المتشائم.. ساكن الظل وصاحب النظارة السوداء

محمود عبد الراضى
محمود عبد الراضى
محمود عبد الراضى

في مسرح الحياة، حيث تتراقص الأضواء وتتقاطع الظلال، يمضي المتفائل باحثًا عن قبس نور، بينما يجلس المتشائم في زاوية مظلمة، يعكف على عدّ الثقوب في سقف السماء، غير آبه بالنجوم اللامعة.

المتشائم لا يخطئ في الرؤية بقدر ما يخطئ في زاوية النظر، إنه لا يرى من الحياة إلا ظلّها، ولا يسمع من أنغامها إلا النشاز، يمر بجانب الزهور فيشتم رائحة الذبول، لا العطر، ويقرأ السطور ليبحث عن الثغرات لا المعاني.

وكأن الحياة بالنسبة له مسرحية تراجيدية بلا نهاية، وكل حدث سعيد مؤقت لا يُطمئن، بل يُقلق، فـ"ما بعده" دائمًا أسوأ في عقله، هو من يُطفئ الشمعة حتى لا تزعجه فكرة انطفائها، ويغلق النافذة على شمس الصباح، حتى لا يراها وهي تغيب.

إن المتشائم لا يكره الحياة بقدر ما يخاف أن يُخذل منها، فاختار أن يُسبق الخيبة بالخوف، والهزيمة بالانكماش، يفضل أن يعيش في منطقة رمادية لا بياض فيها ولا أمل، فقط ظل طويل يمتد من ماضٍ يئن وجراحٍ لم تلتئم.

وهنا، تكمن الخطورة، أن تُصبح زاويتك من الحياة حادة لدرجة تجرح بها كل لون، فتُكذب الأمل، وتُسجن الفرح في قفص "لكن"، وتوأد كل احتمالات الغد في مقبرة التشكيك.

الحياة، مهما أثقلت كاهلنا، لا تزال مزيجًا من نور وظلال، لكن المتشائم اختار أن يشيح بنظره عن النور، متعلّقًا بالظل كمن يُطارد سرابًا، لا يرى في ولادة طفل سوى احتمال مرضه، ولا في فرصة جديدة إلا خيبة جديدة مؤجلة.

وهذا التشاؤم ليس فقط شعورًا، بل عدوى، قد تنتقل بالاحتكاك، وتسرق البهجة من قلب كان يزهر، لذلك، فإن أخطر ما في التشاؤم أنه لا يكتفي بالبقاء في صاحبه، بل يسعى إلى تطويق من حوله بسحب رمادية ثقيلة.

فليكن الحذر من أن نغرق في ظلال المتشائمين، وأن نخلط الحكمة بالحذر الزائد، أو الواقعية بالتشاؤم المُقنّع، فالحياة، وإن لم تكن مثالية، إلا أنها تستحق أن نراها كاملة، بظلها ونورها، بحزنها وفرحها، بخيباتها وعودتها.

كل صباح يمنحنا فرصة لارتداء نظارة جديدة، لا سوداء، لنرَ النصف الممتلئ، ولنؤمن أن خلف كل ظل، هناك مصدر ضوء ما زال قائمًا، فقط يحتاج أن نلتفت.

لذلك، لا تكن من سكان الظلال، بل كن ممن يصنعون النور، حتى في أصعب العتمات.


 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ابنا فضل شاكر وعاصى الحلانى يحييان حفلًا غنائيًا فى لبنان

لمسة الأبطال.. محمد صلاح ضمن قائمة ملوك الحسم في تاريخ الدوري الإنجليزي

سيدة استولت على أموال الشباب بزعم العمالة بالخارج والجهات المختصة تباشر التحقيق

جريندو يقترب من قيادة هجوم غزل المحلة أمام سموحة

شواطئ مطروح والساحل الشمالى مقصد الباحثين عن المتعة داخل وخارج مصر.. إقبال على الشواطئ والقرى والمنتجعات السياحية.. أفواج مصايف الشركات والأندية والنقابات تزيد زخم المصيف.. وتزايد كبير لرحلات اليوم الواحد.. صور


وادى دجلة يدخل معسكرا مغلقا اليوم استعدادا لمواجهة إنبى في الدورى

موعد مباريات اليوم الجمعة 15 -8 -2025 في الدورى المصرى

جدول ترتيب الدورى الممتاز الخميس 14 أغسطس 2025.. المصرى يتصدر

رئيس شركة Skydance: فيلم Top Gun 3 لـ توم كروز أولوية الشركة

كاسيميرو: محمد صلاح الأجدر بالكرة الذهبية 2025


خسارة ناشئى اليد أمام إسبانيا 31-29 فى ربع نهائى بطولة العالم.. صور

رغم جاهزية اللاعب .. إمام عاشور خارج مباراة الأهلى وفاركو

بيكهام يعوض غياب ياسر إبراهيم في تشكيل الأهلي أمام فاركو

الرئيس السيسى يصدّق على تعديل بعض أحكام قانون التعليم

فضيحة جديدة.. إعلامية من باراجواي تكشف المستور عن كاسياس

إكسترا نيوز: 141 شاحنة مساعدات تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم

مات والده فى حادث منذ 3 أعوام ولحق به الابن اليوم بنفس الطريقة.. تفاصيل

سيول وأمطار غزيرة تضرب وادى الأربعين بسانت كاترين.. فيديو

7 أخبار لا تفوتك اليوم الخميس

مطاردة مرعبة على طريق الواحات.. 3 شباب يتسببون في حادث لفتاتين والداخلية تتحرك.. الجناة يعترفون: حاولنا توقيف الضحيتين ومعاكستهما.. وثقنا الواقعة فيديو وسخرنا منهما.. والسجن المشدد مصير المتهمين.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى