سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 مايو 1967.. مؤرخ فنى يكشف: «أنور وجدى هددنى بإطلاق الرصاص لأننى كنت شاهدا على إطلاقه شائعة تبرع ليلى مراد لإسرائيل بخمسين ألف جنيه»

بعد سنوات من عزلتها وتوقفها عن النشاط الفنى منذ آخر أفلامها «الحبيب المجهول» عام 1955، قررت الفنانة ليلى مراد العودة بأغان جديدة من تلحين الملحن الشاب حلمى بكر، فتجدد الحديث عن أسباب عزلتها، ونشرت «الكواكب» تحقيقا بعنوان «مأساة ليلى مراد» للكاتب الصحفى والناقد الفنى حسين عثمان، فى عدد رقم 822، يوم 2 مايو 1967، وطرح التحقيق أسباب اعتزال الفنانة الكبيرة فى عز تألقها، ومن بينها شائعة سفرها سرا إلى مكان مجهول عام 1952 زارت فيه منظمات سرية تابعة لإسرائيل، وتبرعت بمبلغ 50 ألف جنيه، لأنها كانت يهودية قبل أن تعتنق الإسلام فى عام 1946.
كشف تحقيق «الكواكب» أن الفنان أنور وجدى وراء هذه الشائعة الخبيثة، بعد طلاقه لليلى مراد، وفشل محاولاته للرجوع إليها، فانتهز فرصة سفرها لفرنسا، وسخر ذكاءه فى نشر الشائعات ضدها، ومن بينها هذه الشائعة التى أكدت التحقيقات الدقيقة أنها مزاعم لا أساس لها من الصحة.
أثار الاتهام الموجه لأنور، الكاتب والمؤرخ الفنى حسن إمام عمر، فكتب شهادته على ما جرى، وكان شاهد عيان عليه، ونشرتها «الكواكب» فى عدد 823، يوم 9 مايو، مثل هذا اليوم، 1967، مؤكدا أنه كان يعرف أنور وهو يخطو خطواته الأولى فى الحقل الفنى، وارتبطا بصداقة قوية، وبحكم هذه العلاقة كان أنور يحكى له كل مشاكله الخاصة ومشاكله الفنية، وكان فى مقدمة هذه المشاكل علاقته الزوجية بليلى مراد التى بدأت فى الاضطراب عندما طالبتها مصلحة الضرائب بدفع ما عليها من ضرائب، والمعروف أنها لم تكن تتقاضى أجرا من تمثيل أدوراها فى أفلام أنور وجدى، وطالبته بتسديد جزء للضرائب لكنه رفض، ويؤكد «عمر» أن رفض أنور يعود إلى أن المادة كانت هى كل شىء عنده.
يضيف «عمر»، أن الخلاف استفحل بينهما إلى أن وقع الانفصال الأول، فطار صوابه، وأخذ يحاربها بكل سلاح، ويطلق عليها الشائعات ومن بينها شائعة سفرها إلى منظمات سرية تابعة لإسرائيل وتبرعها لها بخمسين ألف جنيه، ويكشف «عمر» أنه كان فى زيارة لأنور فى بيته، ووجد عنده أربعة صحفيين من سوريا ولبنان، ويضيف: «أدركت التغيير المفاجئ الذى حدث على وجهه أن فى الأمر سرا لا يريدنى أن أطلع عليه، ولم أشأ أن أحرجه، وتمشيت معهم فى حديث السمر الذى افتعله أنور بخفة ظله وسرعة بديهته».
ويقول، إنه فى اليوم التالى زاره أحد هؤلاء الزملاء، وأفضى إليه بالسر الذى جمعهم أنور، وكان يدور حول تلك الشائعة الظالمة التى تدفع ليلى مراد بخيانة الوطن، ويضيف: «هذه الشائعة الظالمة وإن كانت أساءت إلى ليلى مراد إساءة بالغة، فإنها ارتدت كسهم أصاب أنور فى أعز ما يسعى لجمعه بشتى الطرق وهو المال، فنتيجة لهذه الشائعة تم منع عرض أفلام ليلى مراد فترة فى جميع الدول العربية، ومنعها فى سوريا بالذات لمدة طويلة، ما كبد شركة أفلامه خسائر فادحة لم يتوقعها.
يكشف «عمر» أنه زار أنور ذات يوم، وكان ملازما فراش المرض، وجاء إبراهيم مراد، شقيق ليلى، وكان يعمل فى شركته، وأفضى إليه برفض صفقة بيع مجموعة أفلامه بعشرين ألف جنيه نتيجة منع عرض أفلام ليلى مراد فى سوريا، ويضيف: «وجدتنى رغما عنى أنظر إليه فى عتب، وأقول له مازحا: «شفت بقى، أهى جت عليك»، فما كان منه إلا أن هم من فراشه صارخا فى وجهى: «عاوز تقول إيه، يعنى أنا اللى طلعت الشائعة»، وقبل أن يتم صرخته امتدت يده إلى أحد الأدراج بجانب الفراش، وأخرج مسدسا صوبه نحوى وهو يواصل صراخه: «حتى أنت كمان عاوز تموتنى، لكن انا حاموتكم كلكم قبل ما تموتونى».
يذكر «عمر» أن المفاجأة أخذته، ولم يدر إلا وإبراهيم مراد يحتضن أنور بعد أن ضرب يده وأوقع المسدس بعيدا، ثم وقع أنور على الأرض وهو يجهش بالبكاء، والدم ينزف منه بغزارة، ويضيف: «خرجت من عنده وفى نيتى ألا ألقاه مرة أخرى، وإحقاقا للحق كان أنور سريع الغضب والانفعال، ولكنه عندما يهدأ يعترف بخطئه ويسترضى من يخطئ فى حقهم بشتى السبل، وهذا ما كان، ففى نفس اليوم وبعد منتصف الليل فوجئت به يحضر لمنزلى يرتدى معطفه الأسود فوق الجلباب البلدى الأبيض الذى يرتديه دائما فى بيته، ولم يكد يلقانى حتى احتوانى بذراعيه ودموعه تبلل وجهى قائلا: معقول بعد السنين الطويلة تزعل منى يا أبوعلى، دا انت الوحيد يمكن اللى عارفنى وفاهمنى، وأعمل إيه لقيتك حتشيّلنى التهمة قدام أخوها إبراهيم»، ثم وضع يده فى جيب المعطف وأخرج المسدس وهو يقول: وانت صدقت برضه انه مسدس حقيقى، دى ولاعة على شكل مسدس، وضغط على الزناد وخرجت شعلة الولاعة لتؤكد ما يقول.
يكشف عمر: «بعد أسبوع صدرت صحيفة سورية وفى صفحتها الأولى ما نشيت أحمر يقول: «أنور وجدى يطلق الرصاص على صحفى مصرى».
Trending Plus