قبل عيد الأضحى.. "اليوم السابع" داخل مشروع الأضاحي السعودي.. جولة ميدانية ترصد الاستعدادات الدقيقة لذبح الهدي خلال أيام النحر وخدمة ضيوف الرحمن.. ومرافق متطورة وثلاجات عملاقة ونظام رقمي محكم

في أجواء تتهيأ لاستقبال أيام التشريق وعيد الأضحى المبارك تتجه أنظار الحجيج إلى أداء واحدة من شعائر الحج المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بهذه الأيام المباركة وهي شعيرة ذبح الهدي خاصة بالنسبة لحجاج التمتع الذين يتعين عليهم تقديم الأضحية امتثالًا لما فرضه الشرع واستعدادًا لاستكمال مناسكهم على الوجه الأكمل.

في هذا السياق تبرز الجهود الضخمة التي تبذلها المملكة العربية السعودية ممثلة في مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي المشروع المعروف بدقته وكفاءته والذي يتحول سنويًا إلى نموذج حي لإدارة العمل الخيري والإنساني في أكثر أوقاته زخمًا.

" اليوم السابع" قام بجولة ميدانية داخل هذا المشروع العملاق قبيل بدء أيام النحر لرصد الاستعدادات الضخمة التي تسبق استقبال آلاف الأضاحي في واحدة من أكبر العمليات اللوجستية المنظمة في العالم الإسلامي.

مع بداية الجولة يلفت الانتباه حجم المباني الهائل داخل الموقع الذي يقع في منطقة مجاورة للمشاعر المقدسة حيث تتوزع منشآته بين مسالخ مخصصة للذبح ومعامل تنظيف متطورة وثلاجات ضخمة مبرّدة تحفظ اللحوم في درجات حرارة مناسبة لضمان صلاحيتها وجودتها قبل توزيعها في وقت لاحق على الجهات والمستحقين في الداخل والخارج.

كل زاوية داخل المشروع تعكس انضباطًا وتنظيمًا محكمًا لا مكان فيه للعشوائية فالعاملون بالموقع مدربون على أعلى مستوى ويعملون وفق منظومة دقيقة تضمن تنفيذ عمليات الذبح والتغليف والتبريد والتوزيع وفقًا لمعايير شرعية وصحية صارمة يتم اعتمادها ومراقبتها من قبل هيئات رقابية سعودية وإسلامية.

ويعتمد المشروع على أجهزة ومعدات حديثة تمثل أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال حيث يتم الذبح أوتوماتيكيًا تحت إشراف لجان شرعية تراقب تنفيذ الشعيرة وفق أحكام الشريعة الإسلامية مع مراعاة الرفق بالحيوان والنظافة وسلامة البيئة.

أحد أكثر ما يلفت الانتباه خلال الجولة تلك الثلاجات العملاقة التي تحتفظ بمئات الأطنان من اللحوم في درجات تبريد دقيقة للغاية حيث تتحول اللحوم بعد الذبح والتنظيف إلى وحدات منظمة داخل عبوات مغلفة يتم تخزينها لحين الشحن أو التوزيع.

وتُدار هذه المرحلة بعناية كبيرة عبر كوادر مدربة ونظام محوسب يراقب كل خطوة من الاستلام وحتى الشحن الأمر الذي يجعل من المشروع علامة فارقة في إدارة الشعائر الدينية في العصر الحديث.

النظافة هنا ليست مجرد إجراء شكلي بل جزء أصيل من الأداء العام فكل نقطة في الموقع يتم تنظيفها وتعقيمها بشكل مستمر طوال اليوم لضمان خلو المكان من أي ملوثات أو مخلفات حيوية ويبدو ذلك واضحًا خلال جولتنا التي استمرت ساعات طويلة في أروقة المباني المخصصة للذبح والتجهيز والتخزين حيث لم تُرصد أي روائح أو مشاهد غير لائقة رغم الأعداد الهائلة من الأضاحي التي يتم التعامل معها يوميًا.

مشروع الهدي والأضاحي لا يقتصر فقط على تقديم الخدمة لحجاج بيت الله الحرام بل يمتد أثره إلى مساحات أوسع من ذلك حيث يتم توزيع اللحوم على المحتاجين داخل المملكة وخارجها من خلال شراكات مع منظمات إنسانية وخيرية وفق آلية تضمن العدالة والفعالية في إيصال هذا الخير إلى مستحقيه.

كما يُعد المشروع نموذجًا يُحتذى به في الجمع بين مقاصد الشريعة ومبادئ الإدارة الحديثة إذ يدمج بين الالتزام الشرعي والانضباط المهني والتقني في آنٍ واحد.

ما يميز المشروع كذلك هو قدرته العالية على التكيف مع ضغوط المواسم ففي وقت لا يتجاوز عدة أيام يتم التعامل مع آلاف الرؤوس من المواشي من لحظة دخولها إلى مسالخ المشروع وحتى خروجها على هيئة لحوم معبأة صالحة للاستهلاك الآدمي موزعة بشكل إنساني ومدروس في واحدة من أكبر عمليات التكافل التي يشهدها العالم الإسلامي كل عام.

وسط كل هذه الحركة المنظمة يشعر الزائر للمكان أن كل شيء قد خُطط له بدقة متناهية فالموظفون يتحركون بانسيابية والتجهيزات تعمل دون توقف والرقابة موجودة في كل نقطة والتنسيق بين الفرق المختلفة يظهر وكأنه لوحة متكاملة من العمل الجماعي المدروس الذي يضع راحة الحاج وكرامة الشعيرة في مقدمة الأولويات.

وفي الوقت الذي يستعد فيه ضيوف الرحمن للنحر والتكبير في المشاعر يستعد هذا المشروع أيضًا لتقديم نموذج مشرف لما يمكن أن تفعله الإدارة الجيدة عندما تلتقي النية الصادقة بالإمكانيات والتقنية الحديثة والالتزام بالمعايير.

مشروع الأضاحي السعودي (1)

مشروع الأضاحي السعودي (2)

مشروع الأضاحي السعودي (3)

مشروع الأضاحي السعودي (4)