الثقافة والهوية في الجمهورية الجديدة

هيثم الحاج على
هيثم الحاج على
بقلم هيثم الحاج على

منذ أن تم الإعلان عن رؤية مصر 2030 كان للثقافة مكانها الواضح كركن من أركان هذه الرؤية، من منطلق أن بناء الإنسان يتوازى إن لم يتقدم على مشروعات التنمية، وهو الأمر الذي يكون في أقصى معدلات فائدته إن تم على وجهه الكامل في الحفاظ على مكتسبات التنمية، فبدون وعي للمواطنين لن تجد مردودا حقيقيا للمشروعات التنموية بل بالعكس يمكن للوعي الناقص أن يكون معوقا تنمويا كبيرا.


وقد نص دستور مصر في مادته رقم 48 على أن الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافي أو غير ذلك. وتولي اهتمامًا خاصًا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجًا. وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها، في دلالة مهمة على كون الثقافة إحدى ركائز الجمهورية الجديدة وأنها واحدة من أهم الخدمات التي تستهدف إعادة بناء الشخصية المصرية الحديثة بناء على أسس ثابتة.


من ناحية أخرى تواجه مصر حروبا شرسة تستهدف في الأساس جذرها التاريخي، هي نفسها الحروب التي تحاول محو أي قوميات لتحل محلها أنماط الإنسان العالمي المهيأ لاستهلاك ما تنتجه الشركات المتعدية للجنسيات، وهو الأمر الذي يصعب على تلك الشركات إذا كان للمواطن جذر حضاري يتمسك به، وهو الأمر الذي استهدفته رؤية مصر بالتركيز على الهوية المصرية بكل درجاتها وطبقاتها.


من هنا لم تكن أحداث مثل موكب المومياوات ولا افتتاح طريق الكباش وغيرها، لم تكن مجرد احتفاليات ظاهرية أو حتى المستهدف منها سياحي فقط، ولم يكن الإعداد لافتتاح المتحف المصري الكبير مجرد حدث دعائي مصري، بل إن كل هذه الأحداث وغيرها تذهب بنا إلى المدى الأبعد، ألا وهو تنمية الشعور بالانتماء لحضارة الوطن وجذره التاريخي وهي أمور لا تقف عند حد الكلمات الرنانة لكنها قادرة على إنبات روح جديدة غير تلك التي حاولت بقايا الاستعمارية زرعها، حين أقنعت نفسها وأقنعتنا لبعض الوقت بأن هناك أفضلية لجنس غربي هو الأحق بقيادة العالم.


يمكننا النظر إذن إلى القضية بتشابكاتها القومية والأيديولوجية والسياسية والاقتصادية لكن يبقى أن هناك تحرك واضح قد بدأ من الدولة المصرية لاستشعار قوة الانتماء واستثماره من خلال أحداث وبرامج تمت على مدار السنوات العشر الماضية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى كثير من العمل عليه لبلوغ ثمار هذا الاستثمار، كأن يتم استنساخ موكب المومياوات مثلا بأحداث مثيلة، وإن لم تكن على نفس الدرجة من الضخامة، ليتم وضع أثر مصري قديم في الميادين الكبرى في عواصم المحافظات، بدلا من وضعها في المخازن، على أن يتم ذلك في احتفال شعبي خاص بكل محافظة في عيدها القومي مثلا، لنستطيع بذلك صناعة رابط واضح بين المواطنين في كل الأقاليم وبين هويتهم وحضارتهم.


هل يمكن أن نحلم في الإطار ذاته بأن تكون الثقافة في الجمهورية الجديدة موردا استثماريا بالإضافة لكونها الحصن الأساسي لهذه الهوية، وكيف يمكن أن تتعدل رؤية المواطن العادي لفكرة الثقافة بوصفها ركنا من أركان حياته، وليست مجرد أفكار وكلمات ربما لا تؤثر جوهريا في حياته كما هو السائد، وكيف تتشابك الخطط المتعلقة بالثقافة بكل جوانب الحياة بما فيها التعامل مع المجال العام والرياضة والتعليم والعمل العام.


إن الأفكار في مثل هذا النحو كثيرة وعلى بساطتها يمكن لأثرها أن يكون كبيرا، والأهم هو ربط كل ذلك بالجمهورية الجديدة التي بدأت للتو مرحلة جديدة في تاريخها والتي نرنو جميعا لأن تكون مرحلة فارقة في تاريخ مصر الحديث.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

دماء الأخوة على مذبح الطمع.. المؤبد لمتهم بقتل شقيقه فى فارسكور بسبب الميراث

المصرى يقرر إقامة ملعبين للتدريب بأحدث المواصفات بملعب السيد متولى

باكستان: ارتفاع عدد ضحايا تفجير انتحارى فى وزيرستان إلى 16 جنديا و20 مصابا

فات الميعاد الحلقة 11.. أسماء أبو اليزيد تنجب طفلة وأحمد مجدي يزورها

رسميًا.. بوروسيا دورتموند يعلن رحيل يوسف موكوكو إلى كوبنهاجن


فتح باب التسجيل لامتحانات الدبلومات والمعاهد للالتحاق بالجامعات 1 أغسطس

مستوطنون يشعلون النيران في أراضٍ زراعية قرب يبرود شرق رام الله

"مجمعة المركبات": الاكتفاء بصورة المحضر لصرف تعويضات حادث أشمون

الهيئة الوطنية: ما يزيد عن عشرة آلاف وستمائة قاض يشرفون على انتخابات الشيوخ

بدء محاكمة سفاح المعمورة بمحكمة جنايات الإسكندرية.. فيديو وصور


كلوب: كأس العالم للأندية أسوأ فكرة فى تاريخ كرة القدم

تجديد حبس تشكيل عصابى بتهمة سرقة المواد البترولية فى القطامية

أحمد حلمي وتامر حسني والعوضي ينعون ضحايا الحادث الإقليمي: خبر مفجع

تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر لجلسة 14 سبتمبر

ما لا تعرفه عن الإعلامية كوثر بودراجة بعد وفاتها عقب صراع مع المرض

الهلال الأحمر يدعم ضحايا حادث المنوفية تنفيذًا لتوجيهات السيدة انتصار السيسى

صلاحيات الرئيس.. الشيوخ يعرقل قرارا يحد من قدرة ترامب على ضرب إيران مجددا

موعد انطلاق الدوري المصري موسم 2025 - 2026

بريانكا تشوبرا: ابنتي تعتقد أن اسمها مستوحى من أميرات ديزني وتعطي نفسها لقب موانا

تجديد حبس المتهم بإلقاء مادة حارقة على زوجة عمه ببولاق الدكرور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى