الأسرة والتربية الجنسية

أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
بقلم - أ.د/ عصام محمد عبد القادر

عندما يوجه الأبناء إلى الوالدين تساؤلات تخص الجنس؛ فإن الخجل، والحياء يمثل ردة الفعل المتوقعة حينئذ لدى الكثير منهما؛ ومن ثم يتم اللجوء إلى  المصادر البديلة من قبل البعض منهم؛ وذلك بغرض استسقاء الإجابة منها، وهنا نخشى ما لا يحمد عقباه؛ حيث البحث المفرط على المواقع البحثية، التي حتمًا ما تبحر في تفاصيل لا يصح الخوض بالشكل الذي يضعف ماهية الاستحياء لديهم، بل يزيد من الفضول تجاه معرفة المزيد عما يُعد غير قويم، وهذا يجعلنا باحثين عن حلول جذرية تجاه تلك القضية الشائكة بما يتسق مع المنهجية العلمية، والمبادئ، والقيم المجتمعية، وأخلاقنا الحميدة.


الأسرة يتوجب عليها إدراك أن التربية الجنسية أحد مكونات التربية، وأصلها؛ لذا ينبغي أن تصبح الثقافة الجنسية من حيث معارفها الصحيحة، وممارستها الجوية، والاتجاهات الإيجابية نحوها من الضروريات لدى الوالدين؛ فعبر بوابتها يتم مساعدة الأبناء في تكوين الشخصيات التي تمتلك الخلق القويم، والنفس المطمئنة، والتكيف الذي يجعل هناك استقرارا عاطفيا لديهم، وهنا نحافظ على مكنون الصحة النفسية، ونسهم في بناء طبيعة إنسانية متكاملة البنيان.


التربية الجنسية للأبناء تبدأ من الأسرة بمزيد من المصارحة، التي تهيئ الفرد لأن يستقبل المزيد منها عبر المناهج الدراسية، التي تتضمنها بنية العلم، وهذا ما يحدث التكامل بين الجهود الأسرية، والمؤسسية؛ ومن ثم يصبح المناخ مواتيا لاكتساب الخبرات المنشودة بصورة قويمة، بما يؤدي إلى ضبط السلوك لدى فلذات الأكباد، ويمنحهم الصحة النفسية، التي تشكل دعامة رئيسة للصحة العامة لدى الإنسان؛ فيشعر بالرضا، والارتياح.


وعي الأسرة بماهية التكوين الشامل للفرد يجعل التربية، والتنشئة تتم في إطار تكاملي، وهذا يعين الأبناء على التهيؤ لكافة المشكلات التي تتمركز حول الدافع الجنسي، ويساعدهم في التحكم بكافة المتغيرات التي تؤثر على السلوك المرتبط به؛ ومن ثم يسلمون من أية ممارسة خاطئة، بل يمتلكون الهوية الجنسية في سياق الاتجاهات السوية، ومهارات التعامل مع الذات بصورة صحيحة، كما تسهم في ضبط القرارات، التي تتعلق بالسلوكيات الظاهرة منها، والخفية.


إن تشوه معارف الأبناء المرتبطة بالجانب الجنسي له سلبيات يصعب حصرها، يكفي منها الأمراض النفسية، التي قد تصيب الفرد جراء الممارسات الخاطئة المقصودة منها، أو غير المقصودة، ناهيك عن أمراض جسمية قد يعاني منها أيضًا على المدى القريب، والبعيد، وبناءً على ذلك يصاب العديد من الأمراض الاجتماعية العضال، التي تؤثر قطعًا على مفردات حياته على المستوى المعيشية، أو على سعادته الزوجية في المستقبل.


إدراك الآباء لماهية، وأهمية التربية الجنسية، ومدى تأثيرها في تشكيل الشخصية السوية يعد أمرا رئيسا في بناء الأسرة؛ ومن ثم يتوجب أن يمتلك الرعاة ما يحتاجه الراعي من معرفة، ويستطيعوا أن يوجهوا الأبناء بصورة قويمة، بل ويصوبوا ما قد يقع فيه الأبناء من خطأ برفق، ولين، ويتبعوا معهم سياسة النفس الطويل؛ فالسلوك غير القويم يحتاج إلى جهد، ووقت، ومثابرة في تعديله، كما يتطلب تخطيطا لذلك من خلال مزيد من الخبرات النابعة من المتخصصين، وأصحاب الخبرة في المجال.


من يقوم على رعاية الأبناء في المنزل يجب أن يدرك جيدًا المعارف التي تتعلق بتساؤلات فلذات الأكباد التي تتباين من مرحلة إلى مرحلة عمرية؛ فهناك تساؤلات قد يوجهها الأبناء في مهد الطفولة، وأخرى في مرحلة المراهقة من الطرفين الذكور، والإناث، وينبغي أن نعي ما يتبادر إلى الأذهان من تساؤلات يتأتى في غالبها مشكلات يتعرض لها الفرد؛ ومن ثم يبحث عن إجابة يستطيع من خلالها أن يتغلب على مشكلته، وفي هذا السياق نبحث عن لغة الحوار البناء بين طرفي المعادلة، وهذا الحوار بالطبع يقوم على المصارحة، والمكاشفة، لا التعتيم، أو التدليس، أو التجاهل، أو الجهل؛ كي لا نقع في براثن الرزيلة، ونحصد مرارة الانتكاسة، التي نتلقاها من ممارسات يندي لها الجبين.


الأسرة عامل رئيس في تهيئة المناخ التوافقي للنشء؛ فلا يواجه الأبناء الخوف، والقلق من نموهم الجنسي المتلاحق، وتبدو حياتهم الجنسية مفعمة بالحيوية، لا يشوبها انكسار أو إخفاق أي كان نوعه أو نمطه، وعلى هذا الأساس السليم يستقبل الأبناء كافة التوجيهات، والإرشادات، وأنماط تعزيزات التغذية الراجعة بترحاب، ونرى منهم استجابات دالة على سلوكيات معتدلة؛ فلا يتعرضون إلى مشكلات جنسية نخشى حدوثها، وانتشارها بين الأبناء.


الرأي العام داخل الأسرة يتوجب أن يحترم كافة المسائل المطروحة من الأبناء، وفي القلب منها المسائل الجنسية؛ كي يقدر فلذات الأكباد أهميتها، ومتلون الآداب المتعلقة بها، وهنا نأمل من الأسرة أن تفيض بمعارف طبية، وقانونية، واجتماعية تتعلق بالتربية الجنسية، وهنا نتوقع أن تزداد المسئولية، ويتم الحفاظ على الأمور الشخصية، وهنا نرصد عفة لا تبجحًا، ونرى رقة لا خجلًا، ونترقب حدودا للياقة، لا خروج عن حدود، وسياج الآداب المتعارف عليها.


ما أجمل! أن نحترم ماهية الأنوثة داخل الإطار الأسري، ونقدر مقومات الرجولة؛ ومن ثم تبدو عادات الانضباط بين الجنسين في مقام رفيع؛ فلا يحدث التجاوز، ولا يصبح هنالك مجالًا للتقليد، أو المشابهة؛ فالذوق العام لدينا نحن المصريين، لا يتقبل إلا كل ما هو طيب في مكنونه، ومعلنه، وهنا نذكر أيضًا بمقومات بناء العقل، والجسم؛ كي لا تنصب على إثارة الغرائز، وتترك تهذيب النفس، وتغذية الوجدان.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

اجتماع حاسم بين فليك وديكو لرسم ملامح برشلونة قبل انطلاق الليجا

الرئيس السيسى يصدّق على تعديل بعض أحكام قانون التعليم

ضبط 3 أشخاص اختطفوا طفلا من والدته بتحريض من طليقها بالقليوبية

المشدد 5 سنوات لشقيقين لحيازتهما أسلحة واستعراض القوة بشبرا الخيمة

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة


الداخلية تكشف تفاصيل نصب شخص على راغبى السفر للخارج

فيريرا : استيعاب اللاعبين سيستغرق وقتاً ولم يعجبنى الاحتفال بعد انتصار سيراميكا

عصام عبد القادر يكتب عن أوهام رئيس وزراء إسرائيل: وعي المصريين وصلابة موقف القيادة السياسية.. ردع كافة سياسات الاحتلال.. مستعدون للمواجهة.. نذكر إسرائيل بالدرس القاسي.. دعم القضية الفلسطينية لا زحزحة عنه

الداخلية: ضبط 3 تيك توكر لنشرهم فيديوهات خادشة للحياء بالغردقة

النيابة تنتقل لفحص كاميرات موقع حادث مطاردة سيارة لفتيات على طريق الواحات


مساعد الرئيس الروسى: بوتين وترامب يجتمعان فى لقاء فردى يحضره المترجمون فقط

رئيس الموساد: إسرائيل عازمة على احتلال غزة إذ لم تحدث انفراجة فى المفاوضات

الداخلية: ضبط طالب "يشتم" المواطنين فى تعليقات فيس بوك

ضبط شخص خطف طفله للانتقام من طليقته

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

تووليت فى حفل ختام مهرجان العلمين بدورته الثالثة مع كايروكى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى