الصبر.. فضيلة من ذهب لا يصدأ

محمود عبد الراضي
محمود عبد الراضي
محمود عبد الراضي

الصبر ليس انكسارًا كما يظنه العجولون، ولا هو انتظارٌ صامت بلا نهاية كما يتوهمه المتذمرون، الصبر هو فن التماسك حين تُصر الحياة على اختبارك، وهو القوة التي تلبسها القلوب لا الأجساد، والدرع الخفي الذي يحمي الروح من الانهيار حين تتكالب عليها الأيام.

الصبر ليس استسلامًا، بل وعي عميق بأن الأشياء العظيمة لا تأتي على عجل، وأن ما يُطبخ على نار هادئة يكتسب نكهة لا تشبه استعجال اللحظات، هو أن تُمسك على الألم دون أن تصرخ، وأن تزرع الأمل في أرض قاحلة دون أن تسأل السماء متى تمطر.

هو أن ترى الباب مغلقًا فلا تكسره، بل تنتظر من خلفه قدرًا أجمل، أن تتلقى الضربة دون أن تردّها، لا ضعفًا، بل يقينًا بأن العدل لا يغيب، وأن حسابات الله لا تُخطئ، وإن تأخرت في توقيتنا الأرضي.

الصبر حكاية طويلة، تبدأ من أول وجع ولا تنتهي إلا على أعتاب الفرج، حكاية لا تُروى بالكلمات، بل تُكتب بالدمع المكبوت، بالنَفَس العميق، وبالابتسامة التي تخرج رغم الانكسار، من يصبر لا يعيش أقل، بل يعيش أعمق، لأنه يتعلم كيف يُرمم شقوق قلبه دون أن يُريها لأحد.

في عالم يحترق بالسرعة، بات الصبر فضيلة من زمن نقي، أصبح من يصبر كمن يسبح عكس التيار، يحمل في صدره إيمانًا بأن الفرج لا يُستجلب بالضجيج، بل بالسكينة، أن التأخر لا يعني الحرمان، بل التمهيد لأجمل مما كنا نظن.

والصبر لا يكون فقط على الألم، بل على الناس، على الأذى، على سوء الفهم، على الظروف التي تعاكس كل ما تمنيناه، أن تصبر يعني أن تحترف الانتظار دون أن تفقد نفسك في زحمة الحزن، أن تظل واقفًا حين يجلس الجميع، وتُكمل الطريق حين يتوقف الآخرون.

الصبر مدرسة لا يتخرج منها إلا القادرون على كبح جماح الندم، على تقليم أظافر الغضب، على تمرير المواقف الثقيلة دون أن يفتحوا نوافذ الكراهية، من يصبر يعرف أن الانفجار سهل، لكن أن تُطفئ نيرانك بصمت، هذا هو الإنجاز الحقيقي.

وأجمل ما في الصبر، أنه لا يذهب هباءً، لا دقيقة تُحتسب عليه تضيع، ولا دمعة تسقط في صمته تُنسى، هو خزنة من الدعوات المخبأة، تفتح حين تظن أن الأمل قد نفد، هو وعد سماوي بأن كل مُرّ له نهاية، وكل ضيق له مخرج، وكل غصة لها شفاء.

فاصبر، لا لأنك لا تملك غيره، بل لأنه أقوى ما تملك، وكن واثقًا أن بعد كل صبر، هناك فرج لا يشبه شيئًا، يأتيك لا لأنك استحققت، بل لأنك احتملت.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إنبى يوافق على رحيل مودى ناصر بشرط

أمم أفريقيا 2025.. منتخب مصر يفوز على نيجيريا بعد غياب دام 9 سنوات

أهداف مباراة مصر ونيجيريا الودية

22 قائدا للمنتخبات يدعمون محمد صلاح فى ذا بيست

تعرف على أصوات محمد صلاح وحسام حسن فى جائزة ذا بيست


من إغلاق الفصول الدراسية لارتداء الكمامة.. كيف تستعد أوروبا لإنفلونزا k؟

أسطورة ليفربول يوجه رسالة نارية إلى كاراجر: محمد صلاح لم يخطئ

تعرف على جميع الفائزين فى جوائز ذا بيست 2025

الأهلى يترقب موقف توروب من عرض المصرى لضم محمد سيحا

نتيجة مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية بعد مرور 15 دقيقة.. صور


القبض على أب متهم بقتل ابنه 9 سنوات بسبب خلافات أسرية

محامى عروس المنوفية: المتهم أقر فى التحقيقات بتعديه على زوجته حتى الموت

أحمد صلاح وسعيد يعودان للقاهرة بعد فسخ التعاقد مع طائرة السويحلى الليبى

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

تعرف على رسالة حمزة عبد الكريم إلى الأهلى بسبب عرض برشلونة

الإعدام لسيدة وعشيقها بالمنوفية بعد قتلهما الزوج بحيلة شيطانية

التأمينات الاجتماعية تحدد موعد صرف معاشات يناير 2026.. اعرف اقرب منفذ ليك

وزارة الصحة توجه للمواطنين رسائل هامة لمنع عدوى الأنفلونزا.. صور

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى