عصام عبد القادر يكتب عن مخاطر الشائعات المغرضة: مأرب فقد الثقة عبر بوابة الشائعات.. النيل من وحدة النسيج الوطني.. إيقاف قطارات الإعمار.. نصائح الرئيس ملهمة

عندما تتآلف القلوب، وتنسجم، وتتنام الأفكار، وتتحد الرؤى تجاه بناء الوطن، يصعب أن ينال المغرضون من وحدة الشعوب؛ كونها الرافد الرئيس؛ للتصدي بالفكر، والسلاح لكل من تسول له نفسه؛ ومن ثم يأتي سعار الشائعات؛ كي يحقق ما لا تحققه القوة الغاشمة، أو المفرطة؛ فالأمل معقود على تفكك اللحمة، وهتك النسيج؛ لتضعف القوى، وتلين الإرادة، وتمحى العزيمة، ويصبح الجميع على شتات من الأمر.
إن مأرب فقد الثقة عبر بوابة الشائعات من فقه أولويات أصحاب الأجندات المغرضة؛ وذلك منذ فجر تاريخهم المقيت؛ فمن اليسير عليهم أن تسقط الدول في براثن الخلاف، والنزاع بمتلون صوره؛ كي تنتشر حالة الفوضى المأمولة، وتمحى مسلمة الرأي العام الجامع الذي يتوافق حول مصلحة الوطن العليا، وهنا تتولى جماعات متخصصة في تفكيك النسيج الوطني من خلال بث شائعات غير متوقعة، وغير مسبوقة في طريقة تناولها، وهذا بالطبع يقوم على تدريب، وخبرة تتبادلها الكتائب المعنية بهذا الأمر الخسيس.
جمهوريتنا الجديدة على قائمة اهتمام منابر أصحاب الأجندات، ومالكي المنابر الممولة التي تسلط أسلحتها الباثة للسموم من خلال شتى وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي؛ كي تصل إلى الفئات المستهدفة، وتحقن في أذهانها الأفكار المشوهة، وتضلل ما لديها من معلومات صحيحة من مصادرها الرئيسة؛ كي تقع في بؤرة المزيف؛ فلا تستطيع أن تفرزه عن السليم، وهنا يتم الخروج عن سياق المنطق، وإعمال العقل لمستنقع التسليم؛ ليصبح الرأي العام في طرائق ضبابية، ومضللة على الدوام.
عندما نفكر، ونتريث قليلًا، ونتساءل، ما الفائدة الحقيقية من وراء بث الشائعات المكذوبة ليل نهار على دولة بعينها؟، نجد أن الإجابة واضحة؛ إذ تتمثل في العمل الممنهج تجاه إضعاف الثقة بين الحاكم، ومؤسسات الوطن، والمواطن بصورة مباشرة، وهنا تسطع الحقيقة المرة على سطح الميادين؛ فتبدو الغيوم في كافة الأرجاء، معبأة بشحنات من التحاقد، والتباغض، والكراهية المبررة، وهذا قطعًا يؤدي إلى انفجار غير محسوب، قد يضير بمقدرات الدولة، وقد يذهب بالكيان إلى أبد الدهر.
في هذا السياق ندرك أن خطط غير المأسوف عليهم تقوم على استراتيجيات مدروسة بحق، بل وممولة عبر من له مصالح كبرى، وبناءً على ذلك لا تكل، ولا تمل منابر الفجر، والكذب عن إصدارتها المكذوبة، التي تملأ أرجاء الفضاء عويلًا، وتهكمًا، وتقليلًا من جهود الإعمار في وطننا الكبير الغالي، ولا تتوقف عن تشويه الصورة بكافة الطرائق الرقمية، وهذا يؤكد في نفوسنا أن التسامح مع هذه الجماعات غير السوية قد بات ضربًا من المستحيل.
السؤال الذي يتبادر إلى النفس: هل هناك أخطر ممن ينتوي الإضرار بالوطن، والقضاء على أحلام، وطموحات أجيال تلو أخرى؟، الإجابة نرصدها في رغبة، وإرادة هذا الشعب الذي يساند مؤسساته الوطنية، وقيادته السياسية صاحب الرؤية؛ فالجميع شركاء في البناء، والتنمية، والجميع يضحي من أجل بقاء وطن حر، والجميع قد أضحى يدرك من العدو، والمتربص من الحبيب المعين، ويميز بينهما.
تعد الشائعات أحد أسلحة الحروب النفسية التي تستهدف بصورة مباشرة معنويات الشعوب؛ كي تخرج عن سياج النظام، والأمن، والأمان إلى ساحة الخراب، والتخريب، والإطاحة بالمقدرات، وهنا تتوقف قطارات التنمية، وتحل مكانها مدفعيات ثقيلة، يسفك بها الدماء، وتزهق الأرواح البريئة، وهذا ما رصدناه في حروب الجوار الأهلية للجماعات المسلحة التي باتت أجنداتها الخاصة مقدمة على غايات الوطن العليا.
فقد الثقة عبر بوابة الشائعات يقوم على فكرة تعظيم الاحتقان لدى عامة الشعوب؛ لتسارع بهدم مؤسساتها والنيل من استقرارها، وفتك النسيج بخطاب الكراهية، والتباغض؛ فلا مكان لأمن، واستقرار، ومرحبا بكل ما يضير بالآخر دون وجل، أو اهتمام؛ فقد باتت الغاية تبرر الوسيلة، وصار الانتصار على جثث الأبرياء أمرًا اعتياديًا، مسلمًا به وفق قانون الغابات، ومن يقطنها من حيوانات برية.
بوابة شائعات الخبثاء منفلتة، وليس لها ضابط؛ فنشر الأكاذيب بشكل بواح من خلال نشر المعلومات، أو الأخبار، أو الأفكار المكذوبة في جملتها، أو المحرفة، أو المشوهة، والتي تحمل مضمونًا، غير صحيح في كليته؛ فهم ليسوا في حاجة إلى مرجعية، أو موثوقية، أو توثيقًا؛ حيث يستهدفون كل المجالات، التي تعتمد عليها الدولة في تسيير حركتها، وتوجيه تنميتها، وتعضيد استقرارها.
مأرب فقد الثقة يستهدف التدمير، والنيل عبر تشويه ممنهج لكافة مجالات الدولة الوطنية السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية، والثقافية، والصحية، والتعليمية، والبيئية، كما تنال أيضًا من الأشخاص والرموز الوطنية، والمسعى الخبيث من وراء ذلك تشكيل رأي عام سلبي تجاه مرماها، بما يحدث حالة من فقد الشعور بالرضا، وضعف في الاستقرار من خلال حالة الارتباك الفكري التي تشيع بين أفراد المجتمع؛ ومن ثم خلق حالة مزاجية غير جيدة تؤثر على جل مناحي الحياة العملية والعلمية والمعيشية.
شائعات المغرضون تحاول أن تغير سياسات مستقرة بدعوة كاذبة تقوم على التلفيق والكذب والتشويه المتعمد؛ فالدول المتماسكة من خلال مؤسساتها الوطنية وعقيدة شعبها الوسطية التي تستلهم منها قيم ومبادئ سوية، يصعب النيل منها بصورة مباشرة؛ فتأتي المنابر الممولة بمخططاتها الممنهجة كي تؤدي مهمة دقيقة وعاجلة؛ ألا وهي تحقق الغايات والمآرب التي عجزت أن تنجزها الحروب العسكرية.
إضعاف الاستثمار في البشر من أولويات بث الشائعات؛ كي تضعف الدول، وتزهق روح التحدي، وتستبدل بالانهزامية، والتراجع عن الهدف، والطريق، والسعي تجاه تحقيق المصالح الخاصة عبر بوابات الفساد، والإفساد، وهنا نستوعب مأرب الشائعات الخبيثة؛ حيث العمل الجاد تجاه إيقاف قطار النهضة خاصة في الجانب الاقتصادي للوطن، من خلال الحد من كفاءة استثمار الطاقات البشرية، فالشائعات تعمل على تعزيز مستويات الإحباط، والانكسار لدى شباب الأمة.
تعالوا بنا نتذكر ما نصح به فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حيث دومًا ما يؤكد على ضرورة إعلام الشعب بالحقيقة، في كافة الملفات التي تتعلق باهتمامات الرأي العام؛ كي لا ينساق البعض وراء الشائعات، ويتحصل على ما يلبي احتياجاته للمعرفة، من مصادر تنشر، وتروج للشائعات، على مدار الساعة عبر الأبواق، والمنابر الممولة، وهذا ما تقوم عليه المراكز الإعلامية لمؤسسات الوطن، ونود أن يتزايد؛ كي لا تترك الساحة خالية لتلك المنابر المغرضة.
نصح الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة التضافر المؤسسي حول تدشين، وتفعيل برامج توعويةٍ، وتثقيفيةٍ من خلال المؤسسات التعليمية، والدينية، والإعلامية تستهدف توعية قطاعٍ كبيرٍ بالمجتمع تجاه خطورة الشائعات بتنوعاتها المختلفة، وتوضح الغايات الهدامة، التي يسعى مروجوها إلى تحقيقها بصورةٍ متواصلةٍ عبر العديد من الوسائل التقنية، مع عرضٍ للاستراتيجيات، والطرائق المستخدمة في نشر الشائعات، التي تحدث الأثر النفسي البالغ لدى الفئة المستهدفة، والتي قد تشمل المجتمع كله.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
Trending Plus