اليوم السابع داخل جسر الجمرات قبل وقفة عرفات.. استخدام التكنولوجيا الحديثة في تنظيم الحشود.. المكيفات تتصدى لدرجات الحرارة المرتفعة.. وبنية تحتية للجسر لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الحجاج


الجولة رصدت حجم التجهيزات الضخمة التي تم وضعها لضمان مرور الحجاج بشكل آمن وسلس، إلى جانب الجهود الأمنية والطبية واللوجستية التي باتت أكثر تطورًا من أي وقت مضى.
وتحركنا وسط أجواء استثنائية تنبئ بحج منظم ومحكوم من كل جوانبه، يعكس مدى الجدية التي تتعامل بها المملكة العربية السعودية مع هذا الحدث السنوي الديني العالمي، والذي يشكل تحديًا لوجستيًا فريدًا لا يتكرر في أي مكان آخر بالعالم.
في الميدان، كان المشهد شديد الحيوية، حيث بدأت الفرق التنظيمية تواصل عملها على مدار الساعة داخل جسر الجمرات، استعدادًا لاستقبال مئات الآلاف من الحجاج خلال يوم النحر وأيام التشريق.
البنية التحتية للجسر تعكس فكرًا هندسيًا متقدمًا، تم تصميمه لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الحجاج مع ضمان تحكم كامل في حركة التدفق.
الجسر متعدد الأدوار، ويضم مسارات مخصصة للصعود والنزول، مع توزيع نقاط تفتيش وأمن وإرشاد في مواقع مدروسة لتجنب التزاحم أو التكدس.
عناصر الأمن كانت حاضرة بكثافة، لكن حضورها بدا هادئًا ومنظمًا، دون إثارة أو ضجيج، ما يدل على مستوى التدريب والاحترافية التي تعمل بها هذه الكوادر في هذا الظرف الفريد.
رغم حرارة الطقس المرتفعة، هناك اهتمام واضح بالجانب الإنساني والخدمي، حيث انتشرت فرق الهلال الأحمر السعودي على أطراف الجسر، مدعومة بوحدات إسعاف متنقلة وأخرى ثابتة، تضم أطقمًا طبية مؤهلة وأجهزة طوارئ على أعلى مستوى.
وشوهدت عربات تبريد للمياه ومراكز توزيع مظلات واقية من الشمس وأكياس رذاذ مائي لتخفيف أثر الحرارة، في مشهد يراعي تفاصيل دقيقة لراحة الحاج، مهما كانت جنسيته أو عمره أو حالته الصحية.
اللافت أيضًا مشاركة فرق تطوعية شبابية، تعمل على إرشاد الحجاج ومساعدتهم بلغات متعددة، وهو ما عبّر عدد من الحجاج عن امتنانهم له، مؤكدين أن هذه اللمسة الإنسانية تركت أثرًا إيجابيًا عميقًا في نفوسهم.
بعض الحجاج قالوا إنهم تلقوا تعليمات واضحة قبل قدومهم للمملكة، وإنهم يتابعون تحديثات لحظية عبر تطبيقات إلكترونية ساعدتهم في معرفة الأوقات المثلى للحركة والتنقل، وهو تطور مهم يُحسب ضمن منظومة الحج الرقمية التي بدأت السعودية تنفيذها تدريجيًا في السنوات الأخيرة.
التقنيات الحديثة كان لها حضور لافت في الجولة، حيث تنتشر كاميرات مراقبة عالية الدقة داخل الجسر وعلى محيطه، تتصل مباشرة بغرف تحكم مركزية تتابع الوضع لحظة بلحظة وتتدخل فورًا في حال ظهور أي خلل أو تكدس.
كما يتم استخدام الطائرات المسيّرة في الأجواء لتصوير وتحليل حركة الحشود بشكل مباشر، وهو ما يتيح لفرق التنظيم ميزة الاستباق والتدخل السريع عند الحاجة.
وفي حديثهم لـ "اليوم السابع"، أبدى عدد من الحجاج المصريين ارتياحهم لما وصفوه بـ"الحج الأسهل"، بصفة عامة، مؤكدين أن ما وجدوه على الأرض فاق توقعاتهم من حيث التنظيم والرعاية والاهتمام.
تقرير اليوم السابع من داخل جسر الجمرات قبيل وقفة عرفات ورمي الجمرات لم يكن مجرد رصد صحفي للمكان، بل كان شهادة مباشرة على حجم ما يتم من تجهيزات لتسهيل شعائر الحج، وعلى مستوى الرؤية والتخطيط الذي باتت تعتمده المملكة، لتقديم تجربة دينية وإنسانية متكاملة تليق بمكانة الحرمين الشريفين وتاريخ هذا الركن العظيم.
المشهد الذي نقلته الجولة هو مشهد حجٍ جديد، أقل مشقة وأكثر كفاءة، حجٌ تُدار تفاصيله بدقة وهدوء، دون ضجيج، لكنه مليء بالإخلاص، لكل من جاء يحمل في قلبه نية الطواف والسعي والرمي، في موسم طالما كان رمزًا للتجرد والتقوى والوحدة الإنسانية.
Trending Plus