صرخات لا يسمعها المحيطون.. الفايبرومياليجيا لص يسرق شبابك.. إصابات النساء 7 أضعاف الرجال.. حكايات الضحايا تجسد آلامهن.. وأطباء: التشخيص عقدة بداية حلها استبعاد أمراض أخرى.. ويجيبون عن السؤال: لم كل هذا الألم

الفايبرومياليجيا
الفايبرومياليجيا
كتبت فاطمة خليل – فاطمة ياسر

"الفايبرومياليجيا" يصيب 160 مليون شخص حول العالم والنساء المصابات 7 أضعاف الرجال

ـ إحدى الضحايا: زرت 19 تخصصا حتى عرفت مرضى

ـ  عايشة ومش عايشة.. أصعب تعبير للضحايا عن الألم

ـ  "العجوز الصغيرة".. حرب صامتة تخوضها "مي" ضد الألم
 

شيرين فتاةً كانت تُعرف بخفة ظلها وابتسامتها الدائمة، لا تكاد تتوقف عن الضحك أو الركض خلف الحياة.. تعشق الفن والتنزه، حتى بدأت معاناتها مع الألم وتم تشخيصها بمرض "الفيبروميالجيا"، ذلك العدو الخفى الذي لا يظهر في التحاليل، ولا يترك أثرًا على الجلد أو العظام، لكنه يبدّل الحياة ويسرق الصحة والشباب فيصبح الشاب كهلاً عاجزاً عن القيام بأى نشاط وتتحول حياته إلى مأساة.

تخيل أن تستيقظ من النوم على ألم "ينهش" كل جزء من جسمك.. لا تستطيع أن تتحرك أو تقف أو تمشى.. تشعر بالتعب المستمر الذى لا ينتهي مع "هجمات" تحدث بين الحين والآخر تتجاوز شدة ألمها ألم المخاض.أن تكون في سن الشباب وبالرغم من ذلك لا تشعر بأنك مثل من هم في سنك.. تفترسك أوجاع لا تستطيع المسكنات والأدوية أن تجدى نفعاً معها، تعانى من الأرق وقد تظل مستيقظاً لمدة يومين لا تستطيع أن تنجز أي عمل تقوم به وذاكرتك تعانى من الانهيار وقلة التركيز.

هذه هي الصورة التي يعيشها مرضى "الفايبرومياليجيا" أو الألم العضلى الليفى..فهل سمعت من قبل عن هذا المرض المزمن.

الفيبروميالجيا ليست مرضًا يمكن اكتشافه في التحاليل أو الأشعة والفحوصات، لكنه كالسارق الذي يقتحم الجسد في الظلام، يسرق الراحة من العضلات، ويبعثر التركيز، ويزرع التعب في كل خلية من خلايا الجسم، يتنقل بأعراضه المرهقة بين آلام عضلية مزمنة، ونوبات صداع، وأرق، وتشتت ذهني، واضطرابات في المزاج، ما يجعل تشخيصه صعبًا وفهمه أكثر صعوبة.

وفقاً للإحصائيات يعانى حوالى 2% أو حوالي 160 مليون شخص حول العالم من مرض الفايبرومياليجيا، بما في ذلك 4 ملايين في الولايات المتحدة، وما يصل إلى 3 ملايين في المملكة المتحدة، ومليون في أستراليا، كما أن معدل تشخيص النساء بهذا المرض 7 أضعاف الرجال، بحسب مركز الوقاية من الأمراض الأمريكي "CDC".

رحلة اكتشاف المرض قد تكلفك زيارة كل التخصصات الطبية لتعرف أن ألم عظامك لا يستدعى زيارة طبيب العظام، حالة نفسية سيئة تصاحب مريض الفايبرومياليجيا دائماً بسبب ظروفه الصحية المختلفة، و لا يوجد علاج نهائي للفيبروميالجيا حتى الآن، لكن هناك وسائل متعددة للتخفيف من أعراضه، يشمل ذلك الأدوية التي تنظم الإشارات العصبية، وجلسات العلاج الطبيعي، وتمارين التنفس والاسترخاء، والدعم النفسي، بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة وتعلم كيفية إدارة التوتر، الأهم من كل ذلك هو الدعم المجتمعي والأسري.

في هذا التحقيق عايش اليوم السابع عددا من ضحايا الفيبرومياليجيا، الذين تم تشخيصهم بالفعل من قبل الأطباء بمرض الالتهاب العضلي الليفي أو"الفيبرومالوجيا"، خلال رحلتهن، واستمعت إلى معاناتهن.

 

ضحايا المرض يجسدن آلامهن.. كيف كانت الرحلة وهل يضع الطب حدا لهذه الآلام

شهباء: رجلى مبقتش شايلاني لكن مش هستسلم
 

شهباء
شهباء

" عمرى ما استسلمت وهفضل أقاوم لآخر نفس"..  بدأت شهباء أسامة، 33 سنة، حديثها بهذه الكلمات التى تعبر عن معاناتها مع مرض الفايبرومياليجيا.قالت شهباء: "اتشخصت من 3 سنين بعد لف كتير على الدكاترة.. اول حاجة تعبتنى ظهرى رحت لدكتور عظام قالى عندى روماتيزم على القلب. "
وتابعت أنها بعد رحلة طويلة لاكتشاف سبب آلام جسمها المبرحة توصلت للذهاب لطبيب باطنة هو الذى شخصها بمرض الفايبرومياليجيا وقرأت عنه ووجدت أن كل الأعراض عندها.

وعن كيفية تأثير المرض على حياتها وعملها قالت شهباء إنها كانت تعمل "مدرسة" لذوى الاحتياجات الخاصة لكن بسبب المرض أصبحت تذهب للعمل وتبكي من شدة الألم، مضيفة "كنت بحاول امشي حياتى طبيعي وبقاوم ألمي".

ونصحت شهباء مريضات الفايبرومياليجيا الذى يصيب النساء بشكل أكبر بكثير من الرجال قائلة "لازم نحترم جسمنا ونسمعه متجيش على نفسك ".

وتابعت قائلة " المرض أثر على حالتي النفسية وذهبت لطبيب نفسي حتى أستطيع التعايش مع المرض"، مضيفة أن المرض أثر على شكل حياتها الشخصية، حيث انفصلت عن زوجها وكذلك أصبحت لا تستطيع أن تساعد والدتها المريضة بسبب شعورها الدائم بالتعب.

 بجانب أعراض الفايبرومياليجيا وتأثيرها على الادراك والتركيز،  قالت شهباء "وصلت لمرحلة انى بقيت اتوه وانسى من كتر المهدئات لدرجة انى مش عارفة اروح ازاى لبيتي مع انى عايشة في المكان ده من سنين طويلة.. المرض سبب لي حالة من الضباب الفكرى وبنسى طول الوقت".
وعن كيفية تعاملها مع "هجمة الفايبرومياليجيا " أو نوبة من الأعراض الشديدة المفاجئة للمرض قالت "ساعات بيحصل لى هجمة مدتها بتختلف من ٣ أيام أو 10 أيام..أحيانا رجلى تخونني ومتشيلنيش اني أقف تبقى وجعانى وجع لا يحتمل طول الوقت.. ساعات بيحصل لى هجمة في عضلة القلب وفي عضلة الرحم حتى أنه حدث لي سقوط في الرحم".

وقالت شهباء أسامة إنه يجب إدراج مرضى الفايبرومياليجيا فى التأمين الصحي، مضيفة أنهم يحتاجون للأشعة والتحاليل ورسم الأعصاب كل 3 شهور وهى مكلفة جدا للمريض.

أروى: تطالب بالاعتراف به كمرض مزمن 

من جانبها قالت أروى درويش، إن المعاناة تكمن في أن مريضة الفيبروميالجيا "عايشة ومش عايشة" بمعنى أن حياتها كلها ألم وضبابية دماغ وصداع وعدم طاقة للقيام بأي مجهود حتي لو بسيط.

وتابعت قائلة إن الأزمة أنها تحاول أن تبدو إنسانة طبيعية حتى لا تسمع كلاما يزعجها من المحيطين بها من نوعية "ما كلنا تعبانين" او "انتي على طول تعبانة!؟"

وأضافت أن ظهورها بشكل طبيعي لا يجعل الناس تفهم طبيعة مرضها وبالتالي لا يوجد تفهم أو تعاطف مع الحالة.

وتابعت قائلة:"رجائي إن صوتنا يوصل ويبقى في حملات توعية مستمرة بالمرض وأبعاده وإن الدولة تعترف به كمرض مزمن أصحابه لهم حقوق وعلاجهم بالمجان."

"العجوز الصغيرة".. حرب صامتة تخوضها "مي" ضد الألم

مى فتاة كانت تعرف بخفة ظلها وابتسامتها الدائمة، لا تكاد تتوقف عن الضحك أو الركض خلف الحياة قلبها مفعم بالطاقة رغم أنها، ومنذ طفولتها، دخلت غرفة العمليات 7 مرات، وتعرضت لخيبات متتالية من بعض من حولها لكنها، رغم كل ذلك، لم تفقد يومًا حبها للحياة.
في عمر الحادية والعشرين، تغيّرت الأمور، حيث تم تشخيصها بمرض "الفيبروميالجيا"، فتحوّلت إلى "عجوز فى جسد شابة"، كما تصف نفسها.بدأ الألم ينهش جسدها بلا هوادة: إرهاق مستمر، تعب لا يُحتمل، أرق مزمن، قلق، توتر، واكتئاب".

تقول مى: "أنا لا أبالغ، ولا أبحث عن شفقة.أنا في حرب يومية مع جسدي، ومع أفكاري، ومع نظرات من لا يفهمون".ورغم كل ما مرت به، تزوجت وأنجبت طفلا صغيرا، تبدأ يومها بتحدٍّ كبير قبل أن تفتح عينيها تمامًا.تخضع حاليًا لعلاج نفسي لمواجهة الاكتئاب، وتحاول التكيف مع جسد يتآكل ببطء.

صرخات مى لا يسمعها المحيطون

تضيف مى: "الناس لا تفهم. يقولون: تحاليلك جيدة..لكن الفيبروميالجيا لص خفي، يسرق طاقتك كل يوم، في صمت.. أحتاج إلى الرحمة، لا الشفقة..مش عايزة حد يقول لي انتي بتتدلعي."وأضافت قائلة " وجدت سندى في الله عز وجل، الأذكار والدعاء هما قوتى اليومية."

يقول الدكتور أحمد فهمى أستاذ علم الأمراض، إن الفايبرومياليجيا متلازمة تعاني من التجاهل والإهمال فى مجتمعنا، ولكن بدأ الناس يعرفونها مؤخرا، مشيرا إلى أنه حتى الآن لا يوجد قسم فى كلية الطب لدراسة مرض الفايبرومياليجيا ولا إحصائيات لنسبة المرضى فى مصر.

بالعودة لقصة مى ، فإن زوجها بدأ يقرأ عن المرض، ويحاول دعمها قدر ما يستطيع، أهلها لم يفهموا في البداية، لكنها لم تستسلم. كتبت وتحدثت وطلبت منهم القراءة، وبالفعل، بدأوا يفهمون، ويمدّون لها يد العون.والدتها تساعدها وقت العمل، وحماتها بدورها قرأت عن المرض وبدأت تدرك حجم المعاناة.

نور الاغا
نور الاغا

نور تدعم مريضات الفايبرومياليجيا بمجموعات دعم نفسي بعد معاناتها

نجحت نور الأغا في دعم مريضات الفايبرومياليجيا بعد أن اكتشفت إصابتها بهذا المرض، ففكرت في عمل مبادرة لدعم المريضات باسم "فايبرو مع نور"، كما نظمت "مجموعات دعم" لهن للتعبير عن المشاكل التي تواجههن.
قالت نور الأغا:"بدأت الأعراض تدريجيا منذ عام 2016 وظهرت الأعراض بالكامل في 2018.. تحولت حياتى وانتكست كنت شخص نشيط جدا وبصحى بدرى ثم تحولت حياتي إلى أرق شديد.. آلام بترن في عظمى بليل.. بمشي بعرج.. ذاكرة مشوشة انسى مواقف حصلت..قلة تركيز دوخة ضيق تنفس توتر قولون عصبي".

وتابعت قائلة إن من بين أعراض الفايبرومياليجيا التي واجهتها أيضاً الحساسية للأصوات والضوء بمعنى أن المريض لا يتحمل اللمس أو ملمس ملابسه أو ملمس فرشاة الشعر على فروة رأسه.
وأضافت أنها قررت عمل مبادرة ومجموعات دعم لمريضات الفايبرومياليجيا لمساعدتهن على تحسين صحتهن من خلال تغيير نمط الحياة لنمط أكثر صحة، مع الاهتمام بالرياضة والأكل الصحى والعلاج النفسي وكيفية التعامل مع هجمات المرض.

وطالبت بضرورة التوعية بمرض الفايبرومياليجيا، بحيث إذا تعرضت إحدى المريضات لذبحة صدرية أو هجمة في عضلات القلب تجد الدعم ممن حولها ومن الأطباء والتمريض."
وأضافت قائلة "احنا بنحس بالألم بشكل مضاعف لازم يكون فيه اهتمام اكبر بينا خاصة في عمليات الجراحة والولادة".

صدمة ثم صدمة.. أمل حولها المرض إلى صوت لكل من يتألم في صمت

كانت أمل محمود، 44 سنة، في ذروة عطائها امرأة ناجحة، ملهمة في مجالها، تقف بثبات وسط الزحام، لم تكن تعرف أن الصدمات قد تهز الجبال، ولا أن الجرح حين يكون داخليًا يصعب تضميده.

قبل سنوات، تلقت صدمة كبيرة غيّرت كل شيء بدأت الأعراض تدريجيًا، لكنها لم تكن عادية. الصوت أصبح مؤلمًا، والنور مزعجًا، والنوم لم يعد يخفف التعب. جسدها كله كان يصرخ: آلام مستمرة، تيبّس في المفاصل، مغص مزمن، وضيق نفس.

ثم جاءت صدمة ثانية، أشد وقعًا، فبدأ جلدها يشكو هو الآخر: حساسية غير مبررة، تورم، ألم حاد لا يُفسَّر.. شعرت أن هناك شيئًا أعمق مما يبدو، فانطلقت في رحلة بحث شاقة، تقرأ وتربط الخيوط، إلى أن وصلت إلى طبيب متخصص أخبرها بالحقيقة: فيبروميالجيا ومتلازمة شوجرن.

كانت تسمع في السابق: "ربما إرهاق نفسي"، "ربما ضغوط العمل"، لكنها أدركت الآن أن ما مرت به لم يكن مجرد تعب عابر، بل انهيار داخلي أصاب جهازها العصبي والمناعي بفعل الصدمات.

توالت الهجمات، فتغيّرت ملامح حياتها. اضطرت إلى ترك عملها الذي كان مصدر شغفها، وفقدت القدرة على التركيز، وحتى على تذكر ما كانت عليه. وكان ذلك الثمن الفادح الذي دفعته بعد صدمة قاسية جاءت من أقرب الناس إلى قلبها.
قالت أمل: "ليس كل ألم يُرى، وليس كل صرخة تُسمع. لكنني لا زلت هنا، رغم المرض، رغم الوحدة، . ما زلت أحاول أن أعيش، وهذه شجاعة لا يتحدث عنها الكثيرون، لكنها تسكن في قلب كل من يقاوم بصمت".

شيرين وجبل الهيمالايا
شيرين وجبل الهيمالايا

 

"شيرين" لم تستلم لعدم القدرة على المشى بدون عكاز فصعدت جبل الهيمالايا

نجحت "شيرين بدر"، مديرة شركة تسويق إلكترونى بإحدى الدول العربية، في التغلب على مرض الفايبرومياليجيا والتعايش معه بعد أن نقلت حياتها من القاهرة لمدينة دهب لتعيش مع الطبيعة الخلابة والبحر والبعد عن كل مصادر الضغط النفسي لتتعافى من المرض.

"ألم بينهش كل حتة في جسمي مفيش حتة مش موجوعة.. 5 شهور نايمة في السرير مبتحركش.. مش قادرة أنجز أي شيء سيبت شغلى لأنى مش قادرة اشتغل من الألم".. بهذه الكلمات عبرت شيرين، عن بداية معاناتها مع مرض الفايبرومياليجيا منذ 5 سنوات.تحكى "شيرين" عن بداية اكتشاف مرض الفيبرومياليجيا قائلة: استيقظت من النوم فوجدت نفسى أعانى من ألم شديد لا يحتمل في عضلات جسمى ثم ذهبت لزيارة الأطباء لتفهم ما سبب الألم الذى أصابنى بشكل مفاجئ".

 

قائمة الأعراض عند "شيرين" شملت أيضاً بجانب الألم في كل الجسم، ألم في المعدة وانتفاخ مستمر، عدم نوم وأرق، تيبس في عضلات الجسم، لا يوجد طاقة ولا مجهود، اكتئاب وحالة نفسية سيئة لا تنتهي.
تحكى شيرين: "ماكنتش فاهمة أنا عندي ايه ولا أن كل الأعراض دي ليها علاقة ببعض وبعد ما لفيت على حوالي 19 دكتور كلهم أجمعوا اني لازم اعمل عملية الغضروف ومنهم اللي عملي حاجة اسمها حقن الألم في الرقبة وماحصلش اي اختلاف وجدت الحل عند الدكتوررقم 20، حيث قال لى:"انتى مش محتاجة عملية انتِى محتاجة دكتور روماتيزم ومناعة"، حيث شخصها بأنها مريضة "فايبروميالجيا".

شيرين بدر والسفر
شيرين بدر والسفر

 

صدمة نفسية كانت هي السبب وراء إصابة "شيرين" بهذا المرض المزمن، فاستيقظت من النوم على شعور بألم شديد في العضلات.
قررت شيرين في هذه اللحظة أن تذهب رحلة لمدة أسبوع في مدينة دهب، ومن هنا تحولت حياتها 180 درجة حرفيا من أنها لا تستطيع الحركة أو الوقوف بدون عكاز إلى أنها أصبحت تتسلق الجبال وتسافر".

وأضافت شيرين قائلة إنها لم تستلم للمرض أو الألم وسعت بكل مجهودها للبعد عن الضغوط النفسية، ثم أصبحت تمارس أنشطة تحبها مثل صعود الجبال ، حيث صعدت جبال الهيمالايا أعلى جبال في العالم وعادت للعمل بالكورسات في مجال التسويق عبر الإنترنت "أون لاين".
وعن نصيحتها أكدت على ضرورة استيعاب الأهل والأصدقاء للمريض ودعمه نفسياً ومحاولة تقليل الضغوط عنه وتخفيف ألمه.

أرقام وإحصائيات

وفقاً للإحصائيات يعانى حوالى 2% أو حوالي 160 مليون شخص حول العالم من مرض الفايبرومياليجيا، بما في ذلك 4 ملايين في الولايات المتحدة، وما يصل إلى 3 ملايين في المملكة المتحدة، ومليون في أستراليا، كما أن معدل تشخيص النساء بهذا المرض 7 أضعاف الرجال، بحسب مركز الوقاية من الأمراض الأمريكي "CDC".

كيف نفهم مرض فايبرومياليجيا وما أعراضها وطرق العلاج

حالة مزمنة.. ما دور المخ
 

أكد الدكتور عبد العظيم الحفني، أستاذ الأمراض الروماتزمية والمناعة كلية طب عين شمس لـ "اليوم السابع" أن متلازمة الألم العضلي الليفي (فيبروميالجيا) هي حالة مزمنة تؤدي إلى اضطراب في كيفية استقبال وتقييم مراكز المخ للإشارات العصبية، مما يزيد من الإحساس بالألم بشكل مبالغ فيه، مضيفا أن الدراسات تشير إلى أن هناك حوالي 1.3 مليون حالة في الدول العربية.

وعن الأعراض الرئيسية للمرض أوضح أن المتلازمة تتميز بعدد من الأعراض التي تؤثر على جودة حياة المريض، أبرزها:

ـ ألم عضلي هيكلي منتشر يستمر لمدة 3 أشهر على الأقل ويشمل جانبي الجسم فوق وتحت الخصر.
ـ ىإرهاق شديد واضطرابات في النوم العميق حيث يشعر المريض أنه لم ينم رغم مرور ساعات.
ـ تيبس صباحي و"ضبابية ذهنية" تؤثر على التركيز والذاكرة.

لماذا كل هذا الألم
 

من جانبه أكد الدكتور أحمد محمد فهمى، أستاذ ورئيس قسم علم الأمراض بجامعة القاهرة، أن مرض الفايبرومياليجيا متلازمة مرتبطة بمجموعة من الأعراض منها ألم يستمر لأكثر من 4 أشهر، تكون الآلام منتشرة على جانبي الجسم أعلى وأسفل الحجاب الحاجز، كما أن هناك تأثير على التركيز والذاكرة وتتداخل أعراضه مع أمراض أخرى مثل: أمراض المناعة الذاتية .

وتابع قائلا إن الفايبرومياليجيا متلازمة تعاني من التجاهل والإهمال فى مجتمعنا، ولكن بدأ الناس يعرفونها مؤخرا، مشيرا إلى أنه حتى الآن لا يوجد قسم فى كلية الطب لدراسة مرض الفايبرومياليجيا ولا إحصائيات لنسبة المرضى فى مصر.
وأكد أن الأسباب الدقيقة لفيبروميالجيا غير محددة بشكل كامل، لكنها تتداخل مع عدة عوامل منها الاستعداد الوراثي واضطرابات في معالجة إشارات الألم فى المخ والتعرض لصدمات نفسية أو جسدية ، علاوة على الإصابة بأمراض مناعية مثل الذئبة أو التهاب المفاصل الروماتويدي، أو التعرض لإصابات متكررة، أو بعض العدوى الفيروسية أو البكتيرية.

أما الدكتور محمد محمود حمودة، مدرس واستشاري الطب النفسي بكلية الطب جامعة الأزهر، أن الفيبرومالجيا من الاضطرابات المزمنة التي تتميز بانتشار الألم العضلي الليفي في أنحاء متعددة من الجسم، مصحوبًا بحالة من الإرهاق العام، واضطرابات في النوم، إضافة إلى صعوبات في التركيز والذاكرة. وتُعرف هذه الحالة بأنها من الاضطرابات التي لا ترتبط بسبب عضوي واضح، مما يجعل تشخيصها وعلاجها أمرًا معقدًا في كثير من الأحيان ولذلك تصنف ضمن الاضطرابات النفسية والعصبية.

تتعدد العوامل التي تسهم في ظهور الفيبرومالجيا، ويُعتقد أن اضطرابًا في معالجة الألم داخل الجهاز العصبي المركزي يلعب دورًا رئيسًا في تضخيم الإشارات العصبية المرتبطة بالألم.كما أن العوامل الوراثية قد تؤثر في قابلية الشخص للإصابة، إلى جانب التوتر النفسي والصدمات الانفعالية، وبعض أنواع العدوى الفيروسية أو الإصابات الجسدية التي قد تسبق ظهور الأعراض. كذلك يُعد اضطراب النوم المزمن من العوامل التي تؤدي إلى تفاقم الحالة.

مرض أم اضطراب.. كيف يتم التشخيص
 

وأكد حمودة أن الفيبرو مالجيا اضطراب وليس مرضا، حيث إن المرض disease يكون له سبب واضح ومحدد بينما الاضطراب disorder هو خلل في الوظيفة بدون سبب واضح ولكن له مجموعة من العوامل تساعد على الظهور، وكونه اضطرابا وليس مرضا ساعد علي تصنيفه كاضطراب نفسي عصبي، ويعتمد التشخيص غالبًا على استمرار الألم لثلاثة أشهر أو أكثر، ووجود أعراض إضافية مثل اضطرابات النوم والإجهاد العقلي أو الجسدي، وذلك بعد إجراء تحاليل وأشعة للتأكد من خلو المريض من أمراض أخرى كالروماتويد أو الذئبة الحمراء.

خيارات العلاج والسيطرة على الألم
 

قال الدكتور غريب فاوي، أستاذ ورئيس قسم المخ والأعصاب بكلية طب سوهاج: إن "مرض الفايبرومياليجيا ينتج عن أن الجهاز العصبي لا يتعامل مع إشارات الألم بالشكل الطبيعي، ما يسبب استجابة مبالغ فيها للألم والضغط العادي".
وأكد أنه هناك بروتوكولات علاجية تساهم في تحسين جودة الحياة بشكل كبير. وتشمل هذه البروتوكولات: مضادات الاكتئاب لعلاج اضطرابات المزاج والنوم وبعض أدوية الصرع لتحسين نقل الإشارات العصبية وجلسات العلاج السلوكي المعرفي والتمارين الرياضية الخفيفة.

تتعدد الخيارات العلاجية التي تهدف إلى تحسين حالة المرضى. من بين هذه العلاجات:

أدوية مضادة للاكتئاب: تساعد هذه الأدوية في تحسين النوم وتعديل مسارات الألم.

العلاج الطبيعي: يشمل تمارين الإطالة والرياضات المائية التي تساعد في تخفيف الألم وتحسين الحركة.

العلاج السلوكي المعرفي: يعمل على تقليل التوتر وتحسين القدرة على التعامل مع الضغوط النفسية.

الأدوية الباسطة للعضلات: تُستخدم في علاج التشنجات العضلية وتحسين جودة النوم.

.العلاج بالأوكسجين عالي الضغط (HBOT)

على الرغم من أن هناك دراسة واحدة أجريت على 60 مريضة أظهرت تحسنًا بنسبة 50% في عتبات الألم مع تحسن في التصوير الدماغي، فإن هذا العلاج لم يتم اعتماده بشكل رسمي كعلاج رئيسي للفيبروميالجيا، حيث لم يتم تأكيد فاعليته بشكل قاطع في الدراسات اللاحقة.

الوقاية والإدارة الذاتية لمرض الفيبرومالوجيا

أكد الطبيب أن التغيرات في نمط الحياة تلعب دورًا جوهريًا في تحسين الحالة، مثل ممارسة الرياضة الخفيفة بانتظام كالمشي أو السباحة أو اليوجا، والحرص على تنظيم مواعيد النوم، والابتعاد عن المنبهات والضغوط النفسية قدر الإمكان. كما يُنصح بتبني تقنيات الاسترخاء مثل التأمل وتمارين التنفس العميق.

من المهم أن يتبع المرضى بعض الممارسات التي تساعد في الحد من أعراض المتلازمة:
 


-إدارة التوتر عبر تقنيات مثل التأمل واليوجا، حيث يُعد التوتر محفزًا رئيسيًا للانتكاسات.
-نظام نوم صارم: يُنصح بالحصول على 7-8 ساعات من النوم يوميًا مع تجنب الكافيين بعد الظهر.
-تمارين هوائية معتدلة: مثل السباحة لمدة 30 دقيقة ثلاث مرات أسبوعيًا.
-حمية مضادة للالتهاب: تشمل زيادة أوميجا-3 (مثل السلمون والجوز) وتجنب الجلوتين في بعض الحالات.
تشير الدراسات إلى أن بعض المكملات الغذائية قد تساعد في تخفيف أعراض فيبروميالجيا:
فيتامين D: نقص فيتامين D شائع بين مرضى الفيبروميالجيا، وقد يخفف من آلام العضلات.
المغنيسيوم: يساعد في تقليل التشنجات العضلية وتحسين النوم.
الميلاتونين: مكمل طبيعي يمكن أن يساعد في تحسين جودة النوم.
أوميجا-3: قد تساعد الأحماض الدهنية في تقليل الالتهاب وتحسين الألم العضلي.
يُنصح دائمًا باستشارة الطبيب قبل البدء في أي مكمل غذائي لتحديد الجرعة المناسبة.

6a6941a4-b0db-443f-b6db-56ce8c27f1d2
من العدد الورقى لليوم السابع

Trending Plus

اليوم السابع Trending

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى