أول اتحاد مصري لكرة القدم.. ما حدث في سنة 1921

انتهت أمس مبارايات الدورى المصري لكرة القدم، والتي تنافس كل من فريقي الأهلي وبيراميدز حتى الجولة الأخيرة، وبهذه المناسبة نتحدث عن "أول اتحاد لكرة القدم في مصر".
يقول كتاب "مصر وكرة القدم" لـ ياسر أيوب:
"بجهود و حماسة وإصرار رجل اسمه جعفر باشا والي.. اقتربت مصر من امتلاك أول اتحاد في تاريخها لكرة القدم.. وبمعاونة ومساندة فؤاد بك أباظة وحسين بك حجازي وإبراهيم أفندي علام ورياض أفندي شوقي وأحمد فؤاد أنور وآخرين غيرهم.. بدأت اللقاءات والاجتماعات في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والزقازيق تتوالى في عام 1921م.. وبدأت أندية كثيرة تستجيب وتقتنع بفكرة المشاركة في تأسيس هذا الاتحاد الجديد.. كل ناد منها كان يعرف مسئولوه أنهم بتلك الموافقة وهذا الاستعداد، كأنهم يعلنون الحرب على الاتحاد الرياضي المختلط، الذي كان يحارب هذه الفكرة علنا.. ويعلنون الحرب أيضًا على قيادات إنجليزية، لم تكن سرا تريد تأسيس هذا الاتحاد.
واتفقت هذه الأندية على مواصلة الجهود واللقاءات والانتظار، حتى تحين فرصة حقيقية لتأسيس اتحاد قوي، لا تكسره ضغوط أو قيود.. اتفقت هذه الأندية أيضًا على مواصلة اللعب واكتساب مزيد من الشعبية واهتمام الناس وحماستهم وتشجيعهم لتأسيس اتحاد مصري لكرة القدم.. وكانت كرة القدم نفسها، في ذلك الوقت، وكأنها انحازت أو تعاطفت مع الأندية المصرية الحالمة بهذا الاتحاد.. فنجح الزمالك في كسر احتكار أندية الإنجليز العسكرية لبطولة الكأس السلطانية، وفاز بها في السابع من مايو 1921م، وأصبح أول ناد مصري يفوز بها.. وأترك هنا وصف ذلك اليوم للنجم الكبير الراحل محمد لطيف، كما حكاها في مذكراته بعنوان.. «الكورة حياتي».
قال لطيف:
الملعب محاط بالأحبال التي نصبها حول الملعب رجال المطافئ حول الملعب نظير ثمانين قرشا.. والدخول كان بقرشين للترسو أو الدرجة الثالثة، وخمسة قروش للدرجة الأولى... وكان عم رفعت هو مسئول النظام، وهو جد أحمد رفعت نجم الزمالك الكبير فيما بعد... وازدحم الملعب عن آخره.. جاءوا لتشجيع الزمالك.. وجاء العساكر الإنجليز لتشجيع فريق الشروودز.. ومثل الزمالك في هذه المباراة محمود مرعي الحراسة المرمى.. وفي الدفاع فؤاد الجميل ويوسف وهبي الذي هو خال مراد فهمي لاعب الأهلي وسكرتير عام الاتحاد الأفريقي فيما بعد ووالد مصطفى مراد فهمي.. وفي خط الوسط محمد جبر وعلي الحسني وعبد السلام حمدي.. وفي الهجوم جميل عثمان وسيد أباظة وحسين حجازي وعلي رياض وأحمد خلوصي.. وانتهى الوقت الأصلي بالتعادل بهدف لكل فريق، ثم أحرز الزمالك هدفا ثانيا في الوقت الإضافي وفاز بالمباراة والكأس.. وخرجت المظاهرات للشارع، وهي تحمل حسين حجازي وهي تهتف .. ول يا بيه.. أي برافو حسين حجازي بيه.. وياعيني على عساكر الإنجليز، والغيظ الذي يغلي في نفوسهم من المصريين.
كانت هذه هي شهادة محمد لطيف عن أول كأس سلطانية يفوز بها الزمالك. وبالإضافة لهذه الشهادة وهذه الفرحة.. فقد كان هذا الانتصار مهما جدا لكرة القدم في مصر في مثل هذا التوقيت؛ لأنه تحقق أولا على فريق الشروودز الإنجليزي القوي، وحامل لقب هذه البطولة، التي فاز بكأسها العام الماضي.. ولأنه ثانيا كان ضروريا لمن يحاولون تأسيس اتحاد مصري لكرة القدم، وكان لابد أن يفوز المصريون بالكأس السلطانية أو البطولة التي تقام في بلادهم، ولكنهم عجزوا أربع سنوات عن الفوز بها .. لكن الزمالك فاز أخيرا بالنيابة عن كل المصريين، وخسر الشروودز بالنيابة عن كل الإنجليز، ولم يفوزوا بهذه الكأس السلطانية بعد ذلك، وبدأت مشاركاتهم تقل كثيرا حتى أصبحت الكأس السلطانية بطولة مصرية خالصة.
وفي الثالث عشر من أكتوبر عام 1921م.. استجاب ثلاثة وعشرون ناديا لدعوة النادي الأهلي للاجتماع في النادي.. جاء الزمالك والسكة الحديد والترسانة والقاهرة في الترعة البولاقية بشبرا والاتحاد السكندري والنادي الحديث والتوفيقية والعباسية والزيتون والأهرام والمحروسة والمستقبل وأرارات والزقازيق وبنها ومحرم بك في الإسكندرية ونادي منتخب المدارس ونادي
مصر بالمنيرة ونادي صلاح الدين بالخليفة ونادي المصري بدرب الجماميز ونادي النيل ببولاق ونادي شركة الملابس المصرية بشبرا ونادي القسم الطبي بالجيش المصري.. واتفقت الأندية الحاضرة كلها على أنه قد حان الوقت أخيرًا لتأسيس اتحاد مصري مستقل لكرة القدم.. كما اتفقت الأندية أيضًا على بدء الخطوات العملية لتأسيس هذا الاتحاد.. وأخيرا.. جاء اليوم الثالث والعشرون من ديسمبر عام 1921م، لتعود تلك الأندية نفسها للاجتماع مرة أخرى، وتعلن بالفعل تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم.. وضم أول مجلس إدارة لهذا الاتحاد خمسة عشر عضوا بالانتخاب وعضوين بالتعيين.. ففاز جعفر باشا والي بمنصب رئيس الاتحاد، ونال ثلاثة وعشرين صوتا مقابل صوت واحد للأمير عباس حليم.. وفاز فؤاد بك أباظة بمنصب الوكيل.. وإسماعيل أفندي يسري أمينا للصندوق.
كان الأعضاء هم رياض شوقي وإسماعيل سري وإبراهيم علام ونيقولا عرقجي وعلي صادق وعباس حلمي زغلول وطاهر السرجاني وزكريا عباس وعبد الحميد محرم و محمد جاهين ومحمد إبراهيم.. وكان العضوان بالتعيين هما حسين حجازي والمستر سمبسون.. وكان هناك عضو شرف أيضًا، ليس له حق التصويت، هو المستر سلاوتر رئيس نادي الترسانة.. وتبقت مهمة اختيار أول سكرتير عام للاتحاد الجديد.. وحكى إبراهيم علام في مذكراته الشخصية أنه خاض المنافسة على هذا المنصب كمرشح لنادي القاهرة، أمام يوسف أفندي محمد كمرشح لنادي الزمالك... وحسم النادي الأهلي الأمر بالتصويت المصلحة يوسف أفندي محمد ليصبح السكرتير العام.
Trending Plus