كيف انتهت الإمبراطورية البيزنطية على يد محمد الفاتح؟.. ما كتبه محمد فريد

تحل اليوم ذكرى فتح السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية وسقوط الامبراطورية البيزنطية ونهاية عهدها فى التاسع والعشرين من مايو عام 1453 وهو ما مهد إلى عضر آخر فى أوروبا.
ويقول محمد فريد في كتابه تاريخ الدولة العلية العثمانية عن معركة دخول القسطنطينية: حاصر السلطان المدينة في أوائل أبريل سنة 1453 من جهة البر بجيش يبلغ المائتين وخمسين ألف جندي، ومن جهة البحر بعمارة مؤلفة من مائة وثمانين سفينة، وأقام حول المدينة أربع عشرة بطارية طوبجية وضع بها مدافع جسيمة صنعها صانع مجري شهير اسمه «أوربان» كانت تقذف كرات من الحجر زنة كل واحدة منها اثنا عشر قنطارًا إلى مسافة ميل، وفي أثناء الحصار اكتشف قبر أبي أيوب الأنصاري الذي استشهد حين حصار القسطنطينية في سنة 52 هجرية في خلافة معاوية بن أبي سفيان الأموي، وبعد الفتح بني له مسجد جامع، وجرت العادة بعد ذلك أن كل سلطان يتولى يتقلد سيف عثمان الغازي الأول بهذا المسجد، وهذا الاحتفال يعد بمثابة التتويج عند ملوك الإفرنج، ولم تزل هذه العادة متبعة حتى الآن. ولما شاهد قسطنطين آخر ملوك الروم هذه الاستعدادات استنجد بأوروبا؛ فلبَّى طلبه أهالي جنوة، وأرسلوا له عمارة بحرية تحت إمرة جوستنياني، فأتى بمراكبه وأراد الدخول إلى ميناء القسطنطينية، فعارضته السفن العثمانية، وانتشرت بينهما حرب هائلة في يوم 11 ربيع الثاني سنة 857 (الموافق 21 أبريل سنة 1435) انتهت بفوز جوستنياني ودخوله الميناء بعد أن رفع المحصورون السلاسل الحديدية التي وضعت لمنع المراكب العثمانية من الوصول إليها، ثم أعيدت بعد مروره كما كانت.
وبعدها أخذ السلطان يفكر في طريقة لدخول مراكبه إلى الميناء لإتمام الحصار برًّا وبحرًا؛ فخطر بباله فكر غريب في بابه، وهو أن ينقل المراكب على البر ليجتازوا السلاسل الموضوعة لمنعه، وتم هذا الأمر المستغرب بأن مهَّد طريقًا على البر اختُلف في طوله، والمرجَّح أنه فرسخان؛ أي ستة أميال، ورصت فوقه ألواح من الخشب صُبَّتْ عليها كمية من الزيت والدهن لسهولة زلق المراكب عليها، وبهذه الكيفية أمكن نقل نحو السبعين سفينة في ليلة واحدة، حتى إذا أصبح النهار ونظرها المحصورون أيقنوا أن لا مَنَاصَ من نصر العثمانيين عليهم، لكن لم تخمد عزائمهم، بل ازدادوا إقدامًا، وصمموا على الدفاع عن أوطانهم حتى الممات.
وفي يوم 15 جمادى الأولى سنة 857 (الموافق 24 مايو سنة 1553) أرسل السلطان محمد إلى قسطنطين يخبره أنه لو سلم البلد إليه طوعًا يتعهَّد له بعدم مس حرية الأهالي أو أملاكهم، وأن يعطيه جزيرة مورة؛ فلم يقبل قسطنطين ذلك، بل آثر الموت على تسليم المدينة، فعند ذلك نبَّه السلطان على جيوشه بالاستعداد للهجوم في يوم 20 جمادى الأولى سنة 857 (الموافق 29 مايو سنة 1453)، ووعد الجيوش بمكافأتهم عند تمام النصر وبإقطاعهم أراضيَ كثيرة.
وفي الليلة السابقة لليوم المحدّد أشعلت الجنود العثمانية الأنوار أمام خيامها للاحتفال بالنصر المحقق لديهم، وظلوا طول ليلهم يهللون ويكبرون، حتى إذا لاح الفجر صدرت إليهم الأوامر بالهجوم، فهجم مائة وخمسون ألف جندي وتسلَّقوا الأسوار حتى دخلوا المدينة من كل فجٍّ، وأعملوا السيف في من عارضهم، ودخلوا كنيسة القديسة صوفيا حيث كان يصلي فيها البطريق وحوله عدد عظيم من الأهالي، ويعتقد الروم حتى الآن أن حائط الكنيسة انشقَّ ودخل فيه البطرق والصور المقدَّسة، وفي اعتقادهم أن الحائط تنشق ثانية يوم يخرج الأتراك من القسطنطينية ويخرج البطرق منها ويتم صلاته التي قطعها عند دخول العثمانيين عليه عند الفتح. وقد أرَّخ بعضهم هذا الفتح المبين (بلدة طيبة) سنة 857، وسميت المدينة إسلامبول؛ أي تخت الإسلام أو مدينة الإسلام.

Trending Plus