مصر الواعية الجادة فى مواجهة قوافل «اللايكات» والمزايدة الدونية

كل من يعرف مصر، يعلم أنها تتحرك فى القضية الفلسطينية من واقع مسؤوليتها ونفوذها وتأثيرها، وليست مطالَبة بتقديم أعذار أو تفسيرات، خاصة إلى تيارات ولجان اعتادت أن تمارس المزايدة اللاإرادية، ومنذ اللحظات الأولى ليوم 7 أكتوبر، كانت مصر حاسمة فى إعلان موقفها بناء على معطيات، وليس بناء على خيالات أو مزايدات تخاطب الإعلام، وتبحث عن تصفيق مدفوع، فقد كان موقف مصر واضحا بعد أيام من عملية 7 أكتوبر، كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يحذر من التهجير أو التصفية، ولم تكن ظهرت هذه المخططات، ومصر تتحرك من واقع خبرة ومسؤولية، وموقف مصر واضح بإصرارها على رفض تصفية القضية الفلسطينية، خاضت مصر أكثر من حرب داخل هذه الحرب وأعلنت حرصها على فتح معبر رفح ودخول المساعدات الإنسانية وتحويل العريش لمكان تلقى ودخول المساعدات بكميات كبيرة، وواجهت أكاذيب الاحتلال بعد احتلال المعبر من الجانب الفلسطينى، والدفع نحو التهجير، وهو ما انتبهت إليه مصر وأعلنت موقفا حاسما وخطوطا حمراء.
كل من يعرف مصر وقيادتها وقواتها المسلحة، يعرف أنها قادرة على اتخاذ مواقفها بشكل مستقل، وأنها لا تخضع للتهديد أو التلويح، ولا تخضع للمزايدة، وواجهت القاهرة خطط التهجير من خلال عقد الفعاليات، أولاها مؤتمر القاهرة، بعد أيام من الحرب، وصولا إلى قمة بغداد والبحرين، وقمة القاهرة الطارئة، والتى كانت تقدم عملا عربيا فى حده الكافى لمواجهة الحرب، انطلاقا من مسؤولية تاريخية، وتصدت لأكاذيب الاحتلال والمنصات المعادية لمصر، والتى كانت تردد ما يطرحه الاحتلال حول قضية التهجير، وتزعم الدعوة لفتح الحدود لأسباب إنسانية، بينما هم يتبنون وجهة نظر الاحتلال، ومن هنا ربما يكون من المفيد ظهور نتوء القافلة التى تزعم اختراق الحصار وتحرير القدس وإغاثة الملهوف، والحقيقة كان من الممكن تقبل هذه الأمور باعتبار القافلة «إياها» اجتهادا إنسانيا، لولا ظهور نتوءات ووجوه «مسجلة إرهابا، ومزايدة، وتمويل»، وبالطبع تدخل فيها أعداد بحسن نية أو سذاجة أحيانا، تشير إلى رغبات إنسانية، لكن هذه الرغبات الإنسانية فى الواقع تفتح الباب لعصابات التمويل والتهجم، والارتزاق، وظهور روابط ووجوه سبق لها أن شكلت مجالس ثورية تتبع إسرائيل أو حلفاءها.
ومعروف أن مصر استقبلت وفودا دبلوماسية كثيرة، وأوصلتها لمعبر رفح لمشاهدة الواقع، حيث تم منع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، من الدخول، وجاء وزراء خارجية إسبانيا وإيطاليا وأوروبا ومنظمات إنسانية ومدنية، وحقوقية، وتم تأمينهم وتقديم التسهيلات لهم، داخل أطر العمل الدبلوماسى والتزام القانون، وهو ما يفترض التعامل معه من أى طرف هدفه إنسانى، وليس إرهابيا أو فوضويا، لكن إذا ظهرت روابط الإخوان أو المرتزقة، وباقى ميليشيات المزايدة، فهنا يمكن الربط بين الأحداث، وتحركات الميليشيات تحت الأرض أو فوقها، وربما يكون من ميزات هذه الأحداث أنها تكشف وعيا عاليا لدى المواطن المصرى الطبيعى، أكبر كثيرا من بعض النشطاء العمقاء، ومدعى الثورية والمهلبية، ممن يكررون نفس الهبل بحسن نية، أو بسوء طوية ومزايدة ومكايدة، يطلبون «لايكات» أو إعجابا من جمهور أصابه الصدأ من العزلة والعيش فى الافتراض، من دون أن يروا رموز منصات الارتزاق وقد عادوا من الموت ليمارسوا دونيتهم ومزايدتهم المحفوظة، الشعب المصرى العادى يجمل وعيا أنضجته التجارب، ويربط خيوط الأحداث أفضل كثيرا من محترفى العمق النشط الممزوج بلطم وشعور بالدونية.
الحقيقة الواقعة أن الاحتلال كان ينتظر «7 أكتوبر» ليتخذها ذريعة لشن حرب دمار، هدفها جعل الحياة فى غزة مستحيلة، وعلى مدار شهور الحرب، واجهت مصر حروبا وأكاذيب، من الاحتلال المتطرف، مسنودا من قنوات التمويل الصهيونى فى الخارج، والتى كانت تحارب مصر فى نفس جبهة إسرائيل، والمفارقة أن بعض مواطنينا - بسذاجة أو تبعية - كانوا يرددون مزاعم إسرائيل ويدعمون خطتها، ويدعون مصر لفتح المعابر حتى يخرج الفلسطينيون من غزة، كان الادعاء إنسانيا، بينما الهدف إسرائيليا، وصمدت مصر على كل الجبهات، وشنت حروبها بكل احتراف، لم تتورط فى حرب كانت فخا أطاح بكل من تورط فيها، واختلفت مصر مع ادعاءات الرئيس الأمريكى ومخططاته ووصل الأمر لتلويح «جيروزاليم بوست» باغتيال الرئيس، بجانب تهديدات وتلويحات ذهبت أدراج الرياح على صخرة مصر القادرة دائما على رسم مواقفها، من مسيرات المصريين وبيانات وخطابات الرئيس السيسى بتأكيد أن مسار الدولة الفلسطينية هو الطريق الوحيد للاستقرار والسلام، مع التأكيد على أن الدول القوية والكبرى مثل مصر تلزمها جيوش قوية وقادرة على الدفاع عن الأمن القومى بأبعاده الشاملة، جيش رشيد يحمى أمنها القومى، بتوازن وردع غير قابل للتصرف.
ربما من ميزات ظهور ذباب المزايدة، والسذاجة أن تتجدد تأكيدات شعب مصر بأغلبيته، أنه منتبه لما يجرى فى الشمال والجنوب والغرب والشرق، وما تقبل عليه المنطقة، ولا يحتاج إلى هلام الادعاءات الساذجة والعمق من أجل «اللايكات».
مقال أكرم القصاص بالعدد الورقى لليوم السابع
Trending Plus