مركز البحوث الزراعية: إنجازات ملموسة لتطبيقات البحث العلمى في عشر سنوات.. زيادة حصيلة فدان القمح لـ18 إردبا.. تضاعف إنتاجية الذرة من 2 إلى 4 أطنان للفدان.. وإدخال سلالات حيوانية ودواجن متطورة

تشكل الزيادة السكانية تحديًا كبيرًا يستلزم رفع كفاءة الإنتاج الزراعي، ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال استصلاح أراضٍ جديدة وزيادة إنتاجية الأراضى المنزرعة بالفعل، والحل الأمثل وفقًا لآراء المتخصصين يكمن فى التوسع الرأسى والتوسع الأفقى، وذلك باستخدام تقنيات وأساليب زراعية متقدمة.

ومن ضمن التحديات التى يواجهه القطاع الزراعى محدودية المياه اللازمة للتوسع فى الرقعة الزراعية إذ تعتبر الدولة المصرية من الدول التى تعانى من انخفاض نصيب الفرد من المياه مما يضعها فى مصاف الدول التى تعانى من الفقر المائى، كما أن التفتت الحيازى يعتبر عائق رئيسى لتنفيذ كثير من السياسات الزراعية، وتعمق الزيادة السكانية المضطردة من حدة تأثيرات كل هذه التحديات وهو ما يستوجب التفكير فى تدابير واجراءات لمواجهة ذلك لتحقيق درجة آمنة من الاكتفاء الذاتى خاصة من المحاصيل الاستراتيجية.

ويرى المتخصصون أن هناك حاجة الماسة إلى تفعيل دور البحوث الزراعية وتسويق نتائجها بشكل فعال، انطلاقًا من الأهمية المتزايدة للمحاصيل الزراعية وبخاصة الاستراتيجية منها فى دعم الاقتصاد الوطنى وتحقيق الأمن الغذائى، لضمان الاستفادة من الجهود العلمية التى تبذل داخل المعامل وتحويلها إلى تطبيقات عملية تحدث فارقًا ملموسًا على أرض الواقع.
قال الدكتور عطوة أحمد مدير مركز إدارة وتسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية، أن وزارة الزراعة، ممثلة فى مركز البحوث الزراعية، تبنت منذ عام 2000 استراتيجية متكاملة لنقل نتائج البحث العلمى من المعمل إلى الحقل.

وأضاف أن الجهود التى تبناها مركز البحوث الزراعية شملت إنتاج أصناف وهجن زراعية جديدة، وابتكار أنواع محسنة من الأسمدة، وإدخال سلالات حيوانية ودواجن متطورة، بالإضافة إلى تطوير طرق التصنيع الغذائى، مشددًا على أن الهدف من هذه الابتكارات يتمثل فى دعم الزراعة المصرية وخدمة المزارع، عبر تقديم حلول حقيقية للتحديات التى تواجه القطاع الزراعى، موضحًا أن تلك المخرجات يتم توجيهها بشكل مباشر إلى المستهلك النهائى، سواء كان مزارعًا، أو جهة إنتاجية، أو مستثمرًا، وذلك من أجل تعزيز الاستدامة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى القومى.

وأوضح عطوة أن نجاح تسويق البحث العلمى يتوقف بالأساس على اقتناع المزارع بجدوى هذه الحلول، مشيرًا إلى أن المزارع المصرى لا يعتمد على النظريات، بل يصدق ما يراه بعينه، موضحًا أن مركز البحوث الزراعية ينتهج سياسة إنشاء الحقول الإرشادية التى تُظهر نتائج البحوث الزراعية على أرض الواقع، سواء من خلال الأصناف المستنبطة، أو تقنيات الرى الحديث، أو الممارسات الزراعية الجيدة، مدللًا على أن هذه التجارب الميدانية تتيح للمزارع مقارنة نتائج الحقل الإرشادى المزروع بطرق علمية، بالحقل التقليدى الذى يزرعه بنفسه، وهو ما يساهم فى رفع مستوى الوعى والإقبال على استخدام مخرجات البحث العلمى، مشيرا إلى أن هذا النهج يؤدى إلى طفرة فى الإنتاج الزراعى ويعزز الأمن الغذائى.

وأكد مدير مركز إدارة وتسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية أن نتائج تطبيقات البحث العلمى أصبحت ملموسة بقوة فى السنوات العشر الأخيرة، موضحًا أن الدولة أولت اهتمامًا بالغًا بالابتكار والبحث العلمى فى المجال الزراعى، لافتًا أن إنتاجية فدان القمح ارتفعت من 10-12 أردب فى السابق إلى متوسط 18 أردب حاليًا، لافتًا إلى أن بعض الحقول الإرشادية وصلت إلى إنتاج 24 و26 وحتى 30 أردب للفدان، مدللًا على أن هذه الأرقام تحققت بفضل أصناف القمح المستنبطة محليًا فى مركز البحوث الزراعية، متابعًا أن إنتاجية الذرة، على سبيل المثال، تضاعفت من 2 طن للفدان إلى 4 أطنان.

وأوضح أن التقدم الذى حققه مركز البحوث الزراعية لم يقتصر على المحاصيل فقط، بل شمل تحسين الأعلاف، والسلالات الحيوانية، وتطوير صناعة الدواجن، والأسمدة المحسنة، وأنظمة الرى الحديثة، مؤكدًا أن كل هذه التحسينات انعكست إيجابيًا على حياة المزارع وزادت من العائد الاقتصادى للفدان، موضحًا أن الفارق أصبح واضحًا ومؤثرًا فى حياة المزارعين وفى تنمية الريف المصرى.

وأكد أن الدور الحيوى لكل من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص فى تعزيز تسويق البحوث الزراعية، مشيرًا إلى أن مركز البحوث الزراعية يعمل على إنتاج الابتكارات، بينما تتبنى الدولة تقديم هذه المخرجات للسوق المحلى، بينما دور القطاع الخاص يتمثل فى تبنى هذه الابتكارات وتسويقها على نطاق أوسع.

وأوضح أن التكامل بين الطرفين يمثل السبيل الأمثل لنشر التكنولوجيا الحديثة وتعظيم الاستفادة منها، مؤكدًا أن إشراك القطاع الخاص فى هذه المنظومة يسهم فى تسريع وتيرة التنمية الزراعية وتحقيق عائد اقتصادى يعود بالنفع على الجميع، منوهًا إلى أن نجاح هذه المنظومة يتطلب توافر أدوات فعالة لإقناع المزارعين والمستهلكين بجدوى تلك التقنيات، موصيًا بضرورة تعزيز التعاون بين كافة الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة.

وأضاف "عطوة" أن الوزارة ممثلة فى مركز البحوث الزراعية على تحسين جودة المحاصيل الزراعية التى تعد من الأولويات الأساسية، مشيرًا إلى أن توفير محاصيل عالية الجودة وخالية من الأمراض يفتح آفاقًا واسعة للتصدير، مما يسهم فى تحسين الدخل القومى وزيادة العوائد الاقتصادية، وهذا هو الهدف الأسمى لأى باحث يعمل فى مجال العلوم التطبيقية الزراعية.