هل يعود قطع الرؤوس الإرهابى فى العالم الآن إلى طقوس بلاد ما بين النهرين؟

زعمت دراسة أكاديمية أجراها سردار أوزبيلن من جامعة حاجي بيرم ولي في أنقرة عن سلسلة تاريخية مذهلة تربط ممارسات قطع الرؤوس الوحشية في بلاد ما بين النهرين والأناضول القديمة بالتكتيكات الإرهابية التي شُهدت في العقود القليلة الماضية، وبالاستناد إلى الأدلة الأثرية والسجلات التاريخية والأيقونات، ترسم الدراسة صورةً واضحةً ومقلقةً لكيفية تجاوز المعنى الرمزي للرأس المقطوع لآلاف السنين، وفقا لما نشره موقع"turkiyetoday".
يتتبع هذا البحث استخدام قطع الرؤوس، من مجتمعات العصر الحجري الحديث المبكرة إلى الدعاية الإمبراطورية للآشوريين الجدد، ويكشف عن تحوله إلى دافع ثقافي راسخ، لم تكن هذه الممارسة مجرد فعل عنف، بل كانت ذات طابع طقسي وسياسي وتواصلي عميق.

قطع الرأس
الشرق الأدنى القديم: السلطة والدعاية والجسد بلا رأس
كان قطع الرؤوس في الشرق الأدنى القديم أكثر من مجرد إعدام، بل كان مسرحية، في إمبراطوريات مثل آشور الحديثة، لم يكتفِ الملوك بقتل أعدائهم، بل عرضوا رؤوسهم علنًا، غالبًا على أسوار المدن أو على جثث حلفائهم المستعبدين، أصبحت هذه الرؤوس أدوات حرب نفسية، وتضاعف الأثر البصري للرأس المقطوع بفضل الرمزية الكامنة فيه، إذ كانت الهوية والشرف والسلطة تُنزع حرفيًا من الجسد وتُعرض.
من أبرز الأمثلة على ذلك عهد آشور بانيبال (القرن السابع قبل الميلاد)، الذي عرض رأس الملك العيلامي تيومان المقطوع في شوارع نينوى ، أصبح الرأس غنيمة، وتحذيرًا، وتأكيدًا إلهيًا على الشرعية في آن واحد.
ما أهمية هذه الطقوس القديمة اليوم؟
استغلت الجماعات الإرهابية المتطرفة، الثقل الرمزي لقطع الرؤوس، فبثّت مشاهدها بدقة عالية كجزء من حملاتها النفسية، ورغم اختلاف السياق، تبقى الوظيفة متشابهة بشكل مخيف: الاستعراض، والهيمنة، والردع.
أحد أشكال طقوس قطع الرؤوس البديلة كان استهداف رؤوس تماثيل تنتمي إلى حضارة أخرى أثناء الهجوم، على سبيل المثال، عندما نهب الجنود الآشوريون معبد الإله هالدي في موساسير في عهد سرجون الثاني، دمروا تمثالًا - وهو فعلٌ يُقارن اليوم بتدمير الإرهابيين للتماثيل في متاحف الشرق الأوسط.

صورة لجماعة إرهابية فى العراق نشرت 2015
دافع عميق الجذور للقوة والسيطرة
تُجادل الدراسة بأن فهم جذور هذه الممارسات ضروري لتفكيك مظاهرها الحالية، فقطع الرؤوس ليس مجرد وسيلة إعدام، بل هو مشهدٌ مُعدّ بعناية، سواءٌ في نقشٍ آشوريٍّ جديد أو فيديو دعائيٍّ إرهابي، يُمثّل الرأس رسالةً.
من مدافن الأناضول ما قبل التاريخ إلى الإعدامات الملكية في العصور الوسطى، ومن استشهاد الرومان إلى صراعات الشرق الأوسط الحديثة، لا يزال قطع رأس الإنسان الرمزي أداةً قويةً للسرد والهيمنة.
Trending Plus