زاهى حواس وجو روجان.. التضليل بأسبقية البوست!

لا أحد يمكنه الهروب من عالم التواصل الاجتماعى طالما يمتلك حسابا على منصة فيس بوك، أو منصة إكس «تويتر سابقا»، أو أى أداة فهو عرضة للتعرض لحملات، ومن الصعب تعريف ما هو الرأى العام أو كيف يتم تشكيل الرأى العام، وأحيانا بمعلومات مضللة وخاطئة،
وخلق زحام من حملات وتريندات تمثل أحد اهتمامات الرأى العام، وتشغل عالم التواصل الافتراضى كثيرا، وأصبح من الصعب أو ربما من المستحيل على أى مواطن أن يتخيل العالم من دون أدوات التواصل التى تمنحه كل الاتصال بالعالم، مع شكاوى البعض من العيوب التى تظهر وتتزايد، ولا تعنى الرغبة فى اختفاء هذا العالم الذى من فرط افتراضيته يبدو واقعيا، وحتى بعض المستخدمين ممن يصيبهم الملل أو الضيق، ويقرر الواحد منهم مغادرة عالم التواصل وإغلاق الصفحة سرعان ما يعود إلى هذا العالم الذى يقدم تواصلا حتى لو كان نصف حقيقة، وأيضا يشكل العقول والأفكار، لكنه بجانب هذا يحمل بعض التضليل أو الكثير منه.
المفارقة أننا أمام مفارقة أنه فى بعض الأحيان تكون كثافة النشر أو أسبقيته طريقا للتضليل، حيث يسارع أحد أطراف الخلاف بنشر القصة من وجهة نظره، فيجذب تعاطفا من جمهور اعتاد السير فى ركاب المجموع، أو ما يرى أنه أغلبية على حق، فيتبنى وجهة نظر ويصدر حكما، وهؤلاء هم من نسميهم قضاة العالم الافتراضى، وقد ينجح الطرف الآخر فى الوصول إلى نفس الجمهور، ليوضح أو يروى القصة من زاوية أخرى، وربما يفشل فى هذا كله ويبقى الرأى المضلل قائما، أو أحيانا تبقى القضية ملتبسة وغائمة وبالرغم من كثافة النشر تبقى المعرفة قليلة.
وآخر وأبرز مثال على التضليل بـأسبقية البوست، قصة الدكتور زاهى حواس و«جو روجان» الذى استضاف زاهى حواس، فى بودكاست «ذا جو روغان إكسبيريانس» ثم سارع المذيع الأمريكى بوصف المقابلة بأنها «الأسوأ فى تاريخ برنامجه»، وهنا انطلقت أعداد لا بأس بها بالهجوم على زاهى حواس، متبنية وجهة نظر الخواجة، ومهاجمة زاهى حواس، من دون أن يعرفوا السبب، ثم إن الأمر يعد سابقة أن يخرج مذيع أيا كان ليصف ردود ضيفه بأنها سيئة، وأنا هنا أقدر أن هناك كثيرين لا يرضون عن آراء - أو بعض آراء - الدكتور حواس، وحتى أنا لست من أنصاره كثيرا، لكننى كدت أن أقع فى فخ تضليل واضح، وأن أتبنى وجهة نظر مذيع أيا كان، ناهيك عن أن من قدموه قالوا إنه رهيب ومشهور، إلى آخره، بالرغم من أنه ليس مشهورا فى عالمنا كثيرا، بل إنه حصل على شهرة لأول مرة لدينا بسبب الحملة.
بجانب أن منصات تنظيم الإخوان فى الخارج، كلها تبنت وجهة النظر، وإذا راجعنا أيا من هذه الحلقات أو الفيديوهات التى تبدأ بكلمات مثيل: «فضيحة.. إمسك.. كيف.. ماذا» لن تجد فيها أى وصف للموضوع، وإنما مجرد إعادة وإنشاء بلا أى معلومات حول رأى المذيع، بل إن كثيرين هاجموا الرجل ولم يكلف أغلبهم نفسه بمحاولة معرفة القصة أو تطبيق الحد الأدنى من قواعد التحقق وبأن يشاهد الحلقة.
وكدت أنا أن أقع ضحية التضليل، قبل أن أتوقف لأحاول مشاهدة الحلقة، لأكتشف أنها تدور حول قضية بناء الأهرامات المصرية، حيث دافع «حواس» بحماس عن كون المصريين القدماء هم بناة الأهرامات، مستندا إلى أدلة أثرية وعلمية، واتهم «روجان» بالترويج لنظريات غير علمية تنسب بناء الأهرامات لحضارات أخرى أو شعوب مجهولة أو كائنات فضائية، وأراد روجان ان ينتزع اعترافا من حواس يؤيد أساطير عن الأهرامات، منها أن حجارة الأهرامات جاءت من قارة أخرى، وهنا نتوقف لنكتشف أن أغلب من هاجموا الرجل لم يشاهدوا الحلقة، التى كان حواس فيها يدافع عن رؤية علماء المصريات تجاه الحضارة، بينما هناك نغمة تنتشر فى الغرب تنطلق من قصص وحكايات تحاول نفى أى تأثير للمصريين القدماء فى الحضارة، بل وحتى هنرى بريستيد وكثيرين من علماء المصريات اكدوا الارتباط بين الهندسة والقيم والقوانين والعدالة فى الحضارة المصرية، بينما روجان يتبنى أساطير وترهات بل وخرافات.
من هنا فإن كثيرين راحوا ضحية الأسبقية، أو كالعادة يعانون من دونية أمام الخواجة، ويتبنون أى رأى يطعن فى تاريخ مؤكد، لمجرد أنهم لا يحبون فلانا، وينتقدون بعض آرائه، وقد يكون لدى البعض انتقادات لزاهى أو غيره، لكن هذا لا يفترض أن يمنع من تطبيق قواعد العقل وليس تبنى رأى، لأنه سبق على بوستات سوشيال ميديا، ويمكن تفهم الغيظ الذى دفع روجان لاعتبار المقابلة سيئة، لأنه لم يجد اعترافا بأساطيره، وتبعته جوقة اعتادت أن تسير فى قطعان.

Trending Plus