كتاب فرنسي صدر مؤخرا يتساءل: لماذا يعد كهنة الفاتيكان "جواسيس" بارعين؟

تعد الفاتيكان واحدة من أهم الأماكن الدينية في العالم، وتقع داخل العاصمة الإيطالية روما ورغم صغر مساحتها، التي لا تتجاوز 0.49 كيلومتر مربع، فإن لها مكانة دينية وروحية عظيمة، فهي مقر الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وتحتضن كاتدرائية القديس بطرس، بالإضافة إلى كونها مقر البابا، أعلى سلطة دينية فى الكنيسة الكاثوليكية.
وخلال الأسابيع الماضية، تعهد البابا الجديد، ليو الرابع عشر، خلال قداس تنصيبه، بالحفاظ على تعاليم الكنيسة الكاثوليكية ومواجهة التحديات العصرية، وفي ظل هذا الحدث العالمي، صدر كتاب بعنوان "جواسيس الفاتيكان" للكاتب الفرنسي إيفونيك دينويل، مترجمًا عن اللغة الفرنسية.
يبدأ الكاتب بسرد قصة تعود إلى أوائل تسعينيات القرن العشرين، حيث أرسل الشماس الكاثوليكي إيفون بيرتوريلو إلى كلية مينيرفا، التي يديرها الفاتيكان، لتلقي تدريب دبلوماسي، غير أن الحقيقة كانت أكثر إثارة، إذ خضع بيرتوريلو لأربع سنوات من التدريب المكثف في فك الشفرات، والتصوير السري، والعمل الميداني مع وحدات المظلات في الجيش، تمهيدًا لمهام بالغة السرية في أوكرانيا وأرمينيا، علم بها فقط البابا وعدد قليل من مستشاريه الموثوقين.

كتاب الجواسيس
يعلق دينويل على ذلك بقوله، "قد يبدو هذا أقرب إلى سيناريوهات أفلام الجاسوسية"، ويؤكد المؤلف أن الفاتيكان، رغم صغر حجمه وعدد سكانه الذي لا يتجاوز 800 نسمة، لعب دورًا محوريًا في عالم التجسس خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فقد ساعدت شبكة الكهنة المنتشرين في أنحاء العالم، وعلاقات الكنيسة الواسعة، في توفير قناة معلومات عالمية يصعب على أي جهاز استخبارات تقليدي منافستها.
ومن أبرز القضايا التي يعرضها الكتاب، قضية روبرتو كالفي، الملقب بـ"مصرفي الله"، الذي وُجد مشنوقًا عام 1982 تحت جسر بلاكفرايرز في لندن، في حادثة اعتبرت منذ زمن طويل جريمة قتل مدبرة على هيئة انتحار، وكان كالفي يدير بنك أمبروزيانو، المتورط في عمليات مالية معقدة ذات صلة بالفاتيكان، وقد أدى انهيار البنك إلى اختفاء ملايين الدولارات، مما أثار الشكوك حول أسباب مقتله.
ويستعرض الكتاب كذلك أدوارًا متباينة لرجال دين بين التواطؤ والمقاومة؛ من الأسقف ألويس هودال، الذي ساعد مجرمي الحرب النازيين على الهرب إلى أمريكا الجنوبية، إلى المونسنيور هيو أوفلاهيرتي، الذي أنشأ شبكة سرية لحماية الأسرى واليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
كما يروي دينويل قصة طريفة لكنها مقلقة، عن كاهن مخمور أفشى عام 1981 معلومات لجهاز الاستخبارات السوفيتي (كي جي بي) حول ما كان يخطط له البابا يوحنا بولس الثاني في حال وقوع تدخل عسكري سوفييتي في أوروبا الشرقية، ووفقًا للمعلومات، كان البابا يعتزم استخدام جوازه الدبلوماسي للعودة إلى بولندا وتحفيز الشعب على الثورة، بدعم أمريكي مباشر.
وزعم الكتاب أنه رغم أن الفاتيكان ينفي رسميًا وجود جهاز استخبارات خاص به، إلا أن الوقائع تقول غير ذلك، فعلى سبيل المثال، في عام 2006، وبعد تعيين تارسيسيو بيرتوني وزيرًا للخارجية، اكتشف أن مكتبه مزروع بأجهزة تنصت، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة. وقد اتهم لاحقًا بإدارة جهاز مراقبة يتجسس على الجميع داخل الدولة، سعيًا وراء ملفات قد تستخدم لابتزاز خصومه.
ووفقا لما ذكره موقع ديلى ميل البريطاني، يزخر كتاب "جواسيس الفاتيكان" بقصص مثيرة من هذا النوع، إلا أن ترابطها ليس دائمًا واضحًا، كما أن بعض الحكايات لا تنطبق تمامًا على التعريف الدقيق لـ"التجسس"، وقد يكون من الأدق وصفها بـ"فضائح"، ويضيف الغموض إلى هذه الروايات ترجمة غير متقنة من الفرنسية.
Trending Plus