التحنيط في مصر القديمة.. كيف كانت الطريقة؟

يعد التحنيط هو أحد الوسائل التي كان يتبعها المصريون القدماء لحفظ الجسد بعد الموت، وما زالت الفكرة موجودة إلى يومنا هذا في بعض الثقافات المختلفة، كما يتجه البعض لتحنيط الحيوانات لحفظها واستخدامها، ويتضمن التحنيط كفكرة تجفيف الجسد عمداً لحفظ الجسد بعد الموت وغالبًا ما يشمل ذلك تجفيف جسم الشخص المتوفى وتجميد تجفيف اللحم والأعضاء باستخدام مواد كيميائية أو مواد حافظة طبيعية مثل الراتينج.
بينما يشير مصطلح التحنيط "الطبيعي" إلى تكوين المومياوات لأسباب غير مقصودة أو عرضية، قد يحدث هذا إذا تعرض الشخص المتوفى لدرجات حرارة منخفضة للغاية، أو لظروف جافة، أو بعض العناصر البيئية الأخرى، وهناك الكثير من الكتب التي تحدثت عن التحنيط في مصر القديمة وعن طرق التحنيط ومن بينهم كتاب موسوعة مصر القديمة (الجزء الثاني) من تأليف سليم حسن:
يقول سليم حسن في كتاب: طرق التحنيط كما ذكرها "هردوت": فذكر لنا هردوت أن المصريين كانوا يستعملون ثلاث طرق مختلفة للتحنيط؛ ففي الأولى وكانت باهظة الثمن: كان نخاع المخ يستخرج بعضه بآلة خاصة والباقي بعقاقير لم يذكر لنا اسمها، أما محتويات الجوف فكانت تستخرج (وربما كان المقصود من ذلك أن يشمل محتويات الصدر ما عدا القلب والكليتين) وبعد تنظيف الجوف بنبيذ البلح والتوابل، كان يملأ بالمر وخيار شنبر وغير ذلك من المواد العطرية ولم (تعرف أسماؤها)، ولم يكن الكندر منها، وكان الجزء الذي يفتح من الجسم لأجل التحنيط يخاط ثانية. ثم بعد ذلك يعالج كل الجسم بالنطرون، ثم يغسل ويلف في لفائف من الكتان كانت تلصق بالصمغ.
أما في الطريقة الثانية: فكان يستعمل زيت خشب الأرز الذي كان يحقن به الجسم ثم يعالج بالنطرون. والطريقة الثالثة، وهي أرخصها: كانت للفقراء وتتلخص في تنظيف الأحشاء البشرية ثم بعد ذلك يعالج الجسم بالنطرون.
ما ذكره ديور عن التحنيط: أما ما كتبه "ديدور" عن التحنيط فإنه يعطينا بعض تفاصيل لم يذكرها لنا "هردوت"، فإنه وإن كان قد ذكر لنا ثلاث درجات للاحتفال المأتمي إلا أنه لم يذكر لنا إلا طريقة واحدة للتحنيط، وهي إزالة الأحشاء ما عدا القلب والكليتين، وذكر لنا أيضًا تنظيف الأحشاء بنبيذ البلح ومعه توابل مختلفة (لم يعين أسماءها) ثم بعد ذلك يدلك الجسم بزيت خشب الأرز، ثم يمسح بالمر والقرفة ومواد مماثلة وذلك لتعطير الجسم وحفظه، وفي مناسبة أخرى ذكر لنا "ديدور" عندما كان يصف قار البحر الميت أنهم كانوا يحملون هذا القار إلى مصر ويبيعونه هناك لتحنيط الموتى، لأنهم إذا لم يخلطوا هذه المادة بتوابل عطرية أخرى، فإن الأجسام لا يمكن أن تحفظ مدة طويلة دون تعفن.
ويجب أن نلفت النظر هنا إلى أن وصف كل من "هردوت" و"ديدور" متأخر جدًّا، وإن المدة التي تقع بين أول بداية استعمال التحنيط وما كتبه هذان الكاتبان تبلغ نحو 3000 سنة، ولا بد أنه في خلال هذه الفترة قد تغيرت طرق التحنيط تغيرًا عظيمًا، ولذلك لا يمكننا أن نعد وصفهما دقيقًا في تفاصيله، وسنلخص هاتين الطريقتين ونفحص ما فيهما من الأغلاط، ونتكلم كذلك عن المواد التي استعملت في التحنيط حسب ما وصلت إليه البحوث العلمية الأخيرة.
ففي الطريقة الغالية الثمن، كان المخ، والمعدة والأمعاء تزال ما عدا القلب والكليتين، وهذا القول يتفق في جملته من النتائج التي وصلنا إليها بعد فحص عدة موميات، إذ نجد أن القلب دائمًا قد ترك في مكانه وكذلك الكليتان، أما الأمعاء والأحشاء فقد أزيلت، غير أننا نجد أحيانًا بعض عظماء القوم، وهم الذين كانت تحنط جثثهم بالطريقة الغالية جدًّا، لم تزل أحشاؤهم، مثال ذلك الملكة "عاشيت" زوجة الملك "منوحيب" الثاني أحد ملوك الأسرة الحادية عشرة، وكذلك جثة "مايت" التي يحتمل جدًّا أن تكون أميرة، وقد وجد "ونلوك" كلتيهما في الدير البحري، وفحصهما الأستاذ "دري".
أما تنظيف الأمعاء والأحشاء بنبيذ البلح والتوابل، فهي عمليات لم تترك طبعًا أي أثر، أما التجاويف التي كانت تتخلف في الجسم بعد هذه العملية فكانت تملأ بالمر وخيار شنبر ومواد أخرى عطرية، ثم بعد ذلك يخاط الجزء الذي فتح لإجراء عملية التحنيط. وقد ذكر لنا "هردوت" بصفة خاصة أن هذه العمليات كانت تحدث قبل معالجة الجسم بالنطرون، ورغم أن الدكتور بتجرو Pettigrew، واليوث سميث، ودرسون يشكون في ذلك، فإن ذلك من الجائز، إذ ربما كانت توضع هذه المواد العطرية لتحفظ رائحة الجسم جميلة أثناء فتحه، وقد لوحظ أن الفتحة التي كانت تعمل في الجسم للتحنيط لم تخط، هذا إلى أنه لم يكن تميز المر أو الخيار شنبر بالتحقيق في تجويف المعدة أو الصدر، أما أما أهم المواد التي حشيت بها هذه التجاويف فقد وجدت أنها كتان أو الكتان والراتينج، والنشارة، أو نشارة وراتينج، وتراب ونطرون وحزاز صخري، وأحيانًا توجد بصلة أو أكثر. ثم كان يعالج الجسم بالنطورن وقد ذكر ذلك "هردوت" فقط، وسنتكلم عنه فيما بعد.
Trending Plus