التنسيق الحضارى يدرج اسم عبد الله بن الظاهر فى مشروع حكاية شارع بمدينة نصر

أدرج الجهاز القومى للتنسيق الحضارى اسم عبد الله بن الظاهر" فى مشروع حكاية شارع، وذلك تخليداً لذكراه عبر الأجيال حيث تم وضع لافته تحمل اسمه وكافه التفاصيل المتعلقة عنه على شارعه الذى يقع بحى مدينة نصر.
فهو “عبد الله بن طاهر بن الحسين ابن مصعب بن رزيق بن أسعد أبو العباس الخزاعي”، وتعد أسرة آل طاهر من الأسر المهمة في تاريخ الدولة العباسية، فهم بيت إمارة وعز وغخر، ولهم دالة على العباسيين، ولد في خراسان عام 798م، وفي ظل هذه الأسرة نشأ وترعرع في بيت إمارة وعز وأدب وعلم وثقافة، وقد تبناه المأمون ورباه. وكان مؤدبه “عيينة بن عبد الرحمن أبو المنهال المهلبي” النحوي اللغوي، وتفقه وسمع من وكيع ويحيى بن الضريس والمأمون، وكان لأبيه فضل في صقل مواهبه، إذ تعهده بالرعاية والتوجيه.
وكان عبد الله أديبًا ظريفًا جيد الغناء، نسب أليه صاحب “الأغاني” أصواتًا كثيرة أحسن فيها ونقلها أهل الصنعة عنه، وله شعر مليح ورسائل ظريفة، ظهرت كفاءة عبد الله بن طاهر وحزمه في وقت مبكر من حياته، كان المأمون كثير الاعتماد عليه حسن الالتفات إليه لذاته، وكان يتوسم فيه حسن القيادة والتدبير، فولاه الجزيرة والشام ومصر، وصير إليه جميع أعمالها، وأمره بمحاربة المتغلبين بها، فنفذ عبد الله في سنة 206هـ بعد نفوذ أبيه إلى خراسان بشهرين، فصار إلى الرقة، فوقع نصر بن شبث العقيلي المتغلب بكيسوم وما والاها من ناحية الجزيرة، واستطاع عبد الله أن يدفع نصر بن شبث إلى الاستسلام سنة 209هـ بعد أن وعده بالأمان، فقضى بذلك على واحدة من أخطر حركات التمرد والعصيان التي واجهت العباسيين.
وبعد ذلك اتجه عبد الله بجيشه إلى مصر، التي كانت تموج بالفتن والاضطرابات بعد تمرد ولاتها على سلطان العباسيين، فزحف إليها بجيشه سنة 211هـ وأرسل إلى عبيد الله بن السري، والي مصر، يدعوه إلى السمع والطاعة للخليفة المأمون، ولكن ابن السري حاول رشوته بهدية كبيرة، أرسلها إليه خفية، فردها عبد الله، وكتب إليه يقول: “لو قبلت هديتك نهارًا لقبلتها ليلاً.. بل أنتم بهديتكم تفرحون”.
ولم يجد ابن السري بدًا من الاستسلام مقابل الأمان، فاستسلم له في 5 صفر 211هـ الموافق 17 مايو 826م، ودخلها عبد الله واليًا عليها، وقد شهدت فترة ولاية “عبد الله بن طاهر” على مصر –بالرغم من قصرها- استقرارًا وازدهارًا ملحوظًا في مختلف نواحي الحياة؛ فقد أعاد الأمن والهدوء إلى البلاد بعد أن تمكن من القضاء على الفوضى والاضطراب، كما شهدت العديد من مظاهر العمران، فقد أدخل عبد الله زيادات وتحسينات ملموسة في بناء الجامع العتيق بالفسطاط “جامع عمرو بن العاص” وزاد من عدد أبوابه، ودعم جدرانه، ورقّم مبانيه.
وحفلت كذلك ببعض مظاهر الإصلاح الاقتصادي، وتجلى ذلك في الاهتمام بتحسين أحوال الناس، والارتقاء بظروفهم المعيشية، كما اهتم بتطوير الزراعة، وتميزت فترة ولايته بالعدل والنزاهة وحسن السيرة، والجود وحب الخير، فيروى أنه عندما دخل مصر منحه المأمون خراجها سنة، فصعد عبد الله المنبر، ولم ينزل حتى وزعها كلها على الناس.
وما لبث “عبد الله” أن ترك مصر بعد أن اطمأن إلى استقرار الأمور بها، واستتباب الأمن والنظام فيها، وعاد إلى “بغداد” فأرسل الخليفة ابنه “العباس”، وأخاه “المعتصم”، وكبار رجال الدولة وأعيانها لاستقباله على مشارف المدينة تكريمًا له وتقديرًا لمكانته، ثم استقبله الخليفة في قصره وأكرمه وأظهر الحفاوة به.
وقد عمل عبد الله على توطيد أركان تلك الدولة الناشئة، واهتم بتنظيم النواحي الإدارية فيها، فكان يشدد الرقابة على عماله، ويحاسبهم على ما يخولهم فيه من سلطات إدارية، وكان حريصًا على الكتابة إليهم ومتابعتهم؛ فَسَادَ في عهده العدل والإنصاف.
واهتم كذلك بالنواحي الحربية والعسكرية في إمارته، فقد كان إقليم خراسان مقر “الدولة الطاهرية” يعد من ثغور دولة الخلافة الإسلامية، ومن ثم فقد اهتم بتحصينه، ووضع الفرق والحاميات العسكرية لحماية تلك الثغور، وعندما وجد عبد الله مدينة “نيسابور” المقر القديم للجند، قد ازدحمت بالجند والسكان، نقل مقر الجند إلى ضاحية جديدة هي “الشاذياخ”، وذلك لمنع المنافرة بين جنوده وسكان المدينة، وحتى لا يميل الجند إلى الحياة المدنية الوديعة، وظلت “نيسابور” عاصمة للدولة الطاهرية ومركزًا للحكم.
وعُنِي عبد الله بالقضاء، فنظم مجالس القضاء، واهتم بإقامة الحدود على الجرائم، وكان يعتني باختيار القضاة الذين يتحلون بسعة العلم والدقة والأمانة.
وعمل عبد الله على إيجاد وسيلة اتصال جيدة بينه وبين عماله من جهة، وبينه وبين الخلافة من جهة أخرى، لنقل الرسائل والمكاتبات الرسمية، واهتم بإصلاح وتطوير نظام البريد، وتلافي بعض السلبيات التي كانت تحدث من قبل نتيجة استغلال عمال البريد لوظيفتهم، وكانوا يتبعون الخلافة مباشرة، وينقلون إليها أخبار الولاة، فكان بعضهم يبتز الولاة ويهدد القضاة وعمال الخراج بالإساءة إليهم عند الخلفاء، فاستخدم عبد الله الحمام الزاجل في مراسلاته مع عمال دولته ومكاتباته للخلافة.
وشهدت الدولة الطاهرية في عهد عبد الله ازدهارًا اقتصاديًا ملحوظًا، فقد اهتم بالزراعة وهو ما أدى إلى تنوع المحاصيل، وشق الترع وقنوات الري، وعندما اشتد النزاع بين المزارعين حول استخدام تلك القنوات أصدر عددًا من التشريعات والقوانين التي تنظم العلاقة بين المزارعين في استخدامها.
كما نشطت بعض الصناعات التي تخصصت في إنتاجها مدن معينة، فاشتهرت “مرو” بصناعة المنسوجات الحريرية والقطنية، كما اشتهرت أيضًا بصناعة الألبان وتجفيف الفواكه، واشتهرت “كركان” بصناعة الأخشاب، وتميزت “طبرستان” بصناعة المفروشات والأكسية الطبرية، وجادت كذلك الصناعات المعدنية وخاصة الحديد في إقليم ما وراء النهر، وكان لصناعة السجاد أهمية خاصة فقد انتشرت تلك الصناعة في إيران منذ القدم، بالإضافة إلى صناعة الجلود والخزف والأسلحة.
وقد أدى ذلك إلى رواج التجارة في تلك المناطق، وازدهار أسواقها، وظهور أسواق شهيرة بها، كما شهدت الحياة الفكرية والعلمية والثقافية نهضة كبيرة في عهد عبد الله، فكان يشجع العلماء والأدباء والشعراء، وكان عبد الله نفسه شاعرًا بليغًا يهتم باللغة العربية وفنونها وآدابها، فالتف حوله عدد من الأدباء والعلماء والفقهاء.

Trending Plus