أقدم بصمة بشرية تكشف التفكير الرمزى لإنسان نياندرتال.. هل تعيد تقييم البشرية؟

فى اكتشاف أثرى فريد، كشف الباحثون عن أقدم بصمة بشرية معروفة، تعود إلى ما يقرب من 43 ألف عام، والتى من شأنها أن تعيد النظر فى فهمنا لقدرات إنسان نياندرتال الإبداعية، وفقا لما نشرته صحيفة جارديان البريطانية.
وجد العلماء هذه البصمة على حصاة جرانيتية ذات ملامح غير معتادة، في موقع أثري بوسط إسبانيا، يبدو أن أحد أفراد النياندرتال قد لاحظ شكلاً مميزًا في تكوين الحصاة، ربما بسبب تشابهها الغريب مع وجه بشري، ما دفعه إلى التقاطها ودراستها، وفي تصرف يعكس إدراكًا رمزيًا، قام بغمس إصبعه في صبغة حمراء ووضع علامته عليها، تحديدًا عند موضع الأنف المفترض، مما يجعلها أقدم قطعة فنية محمولة معروفة في أوروبا.
لم يكن هذا الاكتشاف وليد الصدفة، فقد استغرق فريق من علماء الآثار والجيولوجيين وخبراء الطب الشرعي، ثلاث سنوات من البحث المكثف للتأكد من أن هذه البصمة وضعت عمدًا، وليست نتيجة حادث عشوائي.
وأكدت الفحوص أن الصبغة المستخدمة، والمكونة من أكاسيد الحديد ومعادن الطين، لم تكن موجودة داخل الكهف أو محيطه، مما يشير إلى أن النياندرتال جلبها من مكان آخر، في خطوة تدل على وعيه بعملية التعبير الرمزي.
فعالم الآثار ديفيد ألفاريز ألونسو، من جامعة كومبلوتنسي فى مدريد علق على الاكتشاف قائلًا: "كان الحجر يحمل شكلاً مميزًا، ولكن وجود النقطة الحمراء المغرة هو ما جذب انتباهنا، لا يمكن اعتبار وضع العلامة على الحصاة أمرًا اعتباطيًا، بل يبدو كأنه تعبير متعمد يحمل قيمة رمزية".
يطرح هذا الاكتشاف تحديات جديدة أمام الفرضيات التقليدية التي لطالما وضعت إنسان نياندرتال في مرتبة أدنى من البشر المعاصرين فيما يتعلق بالتفكير الرمزي والإبداع الفني، فمن الواضح أن القدرة على تخيل الرموز وتجسيدها لم تكن حكرًا على الإنسان العاقل، بل كانت موجودة لدى النياندرتال.
ويأمل الفريق العلمي أن يفتح هذا الاكتشاف بابًا جديدًا للنقاش حول القدرات الإدراكية والفنية لإنسان نياندرتال، وإعادة تقييم فكرة أن البشر المعاصرين كانوا أول من مارس الفن كوسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر.
Trending Plus