قصة السينما فى مصر.. "ليلى" أول فيلم مصرى طويل

يعد فيلم ليلى أول فيلم مصرى طويل، هذا ما يقوله كتاب "قصة السينما فى مصر" لـ سعد الدين توفيق، والذى صدر عن دار الهلال 1969، ما قصة الفيلم؟ خاصة بعدما سبقه محاولة غير مكتملة مع "وداد عرفي" الذي حاول أن يخرجه باسم قبلة في الصحراء؟
يقول الكتاب تحت عنوان "لیلی":
تبدأ قصة فيلم " ليلى" في ضيعة رؤوف بك على مشارف الصحراء، حيث نشأت ليلى وقد مات أبوها وهي طفلة فكفلها شيخ القرية وعاملها كابنته، وجاء رؤوف بك ذات يوم يزور قريته وأعجبته تلك البدوية الحسناء وأراد أن يغريها بماله، لكنها سخرت منه وأعرضت عنه. فقد وهبت قلبها لجارها الشاب البدوى الشهم أحمد الذي كان يعمل دليلا للسائحين ويتردد على فندق في صحراء الهرم قريبا من قريته.
وكان من نزلاء الفندق عالم برازيلي اسمه الكابالیری دی فرناندس وفي صحبته ابنة أخيه الفتاة العصرية الجميلة المتحررة، وجلسا في شرفة الفندق يراقبان البدو ويسخران منهم، فنهض أحمد يدافع عن عشيرته، وشعرت الفتاة الأجنبية بإعجاب شديد بهذا الفتى، وكانت ليلى عندئذ تملأ جرتها من نبع قريب، وفي طريق عودتها إلى القرية تصدى لها رجل شرير يدعى سالم . فصاحت مستغيثة فهرع أحمد لنجدتها وأنقذها من براسن سالم وكاد أن يفتك به لولا تدخل ليلى، وشاهدت الأجنبية الحسناء ذلك الصراع فازدادت إعجابا بالفتى الشهم الذي دافع عن عشيرته وعن حبه ولم يشأ أحمد أن يترك فتاته وحيدة فتقدم لخطبتها
وأصبحت ليلى توافيه في خيمته حيث يستمتعان بساعات من الحب . واستسلمت ليلى وهى تعلم أنه سيصبح زوجها في المستقبل القريب. ولكن الفتاة الأوروبية اتخذت أحمد دليلا لها، وبينما كان عمها يزور بعض المناطق الريفية كانت تزور هي مع أحمد مناطق الآثار بالقاهرة . ووقع أحمد في شرك فتنتها حتى نسى خطيبته، وعلمت ليلى بذلك . ولكن القدر كان يعد لها مفاجأة أخرى . إذ اختفى أحمد تماما . ولما سألت عنه في الفندق قيل لها إنه رجع مع الأجنبية الشابة ...
وهنا فرح سالم برحيل منافسه وعاد يغرى ليلى وهي تزداد منه نفورا، وفاض كأس حزنها فذهبت إلى خيمة امرأة تدعى سلمى كانت تعطف عليها وهي طفلة . فجلست تبثها لوعتها وأفضت إليها بسرها ، وكان سالم يسترق السمع من وراء الخيمة . فما كاد يعرف أن ليلى حامل حتى سعى إلى الانتقام من الفتاة التي احتقرت حبه فمضى إلى شيخ القرية وقال له: أبشر فسيكون لك حفيد عن قریب.
وذاعت في القربة حكاية ليلى، واضطر شيخ القرية إلى طردها من منزله، وحرم على نساء القرية أن يحدثنها ففرت إلى الصحراء تهيم على وجهها إلى أن خارت قواها ورآها رؤوف بك وهو يمر بسيارته في طريقه إلى ضيعته فحملها إلى منزله واستدعى لها الطبيب حيث وضعت طفلا هو ثمرة حبها الضائع.
وقامت عزيزة أمير بدور ليلى، وأحمد الشريعي بدور أحمد، واستفان روستی بدور رؤوف، وأحمد جلال بدور سالم ، والمطربة بمبة كشر بدور سلمى، وماري منصور بدور الممرضة، ومحمود جبر ( زوج منيرة المهدية بدور شيخ القرية، وحسين فوزى بدور الكاباليري دی فرناندس، واليس لازار بدور الفتاة الأجنبية) وفي هذا الفيلم ظهرت آسيا داغر في دور ثانوى . وبلغ ما أنفقته عزيزة على إنتاجه ألف جنيه تقريبا، وقد حذفت رقابة السينما مشهدا من الفيلم تظهر فيه ( طبلية) تتناول عليها الأسرة طعامها.
وبعد أن أصبح الفيلم معدا للعرض حاولت عزيزة أمير أن تجد واحدا من أصحاب دور العرض الكبيرة يوافق على عرضه في داره ، ولكنها وجدت منهم إعراضا، فقد كانوا يشكون في نجاح في نجاح هذه المحاولة على اعتبار أنها لا تختلف من المحاولات السابق ذكرها، وأخيرا اتفقت عزيزة مع موصیری صاحب سینما متروبول على استئجارها أسبوعا بمبلغ ثلاثمائة جنيه، أى أنها عرضت الفيلم على حسابها.
وأقيمت حفلة كبيرة في ليلة افتتاح العرض في يوم 16 نوفمبر 1927 دعى إليها كثيرون من البارزين ومنهم محمد طلعت حرب وأمير الشعراء أحمد شوقي، وحقق الفيلم نجاحا طيبا، ورحبت به الصحافة ترحيبا شديدا و نقلت كلمات محمد طلعت حرب لعزيزة أمير ( لقد حققت يا سيدتي مالم يستطع الرجال أن يفعلوه ) ، وكلمات أحمد شوقى " أرجو أن أرى هذا الهلال ينمو حتى يصبح بدرا كاملا " ، وصفق الجمهور طويلا عندما ظهرت على الشاشة الكلمات والأسماء العربية. ويعتبر هذا الفيلم أول فيلم مصرى طويل . ولهذا أطلق على عزيزة أمير لقب مؤسسة فن السينما في مصر . فقد كان هذا أول فيلم مصرى مائة في المائة في إنتاجه وتأليفه وإخراجه وتمثيله.
وجدير بالذكر أن فيلم الآخوين لاما "قبلة في الصحراء" لم يعرض في القاهرة إلا في 25 يناير 1928 بسینما متروبول.
و كسبت السينما بظهور فيلم "ليلى" والأفلام التي ظهرت بعده جمهورا جديدا . فقد كان رواد السينما وقتئذ معظمهم من الأجانب وبعض طلبة المدارس العليا وعدد من المتعلمين إذ كانت لغة الأفلام الأجنبية تقف حائلا دون أن يستمتع بها الجميع .

أميرة عزيز
Trending Plus