تاريخ مشغول بالإبرة والخيط.. خبراء ومتخصصون فى التراث يضعون روشتة لحماية الإرث الثقافى والحضارى المتمثل فى الأزياء.. وجرس إنذار من مخاطر السرقة والتزييف وتحريف التاريخ

الأزياء المصرية
الأزياء المصرية
كتب محمد فؤاد

طُمرت كثير من مفردات الزى والملابس المميزة لبعض البيئات، ولا يزال غيرها يناضل، ويتنفس تحت الضغط، تغيّرت تفاصيل الحياة وإيقاعها، وتبدل البشر واهتماماتهم، ومع التطور تأخذ العناصر أشكالاً مُغايرة، فيطرأ الجديد ويذوى بعض القديم، وهكذا نرى شيئًا من ملابس الآباء والأجداد فى بعض البيئات، ونفتقد أشياء.

المسألة ذات أبعاد ثقافية وحضارية مهمة؛ لأنها تُعبّر عن الهوية، وتلخّص جانبا من تاريخ البلد وتراكمه الطويل، وإذا كانت إعادة إحياء ما انتهى أمرًا صعبًا؛ فليس أقل من حماية ما تبقّى، أو إبقاء الذاكرة حيّة وقادرة على استذكار كنوزها، والاستفادة منها، وتوظيفها فى تعزيز الشخصية المصرية وإثراء حاضرها، حملنا المسألة لعدد من المتخصصين ودارسى التراث، وكانت لهم آراء متنوعة تبدأ كلها وتنتهى عند ضرورة رعاية الإرث العظيم، وحماية تلك الكنوز الثمينة.

أطلس للأزياء المصرية

يقول الدكتور مسعود شومان، الشاعر والمتخصص فى التراث الشعبى، إن الأزياء تتمع بخاصية «إيكولوجية»، بمعنى أن لها علاقة بالبيئة كطبيعة مناخية، ونجد معظم البدو المصريين إلى اليوم يحتفظون بالزى التقليدى المعروف، لارتباطه بالبيئة وظروفها، واستجابته لاحتياج مباشر فى الحياة اليومية.

وأضاف أنه زار منطقة حلايب مؤخرا، ووجد الأمر نفسه مع الحرص على ارتداء الجلباب والسديرى، ما يعنى أن بعض الأماكن ما زالت تحتفظ بأزيائها، وهذا لا يمنع أن غيرها تخلّت عن الزى المميز لها، ودعا إلى ضرورة البدء فى إعداد أطلس للأزياء، يراعى المناطق الثقافية، ويُشعر أبناء المناطق الشعبية بأن لهم خصوصية وأزياءهم مقدرة.

وشدد على وجوب الاهتمام بإبراز التنوع ورعايته، وتثبيت تلك المفردات عبر الحرص على تأكيدها من خلال الإعلام والفن والمحاضرات والندوات الثقافية، وتوثيق كل العناصر والخصائص المميزة لأزياء البيئات المصرية وعلاقتها ببعضها وبالتاريخ والهوية الجامعة.

توثيق ومعارض ومتاحف

وبدوره، يقول الدكتور حارص عمار النقيب، الباحث فى التراث الشعبى، إن الأزياء بصمة تميز كل دولة عن غيرها، ومزيج من التراث الشعبى المتوارث عبر قرون، كما تحمل فى طياتها العوامل المؤثرة فيها مثل الطبيعة والثقافة وغيرهما، بما يتناسب مع البيئة واحتياجات ساكنيها.

وأوضح الأمر بأن الصعيد مثلا تتميز أزياؤه الصيفية بتصميمات وخامات محددة لتتأقلم مع المناخ الصحراوى الجاف، وبالألوان الفاتحة الواسعة على شكل «مخروط» كنوع من التهوية، وهو ما يتقارب مع شكل البناء المخروطى أيضا، على عكس الشتاء الذى تتسم ملابسه بالألوان الغامقة والضيق على الجسد حتى تمتص حرارة الشمس وتزيد تدفئة الجسد.

وعن طريقة الحفاظ على التراث، شدد على صعوبة تقييد منطقة أو أشخاص بأزياء أو لهجات، وما بالإمكان أن نُبرز الهوية ونعيد الاعتبار إليها فى الثقافة والفن، وأن نوثّق التراث من خلال الكتابة والصور، وتنظيم معارض ومتاحف للأزياء الشعبية والتراثية، بحيث نضمن ألا تندثر، ويظل بالإمكان دراستها والاطلاع عليها.

حراسة التراث من السرقة

يرى الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبى بجامعة القاهرة، أن الأزياء واحدة من أبرز العناصر التى تتجلّى فيها الخصائص الثقافية والهوياتية للمجتمعات، ويُذكّر برحلة سابقة للنرويج تزامنت مع الاحتفال بالعيد القومى، وكان كرنفال للعادات والتقاليد بصورة بعيدة تماما عن الصورة المعاصرة للبلد الأوروبى، لافتا إلى اختلاف الحالة المصرية لأنها شديدة الثراء والتنوع، ولا تعرف زيًّا تقليديا واحدا، لكنها لا تُقابَل بدرجة الاحترام والاهتمام التى تتكافأ معها.

وأضاف، أنه برغم التنوع نادرا ما تجد متحفا يهتم بإبراز خصوصية مصر من خلال أزيائها، أو تجميع كل العناصر الفريدة لعرضها إلى جوار بعضها، حتى يتعرّف المصريون على أنفسهم وخصائص بقية البيئات المحيطة بهم. وعن طرق الحفاظ على التراث، أوضح أن المتاحف تأتى فى المقدمة، مشيرا إلى تجربة فريدة قبل نحو عقدين، بعنوان «متحف الحياة اليومية» أو «متحف الحياة المصرية المعاصرة»، وهى عبارة عن أرشيف يوازى الحياة اليومية فى بيت السحيمى، ويشتمل على التراث المادى واللا مادى.

ولفت إلى إمكانية استغلال السياحة والثقافة والإعلام فى تعزيز الهوية التراثية، بجانب التربية والتعليم وجهود التوعية، وربط الأطفال من خلال المناهج بحضارتهم وتمثّلاتها المادية، بمعنى أن نعرّفهم بالملامح الشعبية من عادات وتقاليد وأزياء.

إعادة البعث فى تصاميم عصرية

وتشدد الدكتورة علا الطوخى، المدرس بقسم الملابس الجاهزة وصناعة الموضة بكلية الفنون التطبيقية جامعة طنطا، على أن الأزياء الشعبية سجل ثقافى تاريخى تقرأ فيه خطى المجتمع وانتقالات هويته، وتشبه المخطوطات المتحولة بأسلوب فنى مزخرف وغنى بالمعانى والدلالات، ومن ثمّ فإن لها قيمة علمية ومعرفية مهمة، فضلا عن أهميتها من حيث كونها تراثًا يُبرز الثراء الحضارى ويُكمل عناصره.

وأكدت أن علينا جميعا مسؤولية فى الحفاظ على تراث مصر، خاصة الملابس والأزياء الشعبية، وهو ما يبدأ بالتعليم والتوعية، وتوجيه طلاب كليات الفنون للتعرف على تراثهم واستلهامه فى تصاميم عصرية جديدة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

مواجهة مونديالية بين السعودية والأردن في نصف نهائي كأس العرب 2025

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

الاقتراع بجولة الإعادة من المرحلة الثانية لانتخابات النواب بالخارج.. اليوم


حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

علاء نبيل: هانى أبو ريدة صاحب قرار اختيار حلمى طولان ولم يتم إبلاغى برحيلى

موعد بدء تطبيق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحى الشامل فى 5 محافظات

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

محمد سيحا مطلوب لتدعيم حراسة مرمى المصرى فى يناير


ترتيب الدوري الإنجليزي.. آرسنال يتصدر ومانشستر سيتي يلاحق بشراسة

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

نقابة المهن التمثيلية تنعى شقيقة عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

بايرن ميونخ يحبط مفاجآت ماينز ويتعادل 2-2 فى الدورى الألمانى.. فيديو

كواليس إحالة المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما إلى الجنايات

هل سنرى أحمد السقا عريسا فى 2026؟.. النجم الكبير يجيب.. صور

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى