زاهى حواس يكتب.. عندما قالت نفرتيتى لرئيس هيئة الآثار: الزم منزلك

مازالت مسألة خروج رأس الملكة نفرتيتى من مصر تثير العديد من التساؤلات.. وكما أشرنا من قبل فإن الكثيرين يعتقدون أن لودفع بورخاردت مكتشف الرأس قام بإخراجها من تل العمارنة دون أن يضعها ضمن الآثار التى عرضت للقسمة بين الألمان والمتحف المصرى فى خيمة الحفائر بموقع تل العمارنة، والتى كان المكتشف يحصل خلالها على نصف الآثار المكتشفة.
لقد كانت هناك لجنة خاصة تقوم بالإشراف على إجراء عملية القسمة فى نهاية موسم الحفائر، وتشير القصة إلى أن جوستاف لوفيفر Gostave Lefebvre والذي يعمل كبيراً لمفتشى آثار مصر الوسطى قد تأخر في الوصول إلى تل العمارنة ليشهد عملية القسمة مما يثير سؤالاً حائراً هل كان هذا التأخير مقصوداً؟ أم أنه جاء مصادقة؟
والقصة الأولى تشير إلى أن بورخاردت قام بتهريب الرأس إلى ألمانيا عن طريق إرسالها في طرد بريدي لكي لا تمر على الجمارك...
وقصة أخرى تشير إلى أن الحكومة المصرية اكتشفت خداع بورخاردت الذي أخفى الرأس لمدة أحد عشر عاماً ولم تظهر إلا في عام 1924.
وهذا دليل قاطع على خوفه من الإعلان عن الرأس، وبالتالي هذا دليل على أنه قد سرق رأس "نفرتيتي"... وعلى هذا المبدأ بدأ التفاوض بين الجانبين المصرى والألماني، خاصة لخوف الألمان من قيام الحكومة المصرية بوقف أعمال البعثات الألمانية، ولو كانت إدارة مصلحة الآثار مصرية في ذلك الوقت الصدر قرار إيقاف كل البعثات الألمانية التي تعمل في مصر، ولكن للأسف كانت الإدارة فرنسية، وأن عملية كشف سرقة رأس "نفرتيتي" قد تم الكشف عنها بعد زمن طويل من اكتشافها في حطام منزل الفنان الملكي تحتمس بتل العمارنة.
وهناك قصة تشير إلى أن الحكومة المصرية طلبت عودة "نفرتيتي" من أدولف هتلر والذي وافق في البداية، ولكن المسئولين عن الآثار بمتحف برلين طلبوا من هتلر مشاهدة الرأس، ويقال إنه ذهب إلى المتحف وقصة أخرى تقول إنهم أرسلوا إليه الرأس ليشاهدها في مكتبه، وقد وقع في غرامها من أول نظرة ورفض عودتها إلى مصر.
ونردد ما قاله الكاتب جيرت فون بازنسکی Gert von Paczensky: "إن الأعمال الاستعمارية مازالت مستمرة"... ويضيف: "إن محاولات المصريين لاسترداد رأس نفرتيتي ولو لبعض الوقت على سبيل الاستعارة إلى القاهرة قوبلت بالرفض التام من قبل برند نویمان Neumann وزير الدولة للشئون الثقافية، وكذلك من قبل Lehmann رئيس مؤسسة الأوقاف البروسية، في حين رفض Wildung مدير متحف برلين بقوة وبأسلوب متعجرف".
ويشير الكاتب إلى أن متحف برلين ليس لديه وثيقة تشير إلى خروج رأس نفرتيتي بطريقة قانونية، وقد أخفت إدارة المتحف الرأس لمدة 11 عاماً بحجة الحرب في ذلك الوقت، وذلك على الرغم من الإعلان عن الآثار الأخرى التي خرجت عن طريق القسمة، ولكن يقال إن هناك موظفاً فرنسياً قام بتغطية الرأس بطبقة من الطين لكي يخفى معالمها أثناء عملية القسمة، وقد يكون ذلك متفق عليه بين الجانب الألماني الذي اكتشف الرأس والجانب الفرنسي الذي كان يشرف على الآثار، ويقال إن طمس الرأس بالطين أدى إلى خروجها بسهولة من مصر، ويشير بعض علماء الآثار الألمان أن رأس الملكة قد خرجت من مصر بطريقة غير شرعية، بل إن بورخاردت قد خدع الأثريين المصريين والأجانب في مصر، بل وخدع رجال الجمارك أيضاً واستطاع أن يخرجها من مصر ويخفيها عن العيون طوال سنوات وصلت إلى أحد عشر عاماً.
وقد قام الأجانب باغتصاب آثار مصر، ولم يكن هناك أي دور للمصريين في استعادة الآثار أو محاولة فتح الملف، وقد حاول المرحوم الدكتور محمد عبد القادر رئيس هيئة الآثار أيامها أن يطلب من السفير الألماني بالقاهرة عودة رأس نفرتيتي ... ولم يكتب ذلك في خطاب رسمى بل حدث بمكتب الآثار بالزمالك مجرد طلب عادي، وفي اليوم التالي وجد محمد عبد القادر نفسه مطروداً من منصبه.
وهنا أقول إن عملية الطلب جاءت دون دراسة.. وطلب من السفير الألماني عودة الرأس بطريقة مستفزة حسب الرواية في ذلك الوقت، وبالتالي توجه السفير إلى وزير الثقافة وشكى للوزير ما حدث وصورها على أنها إهانة وجهت إليه وهو ممثل دولة ألمانيا، وأضاف أن محمد عبد القادر أخبره بأن الرأس يجب أن تعود إلى مصر لأنها خرجت بطريقة غير شرعية، وهدد محمد عبد القادر السفير الألماني بأنه سوف يصدر قراراً بإيقاف عمل البعثات الألمانية في مصر .. كانت هذه هي المرة الوحيدة التي فتح فيها ملف عودة الآثار المنهوبة حتى جاء عام 2002 ولقد أنشأنا إدارة الآثار المستردة، وأعدنا أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية، وطلبنا بعودة القطع الأثرية الفريدة إلى مصر، ومنها رأس الملكة نفرتيتي ... ورغم ذلك استطيع أن أقول أن الأعمال الاستعمارية لم تعد موجودة الآن، وخاصة لأن القرار أصبح مصرياً في يد المصريين وحدهم.. ومازال الملف مفتوحاً ..!
Trending Plus