أخبار الزمان.. المسعودي يتحدث عن موت آدم عليه السلام

المعرفة ليست مضرة، وليس من الضروري أن نصدق كل ما نعرفه، لكنه بصورة ما يفيدنا ذلك في فهم طرق التفكير، لذا أحب العودة لقراءة كتب التراث وتأمل ما فيها، خاصة كتب التاريخ، التي تلقى الضوء على الحياة على الإنسان الأول، ومن هذا المنطلق نقرأ معا ما كتبه المسعودي في كتابه أخبار الزمان:
نتابع ما قاله المسعودي عن "آدم وأولاده":
وإن آدم غشي حواء فولدت له قابيل وتوأمته قليما، وكان كذلك يولد له توأمين في كل بطن.
ثم ولدت له هابيل وتوأمته لبوذا فشغل قابيل بالحرث، وشغل هابيل برعي الغنم، ثم أمره أن يزوج هابيل من أخت قابيل فضربها وقال أنا أحق بأختي منه، فأمرهما أبوهما أن يقربا قرباناً فأيهما تقبل قربانه كان أحق بأخت قابيل، فرضيا بذلك.
وقرب هابيل أسمن كبش كان عنده، وقرب قابيل من أرذل ما كان عنده من الغنم وكان ذلك بينهما يوم الجمعة، وجاءت النار إلى القربان، وأخذت الكبش الذي كان لهابيل، وحملته ولم تقبل قربان قابيل، فأغضبه ذلك وعزم على قتل أخيه بعد منصرفهما من منى، فلم يدر كيف يقتله فتصور له إبليس لعنه الله في صوره إنسان، وأخذ طائراً فشج رأسه بحجر فقتله، وحمله معه حتى غاب عن عينه فاغتفل قابيل هابيل حتى نام عند غنمه، وهي ترعى فحمل حجراً فطرحه على رأسه فقتله فاصبح من النادمين، وطال تحسر آدم عليه السلام على ابنه هابيل وعلى الجنة فانزل الله تعالى له خيمة من خيام الجنة من ياقوتة حمراء وضعت مكان الكعبة ولمائتين وثلاثين سنة من مهبط آدم ولد له شيث وهو هبة الله وتوأمته، فتقول أصحاب التواريخ: إنه ولد له مائة وعشرون بطناً، وأمر آدم عليه السلام بكتب الصحف، وعلم اللغات كلها، وعلم الأسماء التي قهر بها الجان والشياطين وعلم حساب الأزمنة وسير الكواكب وسأل ربه أن يريه الدنيا وما يكون فيها من خير وشر، فمثلت له براً وبحراً فنظر اليها والى ملوكها وسكانها من ولده، وصور الأنبياء وما يكون في العالم ويدور فيه من خير وشر الى انقضائه ولما كثر ولده وولد ولده بعثه الله إليهم وأمره أن يأمرهم بما أمره الله به وينهاهم عما نهاه عنه، ويقال إنه أرسل وهو ابن تسعمائة سنة وسبعين سنة.
ولما أراد الله سبحانه وتعالى أن يتوفاه أمره ان يسند وصيته الى ابنه شيث ويعلمه جميع العلوم التي علم بها ففعل، وكان سبب وفاته عليه السلام أنه انصرف من الفلاحة موعوكاً فحم ومرض إحدى وعشرين يوماً والملائكة تختلف اليه.
ويقال إنه اشتهى قطفاً من عنب الجنة فوجه بعض ولده يسأل له ذلك ممن لقيه من الملائكة، فلقيه جبريل عليه السلام فعزاه في أبيه وقال ارجع فان أباك قد مات.
وكان سنه يومئذ تسعمائة وثلاثين سنة، وقالوا تسعمائة وخمسين سنة بعد ما وهب لداود منها خمسين سنة وأتاه جبريل عليه السلام بكفن وحنوط من الجنة وعلم شيث كيف يغسله ويكفنه، وقيل هذه سنة لكم في موتاكم بعده، وحمل إلى غار الكنز في جبل أبي قبيس فدفن فيه، وكانت وفاته عليه السلام يوم الجمعة، ومات وولده وولد ولده أربعون ألف بيت ورفعت مع موته الخيمة الياقوت التي كانت بموضع الكعبة.
وحزنت عليه حواء حزناً شديداً وبقيت بعده سنة ثم ماتت، عليه السلام والرحمة، وصلى عليها شيث ودفنها الى جانب آدم صلى الله عليه وسلم وعلى جميع النبيين والمرسلين.
Trending Plus