أخبار الزمان.. هل كان تابوت آدم فى سفينة نوح؟

أخبار الزمان
أخبار الزمان
أحمد إبراهيم الشريف

المعرفة ليست مضرة، وليس من الضرورى أن نصدق كل ما نعرفه، لكنه بصورة ما يفيدنا ذلك فى فهم طرق التفكير، لذا أحب العودة لقراءة كتب التراث وتأمل ما فيها، خاصة كتب التاريخ، التى تلقى الضوء على بدايات الحياة على لأرض، ومن هذا المنطلق نقرأ معا ما كتبه المسعودى فى كتابه أخبار الزمان 8:

طوفان نوح..

انقطع الوحي بعد إدريس عليه السلام، ومات أولئك النقباء، فكلما مات واحد منهم صور بنوه وأهله صورته في بيت لهم ليذكروه ويستغفروا له، وكان متوشلخ أراد فساد تلك الصور فامتنعوا عليه، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه لمك ومعنى لمك الجامع، وعهد إليه أبوه ودفع إليه الصحف والكتب المختومة التي كانت لإدريس عليه السلام، وكان عمر متوشلخ تسعمائة سنة.

وانتقلت الوصية إلى لمك وهو أبو نوح عليهما السلام، وقد كان رأى أن ناراً أخرجت من فيه، فأحرقت العالم ورأى وقتاً آخر كأنه على شجرة في وسط بحر لا غير.

ولما ولد له نوح عليه السلام ذكر العلماء والكهان ذلك ليمحويل الملك وعرفوه أن العالم يهلك في زمانه وأنه يكون طويل العمر.

وقد كانوا رأوا أنه طوفان يغرق الأرض، فأمر يمحويل أن يبنيا له المعاقل على رءوس الجبال، بنياناً عاليا ليتحصنوا بها، فعملوا منها سبعة معاقل الأصنام التي كانت لهم وعلى أسمائها، وعليها شىء من علومهم ويقال إن الملك عملها لنفسه خاصة.

وكبر نوح عليه السلام فنبأه الله عز وجل وهو ابن خمسين سنة وأرسله إلى قومه، وكان من نعته أنه آدم رقيق البشرة، في رأسه طول، عظيم العينين رقيق الساعدين والساقين، كثير لحم الفخذين طويل اللحية عريضها، طويل، جسيم وكان حياً بعد إدريس عليهما السلام، وهو من أهل العزم من الرسل.

وفي بعض الأخبار أن عمره ألف ومائتين وخمسين سنة، وأنه لبث في قومه يدعوهم إلى الإيمان ألف سنة إلا خمسين عاماً كما قال الله تعالى، وقال من ينكر طول الأعمار على مذهب الفلاسفة إن حياته لبنيه، وكانت شريعته التوحيد والصلاة والصيام والحج ومجاهدة أعداء الله من ولد قابيل، وأمر بالحلال ونهى عن الحرام، ولم يكن فرضت عليه أحكام ولا مواريث ولا حدود، وأمر أن يدعو الناس الى الله تعالى، ويحذرهم عذابه، ويذكرهم آلاءه.

على رأس مائتي سنة من عمره هلك يمحويل ملك الكفرة وملك بعده ابنه الدرمشيل، فشدد في عبادة الأصنام، وأعلى أمرها، وجمع الناس اليها، وأخذهم بالتعبد لها، فأظهر نوح عليه السلام دين الله عز وجل، وكان يدور [في] محالهم وأسواقهم وهيا كلهم يدعوهم الى الله تعالى وكانوا يطوون ذلك عن مليكهم، ويزجرون مع ذلك نوحاً ويهددونه، ويهولون عليه، إلى أن جلت قصته، وعظم أمره، وتحاماه الناس، وتخاطبوا في أمره، الى أن اتصل ذلك بمليكهم  فأحضره وانتهره، وتقدم اليه أن لا يعاود.

ويقال إن الذي فعل هذا يمحويل، وإنه حبسه، وبعد ثلاث سنين من حبسه هلك يمحويل.

وولي الدرمشيل، فأخرجه من الحبس، وتقدم اليه أن ينتهي عن إفساد الدين وسب الآلهة، فكان لكل صنم من أصنامهم الكبار عيد في وقت من أوقات السنة يحضرون وينحرون له ويطوفون به، فحضر عيد يغوث، فاجتمع الناس إليه من كل مكان، فأتاهم نوح عليه السلام، فقام في وسطهم وناداهم أن قولوا لا إله إلا الله، فوضعوا أصابعهم في آذانهم، وأدخلوا رؤوسهم تحت ثيابهم وسقطت الأصنام عند ندائه عن كراسيها، فوثبوا عليه فضربوه وشجوه، حتى سقط على وجهه وسحبوه إلى قصر الملك حتى أدخلوه عليه، وكان في مجلس مزخرف بأنواع الألوان، وبدائع التصاوير والأصباغ، مفروش برفيع الحرير، على سرير مصفح بالذهب، منظوم بالجوهر.

فلما مثل بين يديه قال له: ألم أعهد إليك وأنهك عن التعرض لشيء من أمور الآلهة، و [أن] تدعوهم الى ما لا يعرفونه، وزاد أمرك حتى سجدت الآلهة، وألقيتها عن كراسيها، ومواضع شرفها وعزها؟ من علمك ذلك؟ ومن أين وصل إليك؟ فقال له نوح عليه السلام وهو مخضوب بدمائه: لو كانت آلهة لما سقطت، فاتق الله يا درمشيل، ولا تشرك بالله فانه يراك! فقال له الملك، فكيف قدرت أن تخاطبني بهذا الخطاب! فأمر بحبسه الى أن يحضر عيد الصنم الآخر، فيذبحه له تقربا به إليه، وأمر برد الأصنام على كراسيها.

وأن الدرمشيل رأى رؤيا هالته في أمر نوح عليه السلام، فأمر بإخراجه وتخلية سبيله، وأخبرهم أنه مجنون لا حرج عليه.

وكان في زمانه سويدين الكاهن فعرفهم بأمر الطوفان، وقرب زمانه، وكان يأمر بقتل نوح عليه السلام والله يعصمه منهم.

فولد لنوح بعد خمسمائة سنة من عمره سام وبعده حام وبعده يام وبعده يافث، وطال أمر نوح معهم فلم يؤمن به إلا نفر يسير من العالم، وقيل له أنؤمن بك، واتبعك الأرذلون  .

وقيل كانوا من أهل صنعته، وكان صلى الله عليه وسلم نجارا، ومضت لهم ثلاثة قرون، قرن بعد قرن، ونوح عليه السلام يذكرهم ويدعوهم إلى الله تعالى فلا يزدادون إلا طغياناً وعتواً وتجبرا واستكباراً، وقتل من كان اتبعه فكان يدعوهم الى الله سبحانه فأوحى الله اليه (إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) فحينئذ يئس منهم ودعا عليهم، فقال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) .

وأمر نوح عليه السلام بعمل السفينة وقد قطع الله عن قومه النسل، وكثر عليهم القحط، وقلت عمارتهم وكانوا يستعينون على عبادتهم بأصنامهم ولا تنفعهم.

وابتدأ نوح بعمل السفينة، أقام في قطع خشبها من الساج وفي عملها ثلاث سنين، ثم صنع المسامير وأعد كل ما يحتاج إليه ونصبها في رجب، وأمر أن يجعل طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسين ذراعا، وعمقها سبعين ذراعا.

ويقال إنه لم يدر كيف يعملها فأتاه جبريل عليه السلام، وأمره أن يعملها على صورة الدجاجة وكانوا يهزؤن منه وهو يصنعها فيضحكون منه، ويرمونه بالحجارة وجعل بابها في جنبها، فأقامت بعد أن فرغ منها في البر سبعة أشهر الى أن أخذ من أصحاب نوح الذين كانوا معه ثلاثة رجال فذبحوا الأصنام تقربا ليندفع عنهم القحط فيما زعموا، فحق عليهم العذاب.

وأمر نوح عليه السلام أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين من جميع الحيوان، وكانت الطبقة السفلى للدواب والأنعام والوحوش، والثانية للطعام والشراب، والثالثة لهم وكانوا ثمانين نفساً نوح وبنوه عليه السلام سام وحام ويافث، وأهله وناسه، وحملت الملائكة تابوت آدم عليه السلام من خشب فيه جسده، وكان معهم في السفينة، وكان التابوت بتهامة، وكان معه في السفينة  .

وركب معه المؤمنون من ولد أبيه وجده إدريس عليه السلام، فلما نزلوا من السفينة بنوا قرية وسموها سوق ثمانين، فهي اليوم تعرف بذلك هناك.

ويقال أنه لما اتصل الخبر بدرمشيل، أن نوحا قد ركب السفينة وحمل زاده قال وأين الماء الذي يحملهم؟ فركب في عدة من أصحابه وسار إلى السفينة، وقد أجمع على إحراقها، فنادى نوحا عليه السلام فاستجاب له، فقال وأين الماء الذي يحمل سفينتك؟ قال هو يأتيك في مقامك هذا، فقال وهذا أعجب، إنك تقول إنه يكون في أرض يبس ماء غمر يحمل مثل هذه السفينة، انزل منها أنت ومن معك وإلا أحرقتكم أجمعين، فقال له نوح عليه السلام ما أكثر اغترارك بالله عز وجل، فعجل الإيمان، واخلع أنداد الله تعالى تسلم وترشد، وإلا فالعذاب بين يديك.

فهو في محاورته إذ أتاه من أخبره أن امرأة كانت تخبز في تنور لها، فنبع الماء منه، فقال وما عسى أن يكون من ماء نبع من تنور فقال له نوح عليه السلام ويحك إنه علامة السخط، وكذلك أوحى إلي ربي وآية ذلك ان الأرض تتخلخل من جميعها فأزل فرسك من موضعه، فان الماء ينبع من تحت قوائمه، فأزال الملك فرسه من موضعه، فاذا الماء ينبع من تحت قوائمه، فسار إلى موضع آخر فكان كذلك، وعادت رسله تخبره أن الماء كثر وفار، فرجع الى داره ليأخذ أهله وولده ويمضي الى المعاقل التي كان عملها لنفسه وقيل إن علم الطوفان كان عندهم إلا أنه لم يأت وقته.

لما أراد الله تعالى وكان قد جعل في تلك المعاقل طعاما، فاراد الصعود الى الجبال، فإذا الصخور تنحط على رؤوسهم من أعلى الجبل، وانفتحت أبواب السماء بما لا يعلم قدره إلا الله تعالى من الماء، فساروا لا يدرون أين يتوجهون ويقال إنه كان الماء حارا منتنا ويقال إن يام بن نوح ممن سار الى السفينة مع الدرمشيل، فناداه أبوه (يا بني اركب معنا، ولا تكن مع الكافرين، قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) مع الملك وأصحابه (قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) وقد كان رأى التنور يفور وقيل إن السفينة أقامت في الماء خمسين ومائة يوم، وقال قوم من أهل الاثر إنها أقامت أحد عشر شهرا، وقال آخرون كان الطوفان في رجب ووقفت على الجودي في المحرم

وفي التوارة إن الله تعالى آلى على نفسه أن لا يعذب أمة بعدها بالغرق

وكان بين مهبط آدم عليه السلام وبين الطوفان وفور الماء أربعون يوما، فأمر نوح أن تفتح أبواب السفينة، ثم أرسل الغراب لينظر له فمضى ولم يعد اليه، فدعا عليه أن يكون مباعدا، وأن يكون رزقه في الخوف.

ثم أرسل الحمامة فرجعت وقد انصبغت رجلاها بالطين، فدعا لها أن تكون إلفا لبني آدم ومنقارها ورجلاها مصبوغة من يومئذ، ولم تكن كذلك قبل ثم أرسلها بعد أيام فرجعت وفي مناقرها ورقة خضراء من الزيتون، وقيل كانت من عشب الأرض.

وفي التوراة أن الأرض جفت في سبعة وعشرين من الشهر الحادي عشر، ولما تغيب الماء ووقفت السفينة على الجودي أوحى الله تعالى آلى نوح عليه السلام أن يخرج من السفينة هو ومن معه، فأخرج البهائم والهوام.

وقالوا همَّ الاسد أن يعبث في السفينة فصاح به نوح عليه السلام، فألقى الله الحمى في جسده، وأن النجو آذاهم فلطم الفيل فعطس خنزيرا، فالتقط ذلك النجو [فهو] يعيش منه، وأن الفأر أذاهم فلطم الأسد فعطس هراً.

ونزل نوح عليه السلام من السفينة وبنوه سام وحام ويافث ويحطون، وهو الذي ولد له في السفينة، ولما خرجوا ليستقروا على الأرض بنوا قربة سموها سوق ثمانين فسكنوها، فقال لهم الله أكثروا واملأوا الأرض واعمروها فقد باركت فيكم، ورفعت اللعنة عن الأرض، وآذنت بركاتها وأخرج ثمرها وكلوا مما رزقناكم حلالاً طيباً، واجتنبوا الأوثان والميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق.

ووجه نوح التابوت الذي فيه جسد آدم عليهما السلام الى غار الكنز بمكة فدفن فيه.

ولما كثر ولد نوح عليه السلام قسم الأرض بينهم، فدب إبليس إليهم ليرمي بينهم العداوة والبغضاء فقال لبني حام ويافث إن اباكم أعطى ساما وولده خير الأرض ومنعكم منها وأعلاهم عليكم، ولم يزل بذلك فيهم حتى قتل بعضهم بعضا.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير الخارجية: الرؤية المصرية أن تدير السلطة الوطنية الفلسطينية قطاع غزة

مصرع شخص سقط عليه ونش أثناء تواجده داخل سيارته فى طريق الأوتوستراد.. صور

باريس سان جيرمان يهزم إنتر ميامى برباعية فى حضور ميسى بكأس العالم للأندية

مصر تعرب عن خالص تعازيها للسودان الشقيق في ضحايا حادث انهيار منجم للذهب

اتحاد الكرة يعتمد مسابقات الناشئين وبطولة خاصة لمواليد 2005


محافظ الجيزة يعتمد تنسيق الثانوية العامة بحد أدنى 225 درجة

الخميس 3 يوليو موعد إجازة 30 يونيو.. رئيس الوزراء يصدر القرار رسميا

رئيس مجلس الدولة يؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسي.. صور

وزيرة التضامن توجه بتعويض المتضررين من حادث مخزن الحدايد والبويات بالبراجيل

كايسيدو: لقب مونديال الأندية سيكون تتويجًا لموسم تشيلسي الناجح


موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. تعرف على التفاصيل

حكايات موجعة من حادث المنوفية.. الأهالى يسردون لليوم السابع قصص كفاح الراحلات والموت الجماعى.. رويدا لم تُزف وشيماء لم تُكمل هندستها.. و4 طالبات متفوقات بالإعدادية ينتقلن من دفتر الأحلام إلى سجل الوفيات.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى