رئيس صندوق المأذونين الشرعيين يفجر مفاجأة حول زواج المصابين بمتلازمة داون.. خبير قانونى: حرية شخصية ولا يحق معارضته.. والمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة: ندرس الواقعة قانونيا وطبيا.. ودار الإفتاء توضح الأمر

علق إبراهيم سليم، رئيس مجلس إدارة صندوق المأذونين الشرعيين، على الجدل الخاص بانتشار مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعى، لزواج شاب مصاب بمتلازمة داون، من فتاة، قائلا إن الزواج مباح شرعا، وصحيح من الناحية القانونية، وطبقا للمذاهب الأربعة يجوز هذا النكاح.
أضاف رئيس مجلس إدارة صندوق المأذونين الشرعيين لـ "اليوم السابع"، أن توقيع الفتاة ووليها على عقد الزواج، دليل على موافقتها على الزواج، مشيرا إلى أن زواج ذوى الاحتياجات الخاصة، جائز ومباح شرعا، بضوابط معينة، خاصة إذا كان له ولى يتولى شئونه، ويقوم الولى بتزويجه فى حالة وجود حاجة أو ميل للزوج، وذلك لتحقيق العفة.
وقال إن العديد من المصابين بمتلازمة داون لديهم القدرة على الزواج، خاصة وأن هناك شهادات صحية يشترط الحصول عليها لعقد الزواج، تكشف الحالة العقلية والصحية للراغبين فى الزواج.
وذكر أنه إذا ثبت إجبار الفتاة على الزواج، من حقها فسخ العقد، أو تطليقها للضرر، ومن ناحية أخرى بعض الفتيات توافق على الزواج من شاب من ذوى الاحتياجات الخاصة، لتلبية احتياجاته ورعايته، وتثاب على ذلك شرعا، إذا احتسبت الأمر عند الله.
أكد الخبير القانونى ياسر سيد أحمد، أن زواج فتاة من شاب مصاب بمتلازمة داون، بعد انتشار فيديو لحفل زفافهما عبر وسائل التواصل الاجتماعى، يعد حرية شخصية لها، ولا يحق لأى شخص التدخل أو معارضته، طالما أنها ليست مجبرة.
وذكر أن ظهور الفتاة فى حفل الزفاف، وسط أفراد أسرتها يؤكد أنها ليست مجبرة، مؤكدا أن أى إساءة تتعرض لها الفتاة من جانب أى شخص ينشر تعليقات مسيئة على مقطع الفيديو المنتشر لحفل زفافها، يحق لها اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاهه، بالإضافة إلى المطالبة بتعويض.
علق حسام الدين الأمير المستشار الإعلامى للمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، على الجدل الخاص بانتشار مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعى، لزواج شاب مصاب بمتلازمة داون، من فتاة.
وقال المستشار الإعلامى للمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة فى تصريحات لـ"اليوم السابع" إن المجلس يدرس حاليا الأمر من الناحية القانونية والطبية، مؤكدا أنه لا يمكن أن يجزم بمدى صلاحية زواج الشاب من متلازمة داون قبل التأكد من التقارير الطبية أولا.
وأثار مقطع فيديو متداول خلال الساعات الأخيرة، لزفاف فتاة وشاب مصاب بمتلازمة داون، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعى، وسط حالة من الغضب والاستنكار بين المستخدمين الذين اعتبر عدد كبير منهم أن العريس "ليس بكامل قواه العقلية"، مما يطعن فى صحة الزواج شرعياً وقانونياً.
وأكدت دار الإفتاء، أنه يجوز للمعاق ذهنيًّا أن يتزوج؛ فالزواج حق من حقوقه، فهو إنسان مُرَكَّبٌ فيه العاطفةُ والشهوةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، ولا يجوز له أن يباشر عقد الزواج بنفسه، بل ولى أمره هو من يُزوِّجه.
أما مسألة الإنجاب فيُرجَع فى ذلك إلى أهل الاختصاص لتحديد ما يترتب على الإنجاب أو عدمه أو تأخيره أو تحديده من مصالح ومفاسد.
حق ذوى الهمم فى الزواج
الزواج حق من حُقوقِ المعاق ذهنيًّا؛ ثابت له بمقتضى الجِبِلَّة والبشريَّة والطَّبع؛ لأنه إنسان مُرَكَّبٌ فيه الشهوةُ والعاطفةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، شأنه شأن بقية بنى جنسه، مع زيادته عليهم باحتياجه لرعاية زائدة فيما يرجع إلى حالته الخاصة.
وكما أن ذلك الحق ثابت له طبعًا، فهو ثابت له شرعًا؛ فإذا كانت الشريعة قد أجازت للمجنون جنونًا مُطبقًا أن يتزوج، فإن من كان فى مرتبةٍ دون هذه المرتبة -كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة- يكون زواجه جائزًا من باب أولى، ولا حرج فى ذلك، ما دام المعاق مَحُوطًا بالعنايةِ وَالرعايةِ اللازمتين.
هل يجوز للمعاق إعاقة ذهنية أن يباشرعقد الزواج بنفسه؟
الزواج عقدٌ من العقود، متى توفرت فيه أركانه وشرائطه صَحَّ وترتبت عليه آثارُه.
ومن شروط صِحَّة العقود: أهليةُ المتعاقدَين، فإذا اختَلَّت هذه الأهلية بعارِضِ الجنون أو العَتَه: لم يَصِح للمجنون -ونحوه- أن يُباشِر الزواجَ بنفسه، ولو فَعَله لم يَنعَقد العقد؛ وذلك لأن النكاح تَصَرّفٌ مُتَوقِّف على القصد الصحيح، وهو لا يوجد إلا مع العَقل.
قال العلامة الكاسانى الحنفى فى "بدائع الصنائع" : [لا يَنعقد نكاح المجنون والصبى الذى لا يَعقل؛ لأن العقل من شرائط أهلية التصرف] اهـ.
وبسبب هذا الاختلال فى الأهلية، فإن الشَّرعَ قد أثبت سلطة ولاية أمر المجنون للغير؛ لأجل تحقيق الحفظ والصيانة له، وبموجب هذه السُّلطة يقوم الولى برعاية شؤون المُولى عليه المتعلقة بشخصه.
ومن التصرفات التى يجوز للولى إيقاعها: تزويج المجنون الذى تحت ولايته؛ لمصلحة إعفافه أو إيوائه وحفظه وصيانته.
قال الإمام النووى الشافعى فى "روضة الطالبين" : [إن كان المجنون كبيرًا لم يُزَوَّج لغير حاجة، ويُزَوَّج للحاجة، وذلك بأن تظهر رغبته فيهن؛ بدورانه حولهن، وتعلقه بهن، ونحو ذلك، أو بأن يحتاج إلى مَن يخدمه ويتعهده ولا يجد فى محارِمه من يُحَصِّل هذا.. أو بأن يتوقع شفاؤه بالنكاح، وإذا جاز تزويجه تولاه الأب، ثم الجد، ثم السلطان، دون سائر العصبات، كولاية المال، وإن كان المجنون صغيرًا لم يصح تزويجه على الصحيح] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتى الحنبلى : [أمَّا المجنونة: فلجميع الأولياء تزويجها إذا ظهر منها الميل للرجال؛ لأن لها حاجة إلى النكاح لدفع ضرر الشهوة عنها، وصيانتها من الفجور، وتحصيل المهر والنفقة والعفاف، وصيانة العرض، ولا سبيل إلى إذنها، فأبيح تزويجها، ويُعْرَفُ ميلُها إلى الرجال مِن كلامها، وتتبع الرجال، وميلها إليهم ونحوه من قرائن الأحوال، وكذا إن قال ثقة من أهل الطب -إن تعذر غيره، وإلَّا فاثنان-: إنَّ علتها تزول بتزويجها، فلكل ولى تزويجها؛ لأن ذلك من أعظم مصالحها؛ كالمداواة، ولو لم يكن للمجنونةِ ذات الشهوة ونحوها ولى إلا الحاكم زَوَّجَها] اهـ. بتصرف.
تصرفات الولى تكون مقيدة بمصلحة المولى عليه
غنى عن البيانِ أن المقصودَ من هيمنة الأولياء والأوصياء والكُفلاء هو محض المصلحة للمُولَى عليه والمُـوصَى عليه والمكفول، لا أن يتحوَّلَ الأمرُ إلى تجارةٍ للرقيقِ الأبيض فى صُورةِ استخدام هؤلاء المعاقين استخدامًا غير آدمى وغير أخلاقي.
والأصل أن القَيِّم والوالدَين أو أحدهما تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة، دائرة معها؛ فإن كان فى مصلحته من الناحية النفسيَّة أو الصحيَّة أو حتى الماديَّة الزواج فلا يجوز له الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو القريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات الموثوقة والروابط التى تنتظم أمثالَ هؤلاء المعاقين ذهنيًّا، ويكون تأخير القائمين على هؤلاء فى جلب مصلحة لهم -حيث توفرت مقدماتها- فيه تقصيرٌ وإثمٌ بقدر تحقُّقِ تخلُّفهم عن توصيل هذا الخير الذى يغلب على الظن حصوله للمعاقين.
إنجاب المعاقين بعد الزواج أمر يرجع فيه إلى أهل الاختصاص
أما بخصوص الإنجاب فيما بعد: فمرجعُ ذلك إلى الخبراء وأهل الاختصاص، وهم من يُعرَف من خلالهم درجة المصلحة والمفسدة فيما يترتب على الإنجاب أو عدمه أو تأخيره أو تحديده بحسب المصلحة لكل حالة على حِدَتها، وهؤلاء هم الذين يستطيعون الحكم على قدرة المعاق ذهنيًّا على رعاية الأولاد فى المراحل العمرية المختلفة من عدمها، وهل فرص حدوث توريث للمرض الذهنى والعقلى قائمة؟ وما نسبة ذلك؟ وهل هذا الإنجاب يؤثر سلبًا على حالة الأب أو الأم؟ وغيرها من النظرات الاختصاصية التى يترجح معها الإنجاب أو عدمه، ويكون ذلك تحت رعاية وعناية ولى المعاق، وقد يحتاج الأمر للقاضى عند اللزوم أو التنازع.
Trending Plus