إدينى فى الهايف وأنا ريتويت يا تريند!

نعود إلى عالم التواصل الاجتماعى، وكيف تسيطر النميمة والسطحية والسخافات على كل القضايا المهمة، حتى بعض من يشتهرون فى قضايا إنسانية أو حقوقية، أحيانا فقط يكونون ممن يستعملون السوشيال ميديا ببراعة واحترافية.
نبدأ بالتأكيد على أن فيس بوك وأخواته فى مصر هى مواقع تواصل، وأننا كلنا أو أغلبنا نستفيد منها، وكل من يستعملها بشكل طبيعى يستفيدون منها، وأن هذه المواقع ليست كلها خيرا أو شرا، وأنها أدوات أو وسائل محايدة يمكن توظيفها بشكل مفيد وثقافى ومعرفى أو حتى فكاهى ترفيهى، وبجانب ذلك فهذا العالم مثل الدواء له أعراض جانبية قد تكون أخطر من الدواء نفسه، وبناء عليه فلا أحد يريد أن يحجب أو يعزل أيا من هذه الأدوات، ولا أحد يمكنه أن يمنعها، وبالتالى فهى واقع، لكنها تتحول فى بعض الأحيان إلى ما يشبه الشيطان.
نحاول أن نعلق عليها كل أخطائنا البشرية، فالبشر هم من يكتبون على هذه المواقع، وهم من يوظفونها ويستعملونها للنشر والتشهير والتشيير والتبادل بجانب الصور والفيديوهات، بل وحتى الذكاء الاصطناعى لم يسلم من همزات شياطين الإنس، وربما لا يمكن للشيطان نفسه أن يذهب تفكيره إلى هذه الألاعيب والحيل التى تتم بفعل بشر يظهرون غالبا أنهم أبرياء طيبون، وحتى لو حاول المستخدم الطبيعى أن يتحاشى التعرض للتريند أو التقاطع مع عالم التفاعلات المصنوعة، فلن يستطيع، لأن هذا التريند بفعل الخوارزميات واللوغاريتمات، التى وضعتها مواقع التواصل أو الذكاء الاصطناعى المصطنع، سوف تطارد المستخدم فى صحوه ونومه، مثلا فقد طرطشت علينا أخبار زواج المطرب الأنوى النادر، الذى تزوج وظهر فى فرحه وهو يقوم بحركات تطليع اللسان والرقص بالهز أو تلعيب الحواجب إلى آخره، ثم انتشرت أخبار طافية بأنه طلق مراته أو أن هناك بلوجر تصورت معه وغاظت العروسة فخرجت لتهاجمها وتردح لها عن حالاتها ثم يجلس بجوارها الأنوى منشكحا، وقد يسأل البعض «ما الذى جعلنى أتابع هذا؟»، أقول إنه طفح من تعليقات فريندز أو غير فريندز، وواضح أنه مصنوع بهدف التريند والمشاهدات والعوائد، وانشغلت به رغما عنى، ولفتت نظرى هذه الحركات الغرائبية التى لا علاقة لها بالغناء ولا بالطرب ثم إن العريس يرتدى ملابس أقرب لخليط من ملابس الكابوريا مع عرسة صحراء القطب الأوسط، فهو يتحرك مثل جمبرى مسلوق، والبلوجر هى الأخرى أقرب لزواحف الاسكيمو المشعرة، وقد طفحت الصفحات بهم، واضطررت لرؤيتهم أنا وكثيرين مثلى، من دون أن أعرف ماذا حدث أو ما هى أغنيات العريس السحلاوى، أو قضية البلوجر الزفزافة. وطبعا العروس، وكمية من الهيافة واللزوجة فرضها علينا شياطين صناعة البلوجرز، تماما مثلما نضطر لمتابعة أخبار هذا الصراع غير الناطق، ونستعيذ بالله من البلوجرز والمطربين بلا صوت ولا عرس.
وقبل أن تنتهى هذه التفاصيل، وجدنا أنفسنا أمام المطرب الكبير الذى توقف عن الغناء من سنوات، واختار أسلوب الصدمة الحرارية التى تتبع مع قطعة «الاستيك»، فقد غنى قبل ذلك بالكلسون، منافسا لمطرب عبيط غنى بالشيفون، الذى أصبح موضة، ثم خرج المطرب ليظهر بملابس مرضى المستشفى فى أغنية يبدو أنها تنتمى إلى عالم قصر العينى أو مستشفى العباسية، وطبعا المطرب توقف عن الغناء، ويحرص على جذب كبار المترندين لمتابعته وفلورته، وسواء اشمأنط المواطن منه أو ابتسم، فسوف يصنع التريند من دون أن يعرف الواحد رأسه من ريتويته.
كل هذا الكلام، ليس طبيعيا، وأغلبه بالفعل مصنوع من لجان أو شركات تتمول لتصنع التريندات الهايفة، بمقابل، بجانب أن القائمين على مواقع التواصل يبنون نماذجهم على تعويم السطحى والهايف، على حساب أى تفاصيل أخرى أو ربما لأن دراسة أمزجة الجمهور تعطيهم مؤشرا بأن الهايف أكثر طلبا.

Trending Plus