الحرب العالمية والأشباح النووية.. ترامب ونتنياهو والهند وباكستان وأوكرانيا!

فى مثل هذه الأيام من عام 1945، تم إعلان استسلام ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية، لكن المفارقة أن نفس الأيام تشهد صداما عسكريا بين الهند وباكستان، مع مخاوف من استخدام أى من الطرفين للأسلحة النووية التى تملكها، وفى نفس الوقت نشرت الجارديان تقريرا عن استطلاع رأى أجرته مؤسسة «يوجوف» قالت نتائجه إن غالبية المواطنين فى الولايات المتحدة وغرب أوروبا يعتقدون أنّ اندلاع حرب عالمية ثالثة خلال السنوات الـ5 إلى الـ10 المقبلة، أمر وارد بشدة، وسط تركيز واسع على التوترات مع روسيا بوصفها السبب الأرجح لاندلاع الحرب، بينما ترى مؤسسات أخرى أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بالفعل حرب عالمية بدأها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى جاء بوعود إحلال السلام وانهاء الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة، فإذا به يمنح الاحتلال ونتنياهو أضواء خضراء لاستمرار حرب وعدوان وإبادة بلا أفق، وهو ما يشكك فى نية ترامب أو وعوده.
الكل يتحدث عن الحرب العالمية الثالثة، بينما يرى كثير من الخبراء أن الحرب الثالثة بدأت بعد سنوات قليلة من انتهاء الحرب الثانية، ويقصد بها الحرب الباردة التى استمرت منذ 1945 إلى بدايات التسعينيات عندما خرج الاتحاد السوفيتى من السباق، بينما صعدت قوى تجارية واقتصادية وحروب معلومات وتحولات فى السلطة والاقتصاد، وقد أطلق اسم الحرب العالمية الرابعة كونت «دى مارنشيز»، مدير المخابرات الفرنسية منذ 1969 منذ عودة الجنرال ديجول حتى ما بعد 1980، وفى عام 1993 أصدر مذكراته فى كتاب أسماه «الحرب العالمية الرابعة؛ دبلوماسية وتجسّس فى عمر الإرهاب» كشف فيه تفاصيل عن تصاعد الإرهاب وأيضا عن الغزو السوفيتى لأفغانستان وبداية مرحلة من حرب المخابرات والتجسس، ضمن الحرب الباردة منذ نهاية السبعينيات حتى نهاية الحرب.
وفى مذكراته يرصد كونت «دى مارنشيز» ما كان يرى وقتها أنه صعود أنواع من الإرهاب بعضها يرتبط بدول الجنوب، كما كان يرى أن الاتحاد السوفيتى وهو فى أوجّ خصومته مع الغرب الرأسمالى فى الحرب الباردة كان يلعب ضمن خطوط اللعبة، ونمطيّة تفكير قادته تقارب وتسير ضمن نمطية التفكير الغربى، وضمن حدود اللعبة، لكن الرجل بالفعل كان يتوقع نهاية الصراع الروسى الغربى، وهو توقع لم يحدث، بل انه استمر ووصل الى حدود الصدام فى حرب نووية، على أرض أوكرانيا، وقد اتهمت روسيا الولايات المتحدة والغرب بالعبث فى فنائها الخلفى بمحاولة ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو، وترى موسكو أن حلف شمال الأطلنطى الذى قام ضمن الحرب الباردة كان يفترض أن ينتهى مع تفكيك ونهاية حلف وارسو الذى انضمت بعض دوله إلى الناتو، وهو ما يمثل استدعاء للحرب الباردة حتى ولو من دون أيديولوجية.
روسيا التى تحتفل بنهاية النازى، واستسلام ألمانيا تعيد تذكير الغرب والحلفاء بالدور الكبير والتضحيات التى قدمتها موسكو والاتحاد من أجل مواجهة النازى، بجانب التذكير بخطورة الاستقطاب وإعادة أجواء الصدام فى أوكرانيا.
لقد كانت الحرب الباردة مجالا لصدامات كادت تقود العالم لحرب نووية، أشهرها حرب الكوريتين، وخليج الخنازير والصواريخ السوفيتية والمخابرات الأمريكية، وحرب فيتنام، وغيرها، والولايات المتحدة كانت هى الطرف الوحيد الذى استخدم القنبلة النووية فى هيروشيما ونجازاكى فى أغسطس 1945، بالرغم من انتهاء الحرب واستسلام ألمانيا، لكن القنبلة النووية كانت موجهة للاتحاد السوفيتى، وللعالم، وبينما يحتفل العالم بانتهاء الحرب العالمية الثانية، يظهر من جديد شبح صدام نووى، بين الهند وباكستان اللتين استقلتا عام 1947، ثم خرجت بنجلاديش عن باكستان عام 1971.
والآن تعود نذر الحرب بعد أن تكررت الصدامات أعوام 1947، و1965، و1971، و1999، بجانب توترات سياسية مختلفة، والآن بدأت الحرب بقصف متبادل بين باكستان والهند عبر معظم خط وقف إطلاق النار ، بعد أن قصفت الهند مواقع داخل باكستان قائلة إنها «بنية تحتية تابعة لإرهابيين مسؤولين عن هجوم مسلح فى كشمير» الشهر الماضى. وهى حرب تعيد مخاوف صدام نووى باعتبار كلتا الدولتين تمتلك قنابل وأسلحة نووية، وكلتا هما لم تستعملها طوال مرات الصدام، خاصة أنها ليست بعيدة عن الدول الكبرى والحروب الاقتصادية القائمة التى تشير إلى أن الحرب الباردة التى تعود بلا أيديولوجيا، تكرر مخاوف حرب رابعة أو ثالثة، وفى كل الحالات هناك تلويح بالسلاح النووى.

Trending Plus