مجانين الأهرامات

كأننا نشاهد فيلماً أمريكياً من أفلام الإثارة والرعب.. لقد تسلق شاب مصرى في مقتبل العمر إلى منطقة الأهرامات في جنح الليل.. وتسلق هرم "خفرع" الأملس.. لا أعرف كيف.. وكأنه عفريت العلبة!
وعندما سمعت القصة في البداية لم أصدقها، وتحدثت مع وزير الثقافة فاروق حسنى وقلت له أنني عشت سنوات بمنطقة الهرم، ولم استطع يوماً تسلق الهرم الثاني إطلاقاً؛ وذلك لأن أحجار هذا الهرم ليست جيدة وكبيرة الحجم مثل الهرم الأكبر - هرم الملك "خوفو" - بالإضافة إلى أن كساء قمة هرم الملك "خفرع" لا تزال موجودة في الجزء العلوى منه، وهو الهرم الوحيد بالجيزة الذي يمكن إلى الآن رؤية أحجار الكساء الأبيض عند قمته، وقد قطع المصرى القديم هذا الكساء من المحاجر الملكية بطرة، والتي كانت وقفاً على الملوك لعمل مقابرهم وتماثيلهم وتوابيتهم، وأحياناً كانوا يسمحون بقطع تابوت أو باب وهمي لأحد كبار موظفيهم..
أما جسم هرم "خفرع" فهو مكون من أحجار جلبت من هضبة الجيزة نفسها، ويسمى بـ "المحجر المحلى"، وقد استطعنا تحديد مكان هذه المحاجر بالهضبة والتي استعملها المصريون القدماء لبناء أجسام الأهرامات.. ومعروف أن المصريين القدماء قاموا بكساء هرم الملك "خوفو" الذي وصل ارتفاعه إلى 146 متر بقى منه الآن 137 متر بالحجر الجيرى، وكذلك الهرم الثاني الذي كان يصل ارتفاعه الأصلي إلى 143.5 متر..
الغريب هنا كما هي العادة عندنا.. إن الناس قد حولوا حكاية هذا الشاب إلى قصص وروايات، إحداها تقول أنه أراد أن يدخل موسوعة جينس ريكوردز، لأنه استطاع أن يصل إلى قمة هذا الهرم، وهذا ليس حقيقي إطلاقاً.. فقد وجد هذا الشاب صعوبة كبيرة في تسلق الهرم، ويقال أنه استغرق ثلاث ساعات، وكان يخطط أصلاً لتسلق الهرم الأكبر - هرم الملك "خوفو"، ولكنه فشل في ذلك نظراً لوجود حراسة مشددة حول جوانب الهرم الأربعة.. على عكس الجانب الجنوبي للهرم الثاني، وهي منطقة لا يرتادها الحراس، لأن الحراسة موجودة عند المدخل بالجانب الشمالي من الهرم، ومعروف أنه لم يدخل منطقة الهرم في غفلة من أحد، حيث أن المنطقة كلها محاطة بأسوار لا تسمح إلا بالدخول من بوابات محددة، وهو كأى مصرى دفع ثمن التذكرة وتم تفتيشه بعد مروره من جهاز الإكس رأى مثل أى شخص عادي، أى أنه دخل المنطقة بطريقة قانونية... وقيل أنه من محافظة المنصورة ويعمل (أسترجي)، وجاء إلى القاهرة لزيارة أخيه الذي يعمل في إحدى كافتيريات شارع الهرم...
ومن روايات الناس وحديثه مع الشرطة ندرك أنه إنسان غير طبيعي، ربما كان من مجانين الشهرة... وقد تقابلت مع بعض الأجانب الذين كانوا متواجدين بفندق الميناهاوس القريب من المنطقة واستطاعوا تصوير هذا الشخص بالكاميرا.. ومن خلال الصور الفوتوغرافية تستطيع أن نرى أنه كان يصلى فترة وبعد ذلك ينظر إلى الشمس ويؤدى التحية العسكرية وكأنه يضرب (تعظيم سلام)!... وقد حدث أنه عندما أراد النزول من على قمة الهرم، ولكنه خاف من النزول لأن صعود الأهرامات أسهل من نزولها... وقامت الشرطة عن طريق الدفاع المدنى بالاتصال بالجيش وجاءت الطائرة الهليكوبتر لتقف بالقرب من قمة الهرم.. وبعد ذلك أنزلوا حبلاً ونزل شخصان وربطاه بالحبل ووضعاه داخل الطائرة التي هبطت بعد ذلك في المطار المخصص للهليكوبتر بالمنطقة الصحراوية جنوب الهرم الثالث.. وعندما سألوه عن سبب عملته هذه؟
Trending Plus