لم ينجح مع روسيا والصين وإسرائيل.. إحباطات ترامب فى السياسة الخارجية تتراكم.. واجه تجاهلاً من موسكو.. حربه التجارية لم تجبر بكين على التراجع.. وCNN: دونالد وجد أن بعض قادة العالم يصعب فرض الأمور عليهم بالقوة

من الصين وروسيا إلى كندا، يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعانى من تراكم الإحباطات فى سياسته الخارجية، فى ظل عدم قدرته على تحقيق نتائج ملموسة سواء مع روسيا أو الصين.
وقالت شبكة CNN فى تحليل لها عن سياسة ترامب الخارجية إن كل رئيس أمريكى يعتقد أنه يستطيع تغيير العالم، ودونالد ترامب تحديداً لديه شعور بالقدرة الشخصية المطلقة أكثر من سابقيه.
لكن الأمور لا تسير على نحو جيد للغاية للرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. فربما يرهب ترامب عمالقة التكنولوجيا ليجبرهم على الالتزام بالقواعد، بحسب التقرير، أو يستخدم نفوذه الحكومى لمحاولة إذعان مؤسسات مثل جامعة هارفارد والقضاة. ولكن بعض قادة العالم تبين أنه يصعب فرض الأمور عليهم بالقوة.
وقالت "سى إن إن" إن ترامب تعرض للتجاهل والإذلال من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى تحدى جهود الولايات المتحدة لإنهاء الحرب فى أوكرانيا. ويصور الإعلام الروسى ترامب على أنه المتحدث الصارم الذى يتوعد دائما ولا يفرض أى عواقب أبداً.
وظن ترامب أيضا أن بإمكانه تشكيل الصين حسب إرادته بمواجهة رئيسها شى جين بينج فى حرب تجارية. إلا أنه أساء فهم السياسات الصينية. فالشىء الذى لا يستطيع الحاكم فى الصين فعله أبدا هو الخضوع لرئيس أمريكى. ويقول المسئولون الأمريكيون الآن أنهم محبطون من أن الصين لم تتبع الالتزامات الرامية إلى وقف تصعيد الحرب التجارية.
ومثلما حدث مع الصين، تراجع ترامب عن حرب الرسوم الجمركية مع الاتحاد الأوروبى. وأثار روبرت أرمسترونج، المعلق بفاينانشبال تايمز، غضب الرئيس باستخدام مصطلح "تاكو ترامب"، أى ترامب الذى يتراجع دائما.
وظن الجميع أن ترامب سيكون على اتفاق مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى. فخلال فترته الرئاسية الأولى، قدم ترامب لنتنياهو كل ما أراده. لكنه الآن يحاول التوسط للسلام فى الشرق الأوسط، ويجد أن إطالة أمد الحرب فى غزة تهديد وجودى للمسيرة السياسية لنتنياهو، مثلما هو الحال بالنسبة لبوتين مع أوكرانيا. كما أن طموح ترامب فى اتفاق نووى مع إيران يحبط الخطط الإسرائيلية لاستغلال لحظة ضعف إستراتيجى لطهران لمحاولة القضاء عسكريا على مشروعها النووى.
وتقول سى إن إن ، إن ترامب أمضى أشهرا خلال حملته الانتخابية العام الماضى يتفاخر بأن علاقته الجيدة جدا مع بوتين أو شى ستحل بشكل سحرى المشكلات السياسية الدولية والاقتصادية العميقة بين القوى العالمية، والتى قد تكون مستعصية على الحل.
لكنه ليس أول رئيس أمريكى يعانى من مثل هذه "الأوهام". فقد نظر جورج دبليو بوش فى عين بوتين و"أدرك جوهره"، بينماتعامل باراك أوباما مع روسيا على أنها "قوة إقليمية آخذة فى التدهور"، ووصف بوتين ذات مرة بأنه يشبه الطفل الملل فى آخر الفصل الدراسى. لكن الأمر لم ينجح عندما ضم بوتين بالفعل شبه جزيرة القرم لروسيا.
وتقول "سى إن إن" إن كل رؤساء أمريكا فى القرن الحادى والعشرين تعاملوا كما لو كانوا هم من سيحسمون المصير. فقد جاء بوش الابن إلى السلطة عازما على ألا يتصرف كشرطى للعالم. لكن أحداث سبتمبر الإرهابية جعلته كذلك تماما. وبدأ حروباً فى أفغانستان والعراق، فازت بها أمريكا لكنها خسرت السلام. ولم يحقق هدفه الفاشل فى ولايته الثانية بنشر الديمقراطية فى العالم العربى أى تقدم.
أما أوباما فحاول إصلاح ما أفسدته الحرب العالمية على الإرهاب، فسافر إلى مصر ليخبر المسلمين أن الوقت قد حان لـ "بداية جديدة". أما جو بايدن، فجاب العالم ليعلن للجميع أن أمريكا قد عادت بعد إقصاء ترامب من البيت الأبيض. لكن بعد أربع سنوات، ولأسباب لها علاقة بقراره الكارثى الترشح لفترة ثانية، اختفت مجددا أمريكا، او على الأقل نسختها فيما بعد الحرب العالمية الثانية، وعاد ترامب.
وتقول "سى إن إ"ن إن نهج الشعبوية الذى انتهجه ترامب "أمريكا أولًا" يعتمد على فرضية أن الولايات المتحدة قد تعرضت للنهب لعقود، ناهيك عن أن تحالفاتها وتشكيلها للرأسمالية العالمية جعلاها أقوى دولة في تاريخ الكوكب. والآن، وهو يتظاهر بأنه الرجل القوى الذي يجب على الجميع طاعته، ينشغل بتبديد هذا الإرث وتحطيم القوة الناعمة الأمريكية ، أى القدرة على الإقناع، بجرأته.
وأظهرت الأشهر الأربعة الأولى من رئاسة ترامب، بما رافقها من تهديدات بفرض رسوم جمركية، وتحذيرات من التوسع الإقليمى الأمريكي فى كندا وجرينلاند، وإلغاء برامج المساعدات الإنسانية العالمية، أن لبقية العالم رأى فيما يحدث أيضًا. وحتى الآن، يبدو أن قادة الصين وروسيا وإسرائيل وأوروبا وكندا قد حسبوا أن ترامب ليس بتلك القوة التي يظنها، وأن لا ثمن لتحديه، أو أن سياساتهم الداخلية تُلزمهم بالمقاومة.
Trending Plus