اللهم يونيو بلا تريندات

لا أظن أن المصريين قد مر عليهم شهر في هذا العام بهذا القدر الضخم من التريندات، كشهر مايو المنقضى، فساعات قليلة تفصلنا عن شهر يونيو، إلا أن مايو يأبى أن يرحل إلا وهو يضع بصمة أخيرة من التريندات الحزينة.
هذه السطور ليست استعراضا لما شهده المصريون من تريندات خلال شهر مايو، بقدر ما هي مجرد قراءة لطبيعة التريندات، ومدى تباين درجاتها ما بين الفرح والحزن، والجدية والسخرية ثم تأثيرها على مزاج المصريين العام.
كان للفنانين وأزماتهم ومشكلاتهم الخاصة والعامة والفنية والعائلية نصيب كبير من هذه الأزمات، وكانت البداية مع عائلة الفنان الكبير محمود عبد العزيز والإعلامية بوسى شلبى، حيث شهدت صفحات التواصل الاجتماعى، وبالتبعية صفحات المواقع والصحف، جدلا كبيرا بعد الإجراءات القانونية التى أعلنت عنها عائلة الراحل محمود عبد العزيز، وظل الحديث لأيام طويلة عن علاقة الفنان محمود عبد العزيز بالإعلامية بوسي شلبى، وزواجهما من عدمه، الأمر الذى جعل صفحات السوشيال ميديا تصدر أحكاما، الأخلاقى منها وغير الأخلاقى، بينما تناسوا أننا نتحدث عن شخص لقى ربه منذ 9 سنوات، وعن أمور شديدة الحساسية والخصوصية، لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون بهذا القدر من الاستباحة في التداول، ليتحول هذا "التريند" المأسوى إلى ما يشبه الكلام في مباراة كرة القدم.
لم يكن ورثة "الساحر" الوحيدين الذين أثار الجدل عن فقيدهم، فهناك أيضا ورثة العندليب عبد الحليم حافظ، الذين أخرجوا من أدراج الراحل خطاباً موجهاً له من الفنانة سعاد حسني، ليُعيد هذا الخطاب جدلا لم ينته عن زواج العندليب والسندريلا، العجيب في الأمر أن السوشيال ميديا كانت تتحدث في الأمر وكأن الفنانين مازال على قيد الحياة، والسؤال الذى لم يجد له أحدا إجابة حتى الآن، ما الذى سيُفيد إذا عرفنا أن حليم تزوج من سعاد أم لم يتزوجان؟
ماتت سعاد حسني، ومات عبد الحليم حافظ، ومات محمود عبد العزيز، لكن التريندات لم تمت، فما هي أيام، إلا وفجّر أحمد السقا مفاجأة بإعلان خبر انفصاله عن الإعلامية مها الصغير، بعد زواج دام بينهما سنوات طويلة، ربما يكون خبر انفصال فنان أو فنانة عن شريك الحياة، أمرا عاديا، قد يحدث كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر، لكن "توابل" السوشيال ميديا تأبى أن يمر هذا الانفصال مرور الكرام، ليتدخل البعض ــ وربما الكثير ــ في الحياة الشخصية للثنائى، منهم من يقف من السقا ضد طليقته، ومنهم من يقف مع مها ضد طليقها، وكأن هذه العلاقة العادية تحولت إلى مباراة للأهلي والزمالك، عليك أن تحسم موقفك منها، هل أنت مع السقا أو ضده، وان لم تكن معنا فانت ضدنا.
كانت هذه عينة بسيطة من تريندات اُخترقت خصوصية أبطالها، منهم من رحل عن عالمنا، ومنهم من لا يزال حي يُرزق، لكن الكارثة الحقيقية كانت في تريند "آل الدجوي"، الذى صدم السوشيال ميديا مرتين في أسبوع واحد، مرة حينما سُرقت خزينة التربوية نوال الدجوي، ومرة أخرى حينما تم الإعلان عن العثور على جثة حفيدها.
ولا يزال المصريون يسخرون من مصائبهم، كما هو الحال في الزلزال الذى تعرضت له البلاد، لكن الله سلم، ولم تتعرض البلاد أو العباد لأى أذى، لكن الملفت هو التعامل المُستخف لرواد السوشيال ميديا مع الكارثة، فمن لم يشعر بالزلزال، خرج يندب حظه، وكأن رحلة إلى الملاهي قد فاتته، وعلى الأرجح، أن الأغلبية الأكبر من السوشيال ميديا، لم تحضر زلزال 92، ولم تر أهواله.
ولأننا مصر، فلا يمكن أن يمر يوم واحد فقط، دون تريند كروى، فما بالك بشهر من 31 يوم، وليس أي شهر، لكنه الشهر الذى سيُحسم فيه بطل الدوري في نسخته الاستثنائية، فرأينا كيف ألغى المسئولون الهبوط، وكيف خطف الأهلى الدرع من بيراميدز في الأمتار الأخيرة من المسابقة، وسط فرحة الأهلاوية المُبللة أعينهم بدموع وداع "علي معلول".
ورغم كل ما ذُكر في هذه السطور، إلا أن التريندات مازالت مستمرة، بل أن ما ذُكر ليس إلا أبسط البسيط، فهناك من يبث الشائعات عن "اللبن الحلال"، وهناك من لا يستطيع النوم بسبب قصة "ايه سماحة ومشيرة إسماعيل"، بينما التريند الحقيقي سافر للأسكندرية، لا ليتمتع بطقسها البديع في هذا الوقت من العام، ولكن لُيرينا ما يشبه الاعصار الذى قلب المدينة رأسا على عقب.
وختاما، لا نملك إلا أن ندعو الله أن يُبلغنا شهر يونيو دون تريندات مُفجعة أو موجعة، وأن يمر يونيو وكل الشهور، والمصريين آمنين مطمئنين فى بيوتهم.
Trending Plus