ذكرى روحانية تصل من الأراضى المقدسة للبيوت المصرية.. السبحة والسجادة والعطر من أرض الحرمين أبرز هدايا حجاجنا لأسرهم.. الأسواق تزدحم بضيوف الرحمن بحثًا عن الهدايا المباركة.. والباعة: الحجاج المصريون الأكثر شراء

بعد أن يكمل الحجاج المصريون مناسك الحج بكل ما فيها من خشوع وتعب ومشقة، تأتى اللحظات الأخيرة من الرحلة حافلة بمشاعر مزدوجة من الفرح بإتمام الركن الخامس من الإسلام، والحنين إلى الأهل والوطن.
وبين طواف الوداع وتجهيزات العودة، يتجه الكثير من الحجاج نحو الأسواق والمحال المنتشرة فى مكة المكرمة والمدينة المنورة، لشراء الهدايا التذكارية التى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من طقوس ما بعد أداء المناسك.
ويمثل شراء الهدايا طقسًا اجتماعيًا وثقافيًا عميق الجذور لدى الحاج المصرى، إذ يرى فيه وسيلة رمزية للتعبير عن الامتنان، وتقديم شيء مادى يحمل معه أثر الرحلة الروحية التى لا تتكرر كثيرًا فى العمر.
وبمجرد انتهاء آخر مناسك الحج، يبدأ الحجاج فى ترتيب أوقاتهم لزيارة الأسواق، سواء فى محيط الحرم المكى أو فى المدينة المنورة، لشراء الهدايا التى تنتظرها العائلة بشغف ومحبة.
وتأتى السبح فى مقدمة المقتنيات التى يقبل عليها الحجاج، خاصة تلك المصنوعة من العقيق أو الخشب الطبيعى أو أحجار الحرمين، لما تحمله من قيمة دينية وتاريخية.
ويحرص البعض على انتقاء سبحة خاصة كهدية للوالد أو الجَد، أو حتى للاحتفاظ بها كتذكار شخصى من الرحلة المباركة.
كما تُعد سجاجيد الصلاة واحدة من أبرز الهدايا التى تحظى بإقبال كبير، خصوصًا تلك المزينة بزخارف الكعبة أو المسجد النبوى، والتى تمثل قطعة رمزية من قدسية المكان. وغالبًا ما يشترى الحاج أكثر من سجادة ليوزعها على أفراد عائلته أو أصدقائه المقربين.
ولا تكتمل رحلة الهدايا من أرض الحرمين دون اقتناء العطور الشرقية، وعلى رأسها المسك والعود والورد الطائفى، والتى تعتبر جزءًا من الثقافة المكية، وتحمل عبق الحرم ومجالس الذكر. وتلقى هذه العطور إقبالًا لافتًا، سواء كمنتج فاخر أو هدية خفيفة فى وزنها وعميقة فى معناها.
أما البخور، فيمثل إضافة تقليدية أساسية فى قائمة الهدايا، حيث يُعتبر رمزًا للبركة والطهارة، ويستخدمه الكثيرون فى مصر لإضفاء روحانية على مجالس الذكر أو استقبال الضيوف. ويتنوع البخور المعروض بين الأنواع الفاخرة والمحلية، لتناسب مختلف القدرات الشرائية.
كما يحرص الحجاج على شراء الملابس ذات الطابع الدينى، مثل الجلابيب البيضاء، والعبايات النسائية المطرزة، وأغطية الرأس المزينة بالزخارف الإسلامية.
ويعد هذا النوع من الهدايا محبوبًا لدى فئات واسعة من المجتمع المصرى، خاصة كبار السن الذين يرون فيها امتدادًا لروح الحرمين داخل منازلهم.
ولا ينسى الحجاج الأطفال، حيث يختارون لهم الهدايا الرمزية مثل المصاحف الصغيرة أو المجسمات التى تمثل الكعبة أو المسجد النبوى، بالإضافة إلى الحلوى الخاصة التى تُباع فى محال قريبة من الحرم.
اللافت أن معظم الحجاج المصريين يخصصون جزءًا من ميزانية الحج لشراء الهدايا، رغم ارتفاع التكاليف العامة للرحلة. وتُعتبر هذه الخطوة بمثابة التزام وجدانى تجاه من ساعدهم أو دعا لهم، كما أنها تحمل فى مضمونها رسالة فرح وشكر وإحساس بالمشاركة فى بركة الرحلة.
ويشهد السوق المحيط بالحرم المكى حركة نشطة فى الأيام الأخيرة من الحج، حيث تنتشر محال بيع السبح والعطور والسجاجيد والبخور والملابس فى كل اتجاه، وسط تنوع فى الأسعار وجودة المعروضات.
ويُجيد الحجاج المصريون فن المفاصلة، ويحرصون على الحصول على أفضل سعر، خاصة عند شراء كميات كبيرة.
وفى تصريح لأحد الباعة فى سوق العزيزية القريب من الحرم، قال أن الحاج المصرى من أكثر الجنسيات إقبالًا على الشراء، ويهتم كثيرًا بالتفاصيل الدقيقة فى الاختيار، ويُفضل الهدايا التى تحمل طابعًا دينيًا وشكلًا جماليًا معًا.
وأضاف أن الحجاج المصريين غالبًا ما يشترون بكميات تكفى أسرًا كاملة، ما يجعلهم زبائن مميزين فى هذا الموسم.
وتُعد الهدايا، فى نهاية المطاف، امتدادًا رمزيًا للحج، ومبعثًا للبهجة فى قلوب المستقبلين. فكما ينتظر الأهل رؤية الحاج بعد غياب طويل، فإنهم ينتظرون أيضًا تلك القطعة الصغيرة التى حملها من مكة أو المدينة، لتحمل معهم بركة الرحلة وعبق الأماكن المقدسة.
Trending Plus