جبل حفيت بالإمارات.. شاهدٌ شامخ يحتضن أسرار آلاف السنين.. صور

على حدود دولة الإمارات العربية المتحدة مع سلطنة عُمان، وتحديدًا في منطقة العين، إحدى مناطق امتداد إمارة أبوظبي، تظهر معالم جبل "حفيت" شامخًا كتحفة طبيعية تأسر الأنظار وتدهش العقول بما يحتويه من تنوع جيولوجي، وآثار قصص الزمان على صخوره، وكواحة هادئة جمعت رهبة التضاريس، وغموض التاريخ، وسحر الحياة البرية.

توضح البيانات الرسمية أن جبل حفيت يقع جنوب مدينة العين في إمارة أبوظبي، على خط التماس مع سلطنة عُمان، ويُعد جزءًا من سلسلة جبال الحجر، حيث ينتمي الجزء الشمالي منه للإمارات، بينما يتبع الجزء الشرقي والجنوب الغربي لعُمان. يمتد الجبل على طول الحافة الجنوبية للمدينة، ليشكّل خلفية طبيعية بديعة، وارتفاعًا شاهقًا يصل إلى 1240 مترًا فوق مستوى سطح البحر.

وتضاريس جبل حفيت تخطف الأنفاس؛ فهي صخور كلسية ضخمة، وشقوق ومنحدرات حادة، وطرق ملتوية تلتف حوله كأنها خيوط نسجها الزمان على صفحة الجبل. وقد ساهمت عوامل التعرية الطبيعية في نحت ملامحه وتشكيل مظهره الفريد على مدى ملايين السنين.

ارتفاعه الشاهق حول مناخَه إلى معتدل مقارنة بالمناطق المحيطة؛ ففي فصل الشتاء، تنخفض درجات الحرارة إلى حدود 27 درجة مئوية، مما يجعله ملاذًا مثاليًا لعشاق الطبيعة والتخييم، بينما ترتفع الحرارة في الصيف لتتجاوز 42 درجة مئوية، ومع ذلك، تظل قمته تُعانق السحاب وتقدم لزوارها مشاهد طبيعية لا تُضاهى.

في عام 2017، أعلنت الإمارات جبل حفيت محمية وطنية تحت مسمى "منتزه جبل حفيت الوطني"، نظرًا لتنوعه البيولوجي النادر. يضم الجبل أكثر من 200 نوع من الحشرات، من بينها فراشات نادرة خطافية الذيل، ويحتضن كذلك عددًا من الكائنات الفريدة مثل النسر المصري، والطهر العربي، والثعلب الجبلي، والنيص، والوشق، إلى جانب النخيل القزم، الذي لا ينمو في أي مكان آخر من الجزيرة العربية.

هذا التنوع البيئي جعل من جبل حفيت وجهة بارزة للباحثين والمهتمين بالحياة البرية، ومصدرًا مهمًا في دراسة التنوع الطبيعي في المنطقة.

وليس الجبل رمزًا للطبيعة فحسب، بل شاهدًا على عصور ما قبل التاريخ؛ فقد اكتُشف على سفوحه أكثر من 500 مدفن أثري تعود إلى العصر البرونزي قبل أكثر من 5000 عام. وكشفت عمليات التنقيب عن أوانٍ فخارية وقطع نحاسية كانت تُستخدم في ذلك الزمان، وتدل على وجود نشاط تجاري بحري نشط في الخليج العربي.

وقد تم إدراج جبل حفيت ضمن مواقع التراث العالمي في مدينة العين حسب تصنيف منظمة اليونسكو، ليكون أحد أبرز المعالم الأثرية والتاريخية في دولة الإمارات.

يجذب جبل حفيت الزوار من مختلف أنحاء الدولة والعالم، لما يقدمه من أنشطة وتجارب متنوعة تناسب جميع الأذواق، حيث يمكن التنزه والتخييم، ومشاهدة شروق الشمس وغروبها من أعلى القمة، وركوب الدراجات الهوائية على الطرق الملتفة صعودًا، والاسترخاء في الينابيع الساخنة القريبة من الجبل، ومراقبة الطيور والحيوانات البرية، واستكشاف المدافن القديمة والتعرف على أسرار التاريخ، وركوب الخيل أو الجِمال في محيط الجبل، أو التجول سيرًا على الأقدام بين منحدراته للاستمتاع بالهدوء الذي لا يشوبه ضجيج.

الجبل من بعد

الصعود لجبل حفيت

جبل حفيت بمدينة العين

جبل حفيت من بعد

مشهد الجبل ليلا

هكذا تبدو مديه العين من فوق الجبل ليلا