كاليفورنيا والصين.. الهجرة والحرب التجارية تحديات لقدرة إدارة ترامب

من الواضح أن الأزمات الداخلية الأمريكية، وأيضا الردود والتفاعلات مع ما أعلنه الرئيس ترامب فى بداية حكمه أصبحت تتخذ اتجاهات أخرى أقرب إلى التراجع وإعادة النظر، خاصة فيما يتعلق بالحرب التجارية مع الصين، أو الضغط على إيران لإبرام اتفاق، وفيما يبدو أن فتح مجالات كثيرة لصراعات ومصادمات من شأنه أن يؤثر على القدرة الأمريكية للتعامل مع حروب وأزمات العالم، بل وحتى الوضع الداخلى يشير إلى مقاومة كبيرة لسياسات مواجهة المهاجرين التى ينتهجها الرئيس ترامب طوال فترات حكمه، ومع هذا يصر الرئيس الأمريكى على السير فى سياساته المعادية للهجرة والسعى لطردهم.
ففى مواجهة مظاهرات سان فرانسيسكو احتجاجا على إجراءات الهجرة ومواجهة المهاجرين، وتصاعد المظاهرات، إلى مواجهة مع ضباط شرطة سان فرانسيسكو، أمر الرئيس ترامب بنشر ألفين من قوات الحرس الوطنى للتعامل مع الاحتجاجات التى تشهدها لوس أنجلوس، وهو ما أعلن رفضه جافين نيوسوم، حاكم كاليفورنيا الديمقراطى، وأنه سيقاضى إدارة ترامب بسبب نشرها قوات الحرس الوطنى، واصفا هذا التحرك بغير الدستورى، ورد ترامب بمضاعفة عدد جنود الحرس الوطنى فى لوس أنجلوس وأمر بـ700 من قوات المارينز لتقديم الدعم، وهدد ترامب باعتقال حاكم كاليفورنيا ووصفه بـ«غير كفء»، ويصر ترامب على السير للنهاية فى المواجهة داخل الولاية ذات الأغلبية اللاتينية، ويبدو الرئيس ترامب مصرا على السير للنهاية فى معركة الهجرة، والتى تشير إلى أنها يمكن أن تتسع بشكل قد يصعب السيطرة عليه، خاصة أنه يفجر خلافات مع الديمقراطيين بشكل كبير.
وفى مقابل السير بإصرار على إنهاء معركة مواجهة التهجير، يبدو أن الرئيس الأمريكى يفضل الطريق التفاوضى فى معركة الحرب التجارية، حيث بدا أقل حدة من السابق، خاصة فيما يتعلق بالحرب التجارية مع الصين، والتى بدأها الرئيس ترامب فى أبريل بإعلان فرض تعريفات جمركية واسعة على الصين وشركاء تجاريين آخرين.وردت بكين بإجراءات مماثلة، ما أدى إلى تصعيد متبادل فى الرسوم، قبل أن يتفق الطرفان فى جنيف خلال مايو الماضى على خفض مؤقت للتعريفات لمدة 90 يوما لتسهيل المحادثات. وآنذاك تم تخفيض التعريفة الأمريكية على الواردات الصينية من 145 % إلى 30 %، فيما خفضت الصين رسومها على الواردات الأمريكية من 125 % إلى 10 %.
وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق اتفاق جنيف، حيث اتهمت واشنطن بكين بالتأخير فى الموافقة على تصدير معادن حيوية إضافية، بينما انتقدت الصين فرض الولايات المتحدة قيودا جديدة على تأشيرات الطلاب الصينيين وقيودا إضافية على صادرات الرقائق، الأمر الذى انعكس على الاقتصاد الأمريكى واضطر ترامب إلى التراجع والانخراط فى مفاوضات للبحث عن حلول وسط تجنب الطرفين حربا تجارية شاملة.
وتواصلت المفاوضات بين الطرفين فى العاصمة البريطانية لندن، حيث اجتمع كبار المسؤولين التجاريين للرئيس دونالد ترامب مع نظرائهم الصينيين فى لندن، وقاد الوفد الأمريكى وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، والممثل التجارى جيميسون غرير. ومن الجانب الصينى هى ليفنج كبير المفاوضين التجاريين فى بكين، ووزير التجارة وانج وينتاو، والممثل التجارى الدولى ونائب وزير التجارة لى تشينج قانج، وتأتى هذه المحادثات بعد أن أعلن ترامب الأسبوع الماضى عن إجرائه مكالمة هاتفية مطولة مع الرئيس الصينى شى جين بينج، فى محاولة لتفادى اندلاع حرب تجارية شاملة.
وتكثفت الجهود الدبلوماسية من كلا الجانبين بعد أسابيع من التوتر التجارى المتصاعد، حيث قال كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادى الوطنى، إن الولايات المتحدة تسعى للحصول على تأكيد بأن الصين ستعيد تدفقات المعادن الحيوية، وهى القضية التى تشغل أهمية للولايات المتحدة.
ويرى محللون اقتصاديون، أن المفاوضات لم تنته بسرعة، وإن كانت التوقعات أن تتم خطوات مؤقتة، لأن الأمر يتعلق بكل جوانب الاقتصاد، وبتدفقات البيانات والمعلومات، والذكاء الاصطناعى، والتكنولوجيا، والدفاع، وهو أمر ترى الصين أنه يتطلب الكثير من الجهد للتوصل إلى حلول لقضايا شديدة التعقيد، وهو ما يشير بالفعل إلى أن قضية الحرب التجارية ليست بالسهولة التى أعلن عنها الرئيس الأمريكى، خاصة أن هناك تحذيرات من خبراء اقتصاديين بأن الصين أيضا لديها ما تستطيع أن تستعمله فى مواجهة الولايات المتحدة.
وهنا يشير المحللون إلى أن معارك مثل مواجهة الهجرة، أو الحرب التجارية ليست أمرا سهلا، ومن شأنها أن تمثل تحديات للإدارة الأمريكية وقدرتها على فتح عدة جبهات فى وقت واحد.

Trending Plus