًا غير قليل من تعاليم "الجمهورية" قد تغلغل في حياة الإنسان منذ عصور طويلة إلى حدٍّ يَصعُب معه الوقوف إزاء هذا النص موقفَ النقد الواضح، إلا إذا كنا على استعدادٍ لنقدِ تراثٍ حضاريٍّ كامل، قد نكون نحن أنفُسنا متأثِّرين به إلى حدٍّ غير قليل".
تُعَد محاوَرة "الجمهورية" من أهم ما كُتِب في فلسفة العدل، فمن خلال حوارٍ فلسفي بمسحةٍ أدبية يرسم "أفلاطون" ملامحَ المدينة الفاضلة التي يَنعم أفرادها بالعدل، ويبدأ الإعدادَ لها منذ ولادة الأطفال لتَكون مهمةُ تربيتهم مسئوليةَ الدولة، فلا يصبح لهم انتماء أُسري أو قَبَلي، بل الانتماء للدولة فقط، ويُولي "أفلاطون" أهميةً كبيرة للعقل والحكمة في تحقيق العدل، مؤكِّدًا على ضرورة أن يكون الحاكم فيلسوفًا؛ لأنه الأجدرُ بإدارة المجتمع، وكذلك يجب أن يكون العقلُ هو القائد لتحقيق التوازن بين خِصال النفس البشرية.
يعد أفلاطون أحد أشهر وأعظم الفلاسفة الغربيين، وكان موسوعي المعرفة، عميق الفكر، له طريقة فريدة في عرض أفكاره بأسلوب بسيط ومنطقي يفتن القراء، وقد ولد أرسطوقليس بن أرستون في أثينا عام 427 ق.م، واشتهر باسم "أفلاطون" الذي يعبر عن ضخامة الجسد، تربى في عائلة أرستقراطية مثقفة اهتمت بتربيته بدنيًا وفكريًا، بدأ حياته بالتعلم من السفسطائيين ومن أحد تلامذة هرقليطس، وبعدها قابل معلمه سقراط ولازمه حتى صدور حكم الإعدام الجائر على المعلم؛ الأمر الذي جعله يرى الفساد في نظام الحكم وضرورة أن تكون الفلسفة أساسًا لهذا النظام، وهو ما دفعه للقيام برحلته الكبرى من أجل البحث عن الحكمة، فسافر إلى مصر وزار إقليدس وتعلم من كهنة عين شمس، ثم إلى قورينا والتقى بالعالم الرياضي المشهور تيودورس وتعلم الشعر والموسيقى والرياضيات والفلك، واستمرت رحلاته اثني عشر عامًا، عاد بعدها إلى أثينا مسقط رأسه إنسانًا ناضجًا تمامًا، وأسس فيها مدرسته الفلسفية، وانقطع بعدها للكتابة والتعليم.
له العديد من المؤلفات التي اتبع فيها أسلوب المحاورة لشيوعه في عصره، متمثلًا شخصية معلمه سقراط، وناقش العديد من القضايا الفلسفية، كالوجود والفضيلة والروح والمعرفة والحب، وتميزتْ فلسفته المثالية بالسعي الدائم لتحصيل المعرفة الكلية الشاملة من أجل الوصول إلى الحقيقة كهدفٍ أسمى، ومن أهم مؤلفاته كتاب "الجمهورية" الذي يتكلم فيه عن الفلسفة السياسية في عشرة كتيبات، وكتاب "المأدبة" في فلسفة الحب.

كتاب جمهورية أفلاطون

Trending Plus