كتاب أبلة نظيرة القديم.. تعرف على وصفات الطعام فى روما القديمة

يعد "دي ري كوكويناريا" الكتاب الوحيد المعروف الذي وصلنا من العالم اليوناني-الروماني القديم، ومن خلال تصفح وصفاته، يلفت النظر إلى أمر مثير للدهشة أن كثير من أطباقه تبدو مألوفة.
ويشير الكتاب إلى أن أطعمة مثل فطيرة اليقطين، والخبز المحمص الفرنسي، وحتى كبد الإوز، تعود جذورها إلى مطبخ روما القديمة، ما يكشف عن أن هذه الأطباق أقدم بكثير مما نعتقد.
ورغم أن بعض الوصفات قد تعد غريبة أو غير مألوفة لذائقة العصر الحديث مثل الببغاء المشوي، وطائر الفلامنجو المطهو بالخل، والطاووس المغطى بصلصة نبيذ حارة فإن كثيرًا من النكهات والتقنيات المستخدمة في تلك الفترة لا تزال حاضرة اليوم في المطبخ المتوسطي، من الزيتون المخلل، والبيستو، ومربى الفاكهة، إلى الأسماك المجففة واللحوم المعالجة، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبوت.
كما أشار المترجم جوزيف دومرز فيلينج في كتابه "المحادثة" تظهر ملامح بدايات الأطباق المعاصرة بوضوح في هذا العمل، صلصات تشبه الخل، وحتى حساء "البويابيس" الشهير في مدينة مرسيليا الفرنسية.
ويضم الكتاب أيضًا نسخًا مبكرة لأطباق معروفة اليوم، منها الدجاج المطهو بالخمر (لكن باستخدام السمك بدلًا من الدجاج)، و"فوا جرا" (باستخدام كبد الخنزير المطعم بالتين)، والبيض المخفوق (مع السمك بدلًا من اللحم المقدد)، فضلًا عن وصفة للخبز المحمص الفرنسي، كانت تحضر من خبز منزوع القشرة يكسر إلى قطع، يقلى في الزيت ثم يرش بالعسل.
ينسب هذا العمل إلى ماركوس غافيوس أبيسيوس، بالطعام، ويعكس الكتاب ترف فن الطهو في روما القديمة، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن خيط متصل يصل بين تقاليد الطهي القديمة وأطباقنا المعاصرة، فهو أرستقراطي روماني عاش في القرن الأول الميلادي خلال عهد الإمبراطور تيبيريوس
ويحيط الغموض بتاريخ هذا الكتاب، الذي لا يزال يثير فضول العلماء والطهاة حتى يومنا هذا، فقد كتب على شكل دليل تقني، يتألف من عشرة كتب مصنفة حسب الموضوع، ويضم نحو 500 وصفة، كثير منها يتميز بتعقيد كبير.
وكما هو الحال مع معظم النصوص القديمة، يعتقد أن "دي ري كوكويناريا" قد نسخ وعدل عبر القرون، مما يجعل الوصول إلى نسخته الأصلية أمرًا بالغ الصعوبة. ومن المعروف أن نسختين من هذا العمل ما زالتا محفوظتين: إحداهما في مكتبة الفاتيكان، والأخرى في أكاديمية نيويورك للطب، وتعودان إلى القرن التاسع الميلادي.
وبعد مضي أكثر من ألفي عام، لا يزال الكتاب يلقى اهتمامًا بالغًا، لما يحتويه من لمحات عن الحياة اليومية في روما.
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى وصفات أبيسيوس لا سيما الإفراط في استخدام التوابل (الذي قد يكون هدفه إخفاء فساد الطعام)، والمبالغة في النكهات فإنها تظل انعكاسًا لشخصية الأرستقراطي الروماني المترف، ويجمع الباحثون على أن الكتاب لم يكتب لعامة الناس، بل وجه للطهاة المحترفين، مفترضًا امتلاكهم لمهارات وخبرة مسبقة.
Trending Plus